عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 26  ]
قديم 2014-04-15, 1:29 PM
غ الرديني
مشرفة التسويق والعلاقات العامة
رقم العضوية : 185664
تاريخ التسجيل : 15 - 8 - 2013
عدد المشاركات : 742

غير متواجد
 
افتراضي
قبل أن أكمل القصة... أعتذر عن التأخير، فالحقيقة أنا لم أكتبها مسبقا، وإنما أسردها لكم عندما اجد وقتا للكتابة، ووقتي لم يعد ملكي كالسابق، فأرجو المعذرة.
نعود ليوم المولد يوم صدحت حناجر النساء بأناشيد بعضها يحكي حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها في مدحه، ومن ذلك قولهن:


أنت شمس أنت بدر....... أنت نور فوق نـور.......... أنت أكسير وغالـــــي..... أنت مصباح الصدور
يا حبيبي يا محمـــد.......يا عروس الخافقين.......... يا مؤيد يا ممــــــــــجد..... يا إمام القبلتيـــــــــن
من رأى وجهك يسعد... يا كريم الوالدين............. حوضك الصافي المبرد... وردنا يوم النشــــــــور
ما رأينا العييس حنت... بالسرى إلا إليك............. والغمامة قد أظلــــت.... والملا صلوا عليـــــــك.
الخ...

كان لتلك الكلمات أثر جم في إزالة هم المهمومات، وإنارة درب الحائرات، وكم من دموع سكبت حين سمعن المنشدة تردد: ( حوضك الصافي المبرد.. وردنا يوم النشور..) فتذكرن يوم النشور، وتخيلن يده الشريفة تسقيهن، فرددوا جميعا صلى الله عليه وسلم....شعر الجميع بهالة نورانية مستمداه من الصلاة على النبي التي جلجلت سماء البيت، وبعد خروج الأصحاب بقيت أنا وبعض أفراد العائلة كي نرى الولي، ذلك الشخص الذي يعرف صلاحه وخيرته وكراماته كل من قرأ عن سيرته في أمهات الكتب .. وأخيرا حضر كما قلت لكم سابقا ( غائرا )!!!!

تقول غ: أمي... ما معنى غائرا
أمي: آه يا بنتي الصغيرة، كم أنت هادئة وعاقلة، ليتك تبقين كذلك حين أودعك ملتحقة بمدرستك، ثم جامعتك، ليت هذه الخصال تنمو معك وأتجاوز أنا تلك المخاوف التي تكبر مع الأم كلما كبر الأبناء.... اذهبي يابنتي الصغيرة والعبي مع البنات واتركي عنك ما يقوله الكبار..
غ: أمي، هل سيذهب الولي إلى الغار
أمي: لا إله إلا الله، لماذا تصرين على هذا الكلام يا غ... وما الذي ذكرك بالغار الآن؟
غ: الغار الذي أخبرتيني عنه يوم أمس عندما قصصتي لي حكاية قبل النوم.
أمي: ولماذا يذهب الولي إلى الغار؟
غ: لأنه جاء من الغار، ألم يقل أنه جاء غائرا.
أمي: حسنا يا بنتي سأخبرك بمعنى غائرا كي ترتاح نفسك وتكفي عن التخيلات.... جاء غائرا يابنتي تعني جاء ليساعدنا...
غ: سيساعد من؟
أمي: لا أعرف يا غ.... ابقي هادئة وستخبرنا جدتك عن كل شيء.

حسنا عرفنا الآن أنه جاء غائرا، وقبل أن نعرف لأجل من جاء، دعوني أخبركم بعض ما عرفت عن الشخصية التي حضر الولـــــي لأجلها.....

قبل أسبوع من المولد الأخير شكت الجارة السابقة لجدتي من مشاعر الضيق والحزن والكآبة التي تصيبها كلما همت بالدخول لبيت ولدها، ومهما حاولت إخفاء هذه المشاعر فإن الأمر أصعب من قدراتها كسيدة طاعنة في السن، لقد تحملت تلك السيدة كثيرا حتى وصلت لمرحلة يخيل لها أن هناك شعلة نار تظهر وتختفي في المنزل، وكلما نظرت لغرفة نومها وجدت شعلة قرب الباب، وأحيانا بمجرد دخولها المنزل ترى الشعلة أصبحت أكثر قربا منها، وبعد صمت طال لأسابيع شكت هذا الأمر لجدتي، وتوسلت لها إذا جاء الـــولي أبلغيه عن حالي فقد يجد حلا لمشكلتي.
وهذا هو سبب الغارة ذلك اليوم، والآن عندما كبرت عرفت أن كلمة غائرا قصد بها ( أنه جاء لينصرهم، لينفعهم في أمر اشتد عليهم.... )، والشدة التي رأى أنها بحاجة لمن يخرجهم منها هي شدة تلك المرأة العجوز التي لم تعد قادرة على البقاء في بيت ولدها.

