من ينابيع البسملة
" بسم الله الرحمن الرحيم " افتتح بها كتاب الله , وافتتحت بها كل سورة منه , وهي آية من آيات سورة النمل في قصة سليمان مع بلقيس ملكة سبأ .
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع
" بسم الله الرحمن الرحيم " افتتح بها كتاب الله , وافتتحت بها كل سورة منه , وهي آية من آيات سورة النمل في قصة سليمان مع بلقيس ملكة سبأ .
معناها :
بسم : مفرد مضاف , يعم جميع أسماء الله الحسنى . أي : ابتدئ بكل اسم لله - تعالى -
الله : اسم من أسماء الله الحسنى , معناه المألوه المعبود المستحق للعبادة دون سواه , الكامل على الإطلاق بكل وجه من الوجوه , الذي لا سبيل لنفس في الراحة إلا بذكره , ولا طريق نجاة إلا بعونه .
وهو اسم لم يسم به غيره سبحانه , لذلك ليس له اشتقاق من فعل . وقد وضح بعض النحاة ذلك بقولهم : أن الألف واللام من أصله , لذلك نقول : يا الله , وفي غيره من الأسماء لا نقول: يا الرحمن , يا الرحيم , وإنما نقول : يا رحمن , يا رحيم .
ويقال بأنه الاسم الأعظم , لأن كل الأسماء والصفات يسمى بها ويوصف بها , مثل قول : الله القدوس , الله الحليم .... ويدل على ذلك قوله تعالى : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
الرحمن : اسم من أسماء الله تعالى , مشتق من الرحمة , و معناه ذو الرحمة الواسعة , التي تشمل البر والفاجر , وكل الخلق عموماً . وهذا الاسم دليل الرحمة العامة المطلقة .
وقد ورد في ذلك حديث عن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – أن سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : " قال الله تعالى : أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي , فمن وصله وصلته , ومن قطعها قطعته " رواه الترمذي وصححه .
وهذا الاسم لا يسمى به غير الله .
الرحيم : اسم من أسماء الله تعالى , مشتق من الرحمة أيضاً , و معناه ذو الرحمة الواسعة التي يختص بها عبادة المتقين , المطيعين له , المتبعين لرسله , المصدقين بكتبه . فهو رفيق بهم , شفيق عليهم , لا يرضى لهم الذلة من أي شيء , ورأس الذل في الكفر . لذا خصهم بهذه الرحمة دون غيرهم , وهم شركاء غيرهم في رحمته المطلقة , واختصوا بهذا الرحمة التي أكرمهم بها .
وهذا الاسم يطلق على غيره سبحانه , كما وصف به نبيه – صلى الله عليه وسلم – في قوله تعالى : بالمؤمنين رءوف رحيم [ التوبة : 128 ] .
ومعناها العام :
دعاء , وطلب من الله تعالى , لنيل البركة , والتوفيق على ما قيلت عليه . فعند لفظ اسم الجلالة " الله " اعتراف من القلب بالعبودية له , واسم " الرحمن " طلب ورجاء أن تشملني رحمته العامة التي تشمل حتى الفجار , وحين ذكر اسم " الرحيم " رجاء وتوسل أن يخصني برحمته الخاصة التي يخص بها عباده المتقين .
فكيف يكون حال من يتدبر هذا المعنى , ويقولها بصدق , ويقين , ويستجيب الله له ! .
فضلها :
وردت أحاديث عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – تبين فضل الفاتحة منها :
عن أبي بريدة عن أبيه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : " أنزلت علي آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن داود وغيري , وهي بسم الله الرحمن الرحيم " رواه ابن مردويه .
عن عاصم قال : سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : عثر بالنبي – صلى الله عليه وسلم – فقلت : تعس الشيطان , فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : " لا تقل تعس الشيطان , فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال : بقوتي صرعته, وإذا قلت : بسم الله , تصاغر حتى يصير مثل الذباب " رواه أحمد .
ويقول الصحابي ابن مسعود – رضي الله عنه - : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " فيجعل الله له من كل حرف منها جُنة من كل واحد .
مواضع قولها :
1- في أول كل سورة , ما عدا سورة التوبة . وتقرأ آية في سورة النمل , حيث وردت في قوله تعالى : إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [ النمل : 30] .
2- في الصلاة . وقد اختلف العلماء بين الجهر بها أو عدم الجهر , لكن الثابت عن الخلفاء الأربعة أنه لا يجهر بها في الصلاة – حتى لو كانت صلاة جهرية - .
3- في أول كل عمل يقوم به الإنسان , لما جاء في الحديث " كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم "
4- تستفتح بها الخطبة , ومثلها كتابة الخطابات , ونستنتج ذلك من خطاب سليمان – عليه السلا م- لبلقيس .
5- عند دخول الخلاء . لما ورد في الحديث :
6- عند الوضوء . فعن أبي هريرة وسعيد بن زيد مرفوعاً : " لا وضوء لمن لو يذكر اسم الله عليه " حديث حسن رواه الإمام أحمد .
7- عند الذكر مطلقاً .
8- عند الذبح .
9- عند الأكل والشرب . فعن أبي سلمة – رضي الله عنه قال : كنت في حجر النبي – صلى الله عليه وسلم – وكانت يدي تطيش في الصحفة , فقال : " يا غلام سم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك . " صحيح مسلم .
10- عند الجماع . عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله , اللهم جنبنا الشيطان , وجنب الشيطان ما رزقتنا , فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً " صحيح البخاري ومسلم .
ثمرات قولها :
1- تحقيق عبادة التلاوة , لأنها من آيات الكتاب , ونيل الأجر الذي وعدنا به على تلاوة القرآن .
2- تحقيق الطاعة لله تعالى بذكر أسمائه في البسملة , كما أمرنا في قوله تعالى : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون [ الأعراف : 180 ] .
3- استجلاب رحمة الله – تعالى – العامة والخاصة , بتواطؤ القلب مع اللسان في ذكر الاسمين الرحمن الرحيم , واستشعار معناهما .
4- تحقيق العبودية لله – تعالى – باستشعار عظمته , وذلنا له .
5- استشعار منَّة الله وفضله علينا , برحمته الخاصة التي امتن بها علينا من بين سائر خلقه , مع إشراكه لنا معهم بالرحمة العامة , فنزداد حباً وتعظيماً له , ونسعى لكل ما يقربنا منه .
6- استجلاب الخير والبركة للعمل الذي نريد القيام به , بذكر اسم الله عليه .
7- الحصول على التوفيق في كل أمر من أمورنا الدينية أو الدنيوية , التي ذكرناها عليه .
8- دحر عدونا المتربص بنا , ولا يرضيه إلا هلاكنا . لأنه كما ورد في الحديث السابق , إذا ذكر الله تصاغر حتى يكون مثل الذباب . وإن لم يذكر اسم الله تعاظم .
ام غسان