عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2014-04-30, 12:18 AM
ملح محلى(أم عبدالملك)
معبرة معتمدة رقم4
الصورة الرمزية ملح محلى(أم عبدالملك)
رقم العضوية : 92121
تاريخ التسجيل : 29 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 2,909

غير متواجد
 
افتراضي أنا شيء معلق .. (قصة بقلمي)
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





أنا شيء معلق و(معلّق) هنا يعني أنني ثابت في مكان لا أتغير عنه وكأنني علقت رغما عني

أيضا اكتشفت في الآونة الأخيرة أنني عالق حتى في البعد الزماني .. مهمل .. علقت في عالم النسياااانِ





أنا شيء كنتُ ذات بدءٍ في متجرٍ عام التقطتني يدٌ غليظة لتتأملني قليلا ... قلبوني ثم وضعني في عربة التسوق واستداروا بي قليلا





في المنزل كنتُ محطَّ اهتمام الجميع ... كلُ واحد ٍمنهم (الأب والأم والأطفال) يشير إلى مكان .. ضعوه هنا .. لا هنا

الأب ضعيها على الجدار بجانب المغسلة





الأم : لا لا ينفع سأضعها في الصالون أمام طاولة الطعام حتى لا نتأخر عن موعد المدرسة والدوام و مواعيد الطعام

أحد الأطفال : ماما ضعيها في غرفتنا قبالة سريري .. حتى أعرف موعد نومي

الآخر: لا قبالتي أنا





...

لا بد أنكم عرفتم انني أنثى .. وأنني أعنى بالمواعيد .. وأنني





.

.

ساعة حائط





أنا شيء كانت النظرات لا تفارقني .. فكلما نظروا إلي صرخوا

- هيا الإفطار جاهز لا تتأخروا عن المدرسة

- هيا نخرج قبل أن تحل الساعة الخامسة فقد واعدنا الناس أن نزورهم في الخامسة

وصوتٌ ناعم وعميق وحنون ينادي:

هيا يا أحبابي موعد نومكم الآن





لو كنت وجها بشريا لرأيتم ابتسامتي لتلك الجملة .. فهي تعني موعد الراحة وانتهاء الصخب في الصالون .. لن يصرخ أحدهم بعدها حتى الصباح





أنا شيء .. حاضر من البعد الزماني .. لأرتب فوضى المكان

أنا الليل الذي يكرهه الصغار لأنه يقطع وقت لعبهم ويرغمهم على النوم

أنا الموعد الذي يرمي حجرا على صفحة الماء فيصاب أهل البيت بالتوتر .. ويفزعوا إلى أعمالهم





أنا الأكثر مشاهدة ولا فخر





كانت التسعينيات هي العصر الذهبي بالنسبة لي فالحنونة الجميلة لا تنفك أن تنفض عن وجهي الغبار والأب ينظر لي باهتمامٍ شديدٍ مع قربِ وقت الصلاةِ

ومع كل دوام .. وكل ساعة خروج





أظنه ينظر في وجهي أكثر مما ينظر في وجه زوجته





والصغار .. آهٍ من حكاياهم





بدأت علاقتي معهم عندما دخل الطفل الكبير المدرسة وبدأت أمه تعلمه على قراءتي .. لا أنسى نظراته المبهمة .. التي تحاول قراءتي وكأنه يحل معادلة صعبة في الرياضيات





رسمتني أمهم على عدة لوحات وهي تحاول جاهدة أن تبين لهم ماذا تعني عقاربي؟





كنت أبتسم في كل مرة يقرأني الصغير خطأً .. كنت أحس بالغموض وأنني صعبة .. وأني عزيزة الفهم .. فلا يستطيع قراءتي غير الأذكياء الكبار





ألا ترون؟ حتى صفاتي صفات أنثوية مغرورة





أنا شيء .. أكثر شيءٍ في المنزل يشار له بالبنان





أنا أكثر شيء تُحترمُ مواعيدهُ فتُطفأُ الأنوارُ .. وتُغلق الأبواب ليلاً





وتفُتح الستائر في حضرة الساعة السادسة صباحاً





أنا شيء





عشت أجمل أيامي في التسعينيات .. كما أن أجمل أوقاتي هي التاسعة مساءا .. حيث يتهدهد إلى سمعي صوت الحكايات

حكايات قبل النوم التي ما لبثت أن انقطعت بعدما شب الصغار .. ولم تعد تستهويهم قصص أمهم جميلة بقدر ما تستهويهم قراءة القصص المكتوبة والمجلات والمسلسلات التلفزيونية





ومنذ ذلك الوقت وأنا ...





أنا شيء بدأ يفقد بريقه ... كما فقد الكبار بريق السواد في شعرهم





.

.

.

يتبع


توقيع ملح محلى(أم عبدالملك)
(اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين)

هل تقع الرؤيا على أكثر من معنى؟

التعبير والتشبيه

حفظ الأسرار من آداب التعبير

أم عبد الملك







[/CENTER]