ذهبت جدتي إلى فراشها وأشعلت الف علامة إستفهام في عقلي الصغير، كنت أقول في نفسي، ولما تضطر جدتي لتستلقي على سريرها قبل حضوره، لماذا لا تقعد معنا فنراه جميعا، وحتى متى سأظل أترقب رؤيته ولا أحظى إلا برسائلة المبعوثة من خلال جدتي..... لماذا لا تظهر لي يا من شغلت فكري وحيرت ناظري، حتى متى ستبقى عيناي حائرتان لا تبصر مرادهما، عينان أينما التفتت تلاقي خيبة أمل.....

وكالعادة: تتحدث جدتي عائشة مع جدتي فاطمة وهي في حالة بين اليقظة والمنام، ثم تخبرنا بما قاله الولي............ وعندها دب الملل في نفسي، وسئمت البقاء دون نتيجة مرضية بالنسبة لي، فأنا في ذلك العمر لم أكن مدركة لما يقال، فقط أردت رؤيته........... وعندها أقنعت نفسي أن الولي لن يظهر لنا، وأن جدتي فاطمة هي الوحيدة التي تراه، ولذا قررت أن أصمت وأكتفي كغيري بالإنصات لما جاء به من أخبار إلى أن يشاء الله.

طلب الولي من جدتي أن تخبر صديقتها خبرا مفرحا وهو معرفة سبب ما آلت إليه، ولم يكن السبب والعياذ بالله إلا عمل من أعمال السحرة فعلته أم الزوجة، أو الزوجة ( لا أذكر تماما )، بهدف إخراج المرأة من المنزل وإبعادها عن ابنها، ولقد أخبرتها جدتي بمكان السحر الذي أخبرنا به الولي، ووصتها بأن لا تفتحه بل تأتي به إليها كي تفتحه هي، وأوصتها بأن لا تفشي هذا السر، ولا تخبر من فعلت لها السحر بأنها كشفت أمرها.
وبالفعل جاءت المرأة المسكينة بالسحر الذي وجدته في المكان ذاته، وتم إبطاله، ولكنها للأسف لم تستطع الصمت وأخبرت ابنها وزوجته بأنها علمت بأمر السحر.

وزيارة الولي هذه كان فيها أمر مفرح لوالدتي، فقد تكرم علينا الولي بهمسة في إذن جدتي كي تنقلها لأمي، فقال: قولي لأم ( غ )، لا ترهقي نفسك بكثرة الذهاب إلى الأطباء، فولدك الصغير لا بأس عليه، دعيه يركض وينط مع الصبية وتوكلي على الله.
في الحقيقة والدتي كانت تشتكي من كثرة سقوط أخي، فقد كان عمره في ذلك الوقت يقارب السادسة، ولكنه كان ضعيف البنية، ولقد ظنت أن ابنها يشكو من أمر ما وقامت بكل الإحتياطات من ذهاب للإطباء، وتدليك بأنواع من الزيوت، وتغذية سليمة و.... ولكن ظل قلبها مشغول، وفرحت عندما سمعت كلام الولي وتوكلت على الله.

كل هذا الأمر أبلغتنا به جدتي عائشة نقلا عن جدتي فاطمة التي خاطبها الولي، وكانت تتحدث بحرقة بسبب الخبر السيء الذي سمعته، خبر السحر الذي تسبب بأذية للمرأة العجوز... طوى الجميع ما أخبرهم به الولي تلك الليلة، وطويت أنا أيضا تلك الصفحة وتجاهلتها، خاصة وأن ظروفنا تغيرت ولم نعد نزور بيت جدي يوميا بسبب انتقالنا لمدينة أخرى حيث انتقل والدي لأجل عمله الجديد، فنشأت وكبرت وانشغلت عن التفكير بالولي، وعندما التحقت بالجامعة التصقت بالكتب وتعلق قلبي بها وهويتها، وكنت أقرأ كل شيء، وفجأة تذكرته، نعم تذكرت الولي ( ع .ج )، فقلت في نفسي لقد آن الآوان كي أبحث بنفسي عن حقيقته.
وبدأت رحلة البحث، ولكن من أين؟؟

بدأت أبحث عن الأولياء المشهود لهم بالكرامات، واعتمدت الكتب الموثوقة، وانصرفت عن كتب الصوفية لأني خشيت المبالغة التي يصورها بعض غلاة الصوفية حول تلك الشخصيات.
بالفعل، وجدت سيرة الولي ( ع.ج)، وعلمت أنه من أصلح وأتقى الرجال في زمانه، وقرأت عن كرامته، وجدت أن الكثير من علماء المسلمين لم ينكروا كرامته، ولكنهم ذكروا ايضا أن الكثير من المغاليين افتروا عليه في المبالغة بالكرامات التي نسبوها له...... عندها فرحت كثيرا إذ أن أول معلومة كانت صحيحة، وهي معلومة أن هناك ولي أسمه ( ع .ج )، وأنه لقى ربه منذ زمن بعيد... والآن، ما هي صلة هذا الولي بجدتي.

تابعوني غدا إن شاء الله في الجزء الأخير ومع الصدمة الحقيقية حول الولي الصالح وجدتي.

شكرا لمتابعتكم.


توقيع غ الرديني