عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2014-03-06, 9:41 PM
البارقه 2009
عضو متميز بالمنتدى (مشرفة سابقة)عضو(3شهور) هدية من الموقع
رقم العضوية : 89449
تاريخ التسجيل : 3 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 17,031

غير متواجد
 
افتراضي هذه ثلاثية السعادة

بدأ حديثه معي بقوله أنا أعيش حياة مترفة ومرفهة فلدي كل ما يتمناه اﻵ‌خرون، فأنا أملك سكنا خاصا وسيارة خاصة وأعيش مع أهلي ولدي وظيفة مرموقة وراتب مريح ودخل إضافي ممتاز، كما اني أملك شخصية اجتماعية جيدة والناس تحبني ولكن على الرغم من ذلك كله، فأنا لست سعيدا وﻻ‌ أعرف السبب في عدم سعادتي.

فالتزمت الصمت ولم أتكلم، ثم نظر إلي وقال فكرت كثيرا في اﻷ‌سباب ولم أعرف سبب عدم سعادتي في الحياة، حتى الدين جربته وصرت متدينا فترة من حياتي فحافظت على صﻼ‌تي وصيامي ولكني مازلت أشكو من عدم سعادتي، فهل لديك تفسيرا لذلك؟ فنظرت إليه وقلت لنفسي التزم الصمت كذلك حتى يتكلم أكثر ﻷ‌ن الفضفضة والكﻼ‌م جزء من العﻼ‌ج، ثم ضرب بيده على المكتب وقال: لقد يئست من الحياة وأشعر بأنها سخيفة وصرت أعتزل الناس وأبتعد عنهم بسبب مشاعري هذه التي حدثتك عنها..

ثم سكت سكوتا طويﻼ‌. فقطعت صمته بقولي: دعني أشرح لك شيئا مهما، إن ما قلته كله وما تمتلكه من مال ومنصب وعائلة وعﻼ‌قات اجتماعية وممتلكات ثمينة كلها نحن نسميها «اكسسوارات الحياة»، فهذه ﻻ‌ تعطيك السعادة ولكنها تساهم في سعادتك لو كان عندك مشروع يقودك للسعادة، فاستغرب من كﻼ‌مي

وقال لي: وماذا تقصد من مشروع السعادة؟ قلت: حتى تكون سعيدا ﻻ‌ بد أوﻻ‌ وقبل كل شيء أن تمتلك (ثﻼ‌ثية السعادة)،
وهي
أوﻻ‌: اﻻ‌هتمام بذاتك وجسدك
وثانيا: اﻻ‌هتمام بروحك وثالثا: اﻻ‌هتمام بعواطفك
وعﻼ‌قاتك،

قال: وكيف ذلك؟ قلت له: أما ذاتك ونفسك فأول خطوة ينبغي أن تقوم بها أن يكون لك هدف في الحياة تعيش من أجله وتسعى لتحقيقه، وهو الذي يعطي للحياة طعما ومعنى، فشعور اﻹ‌نسان بالملل والضيق والرتابة يكون بسبب عدم وجود هدف أو تحد يسعى لتحقيقه، فجمال الدنيا بالتحدي واﻹ‌ثارة والسعي لتحقيق النجاحات، ومن اﻻ‌هتمام بذاتك أن تعطيها حقها من الراحة والنوم وممارسة الرياضة والتأمل فكل ذلك يساهم في سعادتك، أما اﻻ‌هتمام بروحك فارتباطك بالله تعالى بالصﻼ‌ة والذكر واللجوء إليه وقت المحن، يعطيك قوة ويقينا وثباتا في الموقف، وشعورا بالرضا والسعادة وخاصة عندما يزداد إيمانك بخيرية القضاء والقدر أما اﻻ‌هتمام بعواطفك وعﻼ‌قاتك فنعني بها أن نحسن إدارة مشاعرنا فنعبر عنها بطريقة صحية، ففي الغالب عندما نشعر بعدم الرضا من أنفسنا يكون ذلك بسبب عﻼ‌قة خاطئة أو تصرف خاطئ لنا مع اﻵ‌خرين، فلنحافظ على مشاعرنا ﻷ‌نها غالية فﻼ‌ نحرقها بالعصبية أو اﻻ‌نتقام أو اﻹ‌حباط وإنما نصرفها بالحب والمسامحة والمغفرة، أما العﻼ‌قات اﻻ‌جتماعية فإدارتها ليست سهلة والمحافظة عليها صعبة، وخاصة عندما ندخل في خﻼ‌ف مع صديق أو قريب خوكل واحد منا يريد أن يثبت صحة موقفه فتتعالى اﻷ‌صوات ويزداد العناد، فإذا خرجنا من هذه الحالة بسﻼ‌مة صدر واستمرار المودة والعﻼ‌قة فحينها نكون ناجحين اجتماعيا. ثم سكت قليﻼ

‌ وبادرته قائﻼ‌: بعدما تحقق هذه الثﻼ‌ثية عندها لو كان عندك منصب أو مال أو أصدقاء أو عائلة فإنهم سيساهمون في زيادة سعادتك ﻷ‌نك نجحت في التعامل مع «ذاتك وروحك وعواطفك» أما من يهمل هذه الثﻼ‌ثية ويطلب من اﻵ‌خرين أن يسعدوه فإنه لن يجد طعم السعادة.

قال: إن الثﻼ‌ثية التي تحدثت عنها أراها هي اﻹ‌طار لكل ما يملكه اﻹ‌نسان لتحقيق سعادته بالدنيا، قلت له: نعم هذا صحيح، ولو طبقت ما قلته لك فإن كل يوم جديد تعيشه سيكون بالنسبة لك فرصة لتغيير حياتك نحو اﻷ‌فضل، وﻻ‌ يكفي أن يكون لديك حلم أو طموح للسعادة ولكن ﻻ‌ بد من وجود ايمان ومعتقد بأنك ﻻ‌ بد أن تفعل شيئا، فذاتك تحركك وعاطفتك تدفعك وعﻼ‌قاتك تساعدك لتحقيق النجاح والسعادة التي تتمناها، فهذه ثﻼ‌ثية السعادة فﻼ‌ تفوتك، فابتسم وقال: من اﻵ‌ن سأبدأ بها وسأضع هدفا في حياتي ﻷ‌سعى لتحقيقه وشكرا لك على هذه الثﻼ‌ثية الجميلة، فقلت له أعلم أن سعادتك من صنع يديك ﻻ‌ من صنع اﻵ‌خرين والسﻼ‌م.

د/جاسم المطوع


توقيع البارقه 2009

(رب هب لي حكما والحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الأخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم )




قال عبد الله بن مسعود : " لأِن أعض على جمرة حتى تبرد أحب إليّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله ليته لم يكُن ! ".
💕 الرضى جوهر السعادة ، جملنا به يا الله 💕


[ اجعل لي يا الله اثراً طيباً اذكر بهِ بعد رحيلي فالذكر عمرُ آخر ]
اللهم اجعلنا ممن اذا حضر حضر واذا غاب بقي له أثر

اللهم اجعلنا من اهل النفوس الطاهرة و القلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة وارزقناطيب المقام وحسن الختام .