عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2008-02-29, 11:04 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
ما الحكمة من طلب الهداية في كل صلاة – وتتكرر في اليوم - من المؤمن الذي هو من المهتدين ؟
يقول ابن كثير في تفسيره عن ذلك : ولولا احتياجه ليلاً ونهاراً إلى سؤال الهداية لما أرشده الله تعالى إلى ذلك , فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها , وتبصره وازدياده منها واستمراره عليها , فإن العبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله , فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة , والثبات , والتوفيق , فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله , فإنه تعالى قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه , ولا سيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار . .. اهـ
إذن الهداية في القلب مثل الزرع الذي يحتاج إلى الماء لينمو , ويثمر , فهي محتاجة إلى طلبها من الله لتستمر وتثمر أعمالاً صالحة .
( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) :
كثير من معاني القرآن يأتي تفسير الكلمة أو الأمر بعده ويسمى في النحو " عطف بيان " , وعند المفسرين " تفسير القرآن بالقرآن " .
وهنا الله تعالى يفسر حقيقة الصراط المستقيم , الذي يسأل المؤمن ربه الهداية له . بأنه صراط من أنعم الله عليهم بطاعته وعبادته على الوجه الذي يرضيه , وهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وقد ذكرهم الله تعالى في قوله تعالى ( أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ) [ سورة النساء ] .
( غير المغضوب عليهم ) أي : ليس طريق من غضب الله عليهم لشدة كفرهم , وفساد عقائدهم , وقد غضب الله عليهم لأنهم عرفوا الحق , وجاءتهم الرسل , فلم يستجيبوا لله ولا لرسله .
( ولا الضالين ) أي : المنغمسون في الضلال , لا يرفعون رأساً لنور الحق , ولا يصيغون أذناً لصوته , ولا يديرون فكراَ في جنباته .
وجاءت " ولا " للتأكيد . وهذا التأكيد يدل على أن جهلهم ليس بعذر لهم , فضلالهم من أنفسهم .
وقفات مع عموم السورة :
- يستحب لمن يقرأها أن يقول بعد الفراغ من قراءتها " آمين "
ومعنى ذلك : أي اللهم استجب . فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : " إذا أمَّن الإمام فأمنوا , فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " في الصحيحين .
- ( الحمد لله ) معها يفيض قلب المؤمن بالحب لله – تعالى – الذي يقولها حباً وتعلقاً بالله. لذلك كانت كلمة أهل الجنة عندما فاضت مشاعرهم بما عجزت الكلمات عن التعبير عنه إلا بحمد الله تعالى , كما قال عنهم في قوله تعالى : ( وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) [ الأعراف : 43 ] . وقوله تعالى : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [ يونس: 10 ]
- ( رب العالمين ) هو الرب المنعم المتفضل . وتربيته لخلقه تربية عامة لجميع الخلق, وتتمثل في خلقه لهم , ورزقه الذي لا ينقطع عنهم , وهدايته لهم للانتفاع من كل ما في الكون . وتربية خاصة لأوليائه الصالحين بالتوفيق لطريق الإيمان , والعمل الصالح , حيث يدلهم ويهديهم إلى كل ما ينفعهم ويصرف عنهم كل ما يضرهم , ويدفع عنهم كل العوائق التي تحول بينهم وبين فعل الخيرات .
والرب من أسماء الله – تعالى – وهو الذي يدعو به أنبيائه , ومن ذلك قوله تعالى : " رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ) [ إبراهيم : 40 ] وهذا الدعاء جاء على لسان أبو الأنبياء , الخليل إبراهيم عليه السلام . وقوله تعالى : ( قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء ) [ المائدة : 114 ] وقوله تعالى : ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ) [ يونس : 88 ]
( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ) [ نوح : 28 ]
وكذلك الملائكة كما في قوله تعالى : ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ) [ غافر : 7 ] .
-عند التدبر في قوله تعالى :( الحمد لله رب العالمين ) وقوله تعالى :( الرحمن الرحيم ) وقوله تعالى : ( مالك يوم الدين ) ثم قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وما بعدها من الآيات , تحول الأسلوب من أسلوب الغائب إلى أسلوب المخاطبة , وهو ما يسمى في اللغة العربية " الالتفات " , وهو من أنواع البديع , وفيه نقل الكلام من أسلوب لآخر , وفائدة ذلك حمل المخاطب على الانتباه بسبب تغير الأسلوب ,ويحمله ذلك على التفكير في السبب .
- أن البداية في السورة ثناء على الله تعالى , ثم السؤال ( اهدنا ) , وهذا من كمال حال السائل , وأدعى لقبول دعوته والاستجابة له .
- من السورة يتضح لنا أن الطرق ثلاث :
1- طريق أهل الأيمان – الطريق المستقيم – وهم الذين عرفوا الحق وعملوا به .
2- طريق المغضوب عليهم – اليهود – وهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به .
3- طريق أهل الضلال – النصارى - وهم الذين لم يتعلموا ولم يعملوا .
- تضمنت سورة الفاتحة أنواع التوحيد الثلاثة :
1- توحيد الربوبية في قوله تعالى : ( رب العالمين )
2- توحيد الألوهية , في قوله تعالى : ( الحمد لله ) و قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) .
3- توحيد الأسماء والصفات , في " الله , رب , الرحمن , الرحيم , مالك "
- وتضمنت أيضاً :
1- عقيدة الإخلاص ( إياك نعبد وإياك نستعين )
2- إثبات النبوة ( اهدنا الصراط المستقيم ) وهذه لا يمكن معرفتها , دون اتباع دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم –
3- إثبات الحساب ( مالك يوم الدين )
ام غسان