عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2008-03-13, 5:01 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي تأملا ت في سورة المائدة
تأملا ت في سورة المائدة



الشيخ صالح بن عواد المغامسي


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين وإله الآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.

أيها الإخوة المؤمنون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وهذا بعون الله وتوفيقه لقاؤنا حول تفسير سورة المائدة وبه نختم إن شاء الله تعالى هذه السورة، وقد بينا غير مرة أن من منهجنا في التفسير أننا ننتقي ونختار آيات من السورة التي نعنى بتفسيرها وما كان من الآيات معنيا كثيرا بالفقهيات نحاول أن نبتعد عنه لأن هذا له موطن آخر.

{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} (111) سورة المائدة، إلى آخر السورة.

فنقول مستعينين بالله تبارك وتعالى:
هذه الآيات تتكلم عن نبي الله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وقد جرت سنة الله تبارك وتعالى في خلقه أنه ما بعث رسولا إلا وفي الغالب يؤيده بأنصار وأصحاب يعضدونه كما قال الله في حق نبينا صلى الله عليه وسلم {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (62) سورة الأنفال ، كما يجعل فريقا آخر يقاوم ذلك النبي ويعاديه قال الله جل وعلا :{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} (31) سورة الفرقان.

وفي هذه الآيات يخبر الله جل وعلا أنه قذف وألهم في قلوب الحواريين الذين هم أنصار عيسى ابن مريم قذف الله جل وعلا في قلوبهم محبة عيسى والإيمان بالله جل وعلا من قبل ونصرة ذلك النبي الكريم صلوات الله عليه وعلى نبينا.

فقال الله جل وعلا : {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} :
و((أوحى)) في القرآن تأتي على ثلاثة أضرب: تأتي بمعنى الإرسال: وهو الذي يختص بالنبيين وكنا قد تكلمنا عن هذا سلفا وقسمناه إلى عدة أقسام فالوحي الذي يكون به الإنسان نبيا هذا يسمى إرسال.
ويأتي على عدة هيئات بيناها في درس سابق قلنا منها: يأتي بأن يكلم الله جل وعلا العبد من وراء حجاب أو يرسل جبرائيل بذاته أو أن يكون شيئا يقذف في قلب ذلك النبي. وهذا النوع هو الذي يميز به النبيون عن غيرهم.

والنوع الثاني: وحي بمعنى الإلهام قال الله جل وعلا {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} وقال الله تبارك وتعالى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} فوحي الله جل وعلا إلى النحل ووحي الله تبارك وتعالى إلى أم موسى لا يجعل من النحل ولا من أم موسى أنبياء ولكن المقصود الإلهام الذي وضعه الله جل وعلا في النحل ووضعه الله جل وعلا عند أم موسى. وهذا الثاني هو الذي قصده الله بقوله {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي} أي ألهمتهم الإيمان بالله والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم.

النوع الثالث: الوحي بمعنى الأمر قال الله جل وعلا : {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا* وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} هذه {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} أي بأن الله أمرها فأصبح ينجلي عن هذا أن الوحي في القرآن على ثلاثة أضرب:

وحي بمعنى الإرسال. ووحي بمعنى الإلهام.ووحي بمعنى الأمر. وقول الله جل وعلا { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} هو من النوع الثاني أي إذ ألهمت الحواريين أن يؤمنوا بي وبرسولي.
قال الله جل وعلا : {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ} أي الحواريون {آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}.
اختلف في المخاطب بـ اشهد هل هو الله أو عيسى؟ وقواعد القرآن لا تنافي الاثنين أي أشهدوا الله وأشهدوا عيسى على أنهم مسلمون {وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} .
ثم قال الله جل وعلا بعد أن ذكر أن الحواريين كانوا أنصارا لعيسى ابن مريم أي خلصاء وأصحاب وأصفياء ويعضدونه ويؤمنون بالله قال الله جل وعلا: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (112) سورة المائدة.