عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2008-03-22, 8:06 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي

الشبهة الثانية :
استدلالهم بقول الله تعالى :{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} [المائدة :82] .
والجواب : أنَّ من يقف عند هذا الحد من الآية كمن يقف على المصلين في قوله تعالى : { فويل للمصلين} ، لأنك لو استرسلت في قراءة الآية الكريمة فستجد بها قوله تعالى :{ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } ، فالآية في النصارى الذين آمنوا ، وليست في الذين أصروا على كفرهم من الذين جاء وعيدهم في آخر الآيات البينات .

الشبهة الثالثة :
قال أحدهم : من قال اليهود ليسوا على شيء فقد شابه النصارى ، ومن قال النصارى ليسوا على شيء شابه اليهود ، والله أنكر على الطائفتين بقوله :{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} [البقرة :113] .
والجواب : الآية تذمهم ؛لاختلافهم مع أنَّ مرجعيتهم واحدة.
وإلا فما تقول في قوله تعالى :{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} [المائدة:68] . ولو أقاموا ذلك لآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى :{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف :157] .

الشبهة الرابعة :
الاستدلال بالآيات المبينة لنجاة اليهود والنصارى ، كمثل قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة :62] .
والجواب : أنّ هذه الآيات فيمن مات على الإسلام قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ، وهذا بلا خلاف.

الشبهة الخامسة :
الاستدلال بقوله تعالى :{ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ} [المائدة : 43] .
والجواب : ما قاله شيخ المفسرين الإمام الطبري :" كيف تقرون أيها اليهود بحكم نبيي محمد صلى الله عليه وسلم مع جحودكم نبوته، وتكذيبكم إياه، وأنتم تتركون حكمي الذي تقرون به أنه حق عليكم واجب، جاءكم به موسى من عند الله ؟ يقول : فإذ كنتم تتركون حكمي الذي جاءكم به موسى الذي تقرون بنبوته في كتابي، فأنتم بترك حكمي الذي يخبركم به نبيي محمد أنه حكمي أحرى مع جحودكم نبوته " [جامع البيان (4/587)] .

الشبهة السادسة :
أباح الله ذبيحتهم وحرَّم ذبيحة المشركين ، وأباح الله النكاح من نسائهم وحرم نكاح المشركات ، فهذا يدل على أنَّهم ليسوا بمشركين .
الجواب :نصوص الشرع لا يناقض بعضها بعضاً ، قال تعالى :{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرً} [النساء :82] .
فأهل الكتاب اختُصوا ببعض الأحكام، ولا يلزم هذا أنهم ناجون من الشرك الذي نُعتوا به في القرآن والسنة . فالدليل الخاص لا يبطل العام، وإنما يخصص بعض أفراده . ألا ترى أن الله حكم بقطع يد السارق بقوله :{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَ} [المائدة :38] فالآية تعم كل سارق، من سرق ربع دينار أو أقل، ولكن جاءت الأدلة المخصِّصة التي تدل على أنه لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً .

الشبهة السابعة :
الاستدلال بقوله تعالى :{ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [يونس :94] .
قال الإمام القرطبي المالكي :" الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره ... أي : قل يا محمد للكافر : فإن كنتَ في شك مما أنزلنا إليك {فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك } أي : يا عابد الوثن إن كنت في شك من القرآن فاسأل من أسلم من اليهود يعني عبد الله بن سلام وأمثاله " [الجامع لأحكام القرآن (8/339)] .

في الختام :
مما تجدر الإشارة إليه أنَّ من القواعد العلمية المقررة عند علمائنا : أنَّ من لم يكفر الكافر ، أو صحَّح مذهبه، أو شكَّ في كفره، فهو كافر مثله .
هذا فيمن شكَّ ، فكيف بمن شّكَّك .
وهذه فائدة أختم بها :
قال البغوي رحمه الله في تفسيره المعالم (1/255) :" فإن قيل: كيف أطلقتم اسم الشرك على من لا ينكر إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو الحسن بن فارس لأن من يقول القرآن كلام غير الله فقد أشرك مع الله غيره".
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .



تفسير البغوي - (ج 1 / ص 255)
{ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } (1) .
وقيل: الآية منسوخة في حق الكتابيات بقوله تعالى "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"( 5-المائدة ) فإن قيل: كيف أطلقتم اسم الشرك على من لا ينكر إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو الحسن بن فارس لأن من يقول القرآن كلام غير الله فقد أشرك مع الله غيره،