عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2013-11-29, 6:45 PM
حامد نوار
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 127765
تاريخ التسجيل : 4 - 9 - 2010
عدد المشاركات : 11,179

غير متواجد
 
افتراضي
قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله(12):
لا طائفية ولا حزبية يعقد الولاء والبراء عليها.
أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام, والسلام.
فيا طالب العلم! بارك الله فيك وفي علمك؛ اطلب العلم، واطلب العمل، وادع إلى الله تعالى على طريقة السلف.
ولا تكن خراجاً ولاجاً في الجماعات، فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة، فالإسلام كله لك جادة ومنهجاً، والمسلمون جميعهم هم الجماعة، وإن يد الله مع الجماعة، فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام.
وأعيذك بالله أن تتصدع، فتكون نهاباً بين الفرق والطوائف والمذاهب الباطلة والأحزاب الغالية، تعقد سلطان الولاء والبراء عليها.
فكن طالب علم على الجادة؛ تقفو الأثر، وتتبع السنن، تدعو إلى الله على بصيرة، عارفاً لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم.
وإن الحزبية ذات المسارات والقوالب المستحدثة التي لم يعهدها السلف من أعظم العوائق عن العلم، والتفريق عن الجماعة، فكم أوهنت حبل الاتحاد الإسلامي، وغشيت المسلمين بسببها الغواشي.
فاحذر رحمك اللهأحزاباً, وطوائف طاف طائفها، ونجم بالشر ناجمها، فما هي إلا كالميازيب؛ تجمع الماء كدراً، وتفرقه هدراً؛ إلا من رحمه ربك, فصار على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
قال ابن القيم: العلامة الثانية -عند علامة أهل العبودية- قوله: ولم يُنْسَبُوا إلى اسم أي: "لم يشتهروا باسم يعرفون به عند الناس", من الأسماء التي صارت أعلاما لأهل الطريق, وأيضا فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد يجري عليهم اسمه فيعرفون به دون غيره من الأعمال, فإن هذا آفة في العبودية, وهي عبودية مقيدة, وأما العبودية المطلقة, فلا يعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها, فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها؛ فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم, فلا يتقيد برسم ولا إشارة ولا اسم, ولا بزي, ولا طريق وضعي اصطلاحي,بل إن سُئل عن شيخه, قال: الرسول صلى الله عليه وسلم,وعن طريقه, قال:الإتباع,وعن خرقته قال: لباس التقوى,وعن مذهبه قال: تحكيم السنة,وعن مقصوده ومطلبه, قال:يريدون وجهه,وعن رباطه وعن خانكاه,قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [سورة النــور : 36-37], وعن نسبه قال:

أَبِي الإِسْلَامُ لَا أَبَ لِي سِوَاهُ
إِذَا افْتَخَروا بِقَيْسٍ أَوْ iiتَمِيمِ


وعن مأكله ومشربه؟! قال: ما لك ولها! معها حذاؤها وسقاؤها, ترد الماء، وترعى الشجر، حتى تلقى ربها.

واحَسْرَتَاهُ تَقْضِي العُمْرَ وَانْصَرَمَتْ
سَاعَاتُهُ بَيْنَ ذُلِّ العَجْزِ iiوَالكَسَلِ
والقَوْمُ قَدْ أَخَذُوا دَرْبَ النَّجَاةِ iiوَقَدْ
سَارُوا إلى المطْلَبِ الأَعْلَى عَلَى مَهَلِ



ثم قال ابن القيم رحمه الله: قوله أولئك ذخائر الله حيث كانوا, ذخائر الْمَلِك ما يخبأ عنده, ويَذْخُره لمهماته, ولا يبذله لكل أحد, وكذلك ذخيرة الرجل ما يذخره لحوائجه ومهماته, وهؤلاء لما كانوا مستورين عن الناس بأسبابهم, غير مشار إليهم ولا متميزين برسم دون الناس, ولا منتسبين إلى اسم طريق أو مذهب أو شيخ أو زي, كانوا بمنزلة الذخائر المخبوءة, وهؤلاء أبعد الخلق عن الآفات, فإن الآفات كلها تحت الرسوم والتقيد بها, ولزوم الطرق الاصطلاحية, والأوضاع المتداولة الحادثة هذه هي التي قطعت أكثر الخلق عن الله وهم لا يشعرون, والعجب أن أهلها هم المعروفون بالطلب والإرادة والسير إلى الله, وهم إلا الواحد بعد الواحد المقطوعون عن الله بتلك الرسوم والقيود, وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؟ فقال: مالا اسم له سوى "السنة" _يعني _ أن أهل السنة ليس لهم اسم ينسبون إليه سواها, فمن الناس من يتقيد بلباس لا يلبس غيره, أو بالجلوس في مكان لا يجلس في غيره, أو مشية لا يمشي غيرها, أو بزي وهيئة لا يخرج عنهما, أو عبادة معينة لا يتعبد بغيرها وإن كانت أعلى منها, أو شيخ معين لا يلتفت إلى غيره وإن كان أقرب إلى الله ورسوله منه, فهؤلاء كلهم محجوبون عن الظفر بالمطلوب الأعلى, مصدودون عنه، قد قيدتهم العوائد والرسوم والأوضاع والاصطلاحات عن تجريد المتابعة؛ فأضحوا عنها بمعزل, ومنزلتهم منها أبعد منزل, فترى أحدهم يتعبد بالرياضة والخلوة وتفريغ القلب, ويعد العلم قاطعا له عن الطريق.
فإذا ذكر له الموالاة في الله والمعاداة فيه, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, عدَّ ذلك فضولا وشرا, وإذا رأوا بينهم من يقوم بذلك أخرجوه من بينهم؛ وعدوه غَيْرا عليهم, فهؤلاء أبعد الناس عن الله وإن كانوا أكثر إشارة - والله أعلم.أهـ
أخي الحبيب:إن سُعار الحزبية محرق, وسمها قاتل؛ كم مكر أخٌ بأخيه حتى أرداه في لجج الفتن, وكم عُطل من أمر بمعروف أو نهي عن المنكر؛ فما شتت القلوب, وفرق بين الجموع, إلا الحزبية, ولذا يجب لأهل السنة أن يعلنوا عن هُويتهم, ويبينوا منهجهم, ويحذروا من الحزبية والعصبية, لهذا نجد أن العلماء رحمهم الله, كانوا يهتمّون بتمحيص رجال الحديث، فنراهم يميّزون السني من المبتدع، قال محمد بن سيرين رحمه الله(13): لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السنة فيُؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يُؤخذ حديثهم.
وكان حال السلف في وضع العلم, لا يضعونه إلا عند من يحسن استعماله.
عن أبي داود الطيالسي قال:جهد وكيع أن يسمع من زائدة بن قدامة(14) حديثا واحدا؛ فلم يسمع حتى خرج من الدنيا،فقيل لأبي داود: وكيف سمعت أنت؟ قال: كان يستشهد رجلين عدلين على أن هذا صاحب جماعة؛ وليس بصاحب بدعة، فإذا شهد عدلان؛ حدّثه،قال أبو داود: وكنت بمنى, وحضر سفيان الثوري، فكان يُكرمني ويقول: ذاكرني بحديث أبى بسطام(15) فقلت لسفيان: أُحب أن تكلِّم زائدة في أمري حتى يحدثني، فجاء إلى زائدةفقال: يا أبا الصَّلت! حَدِّث صاحبي هذا؛ فإنه صاحب سنة وجماعة، فقال: نعم يا أبا عبد الله.(16) وبعد هذه النقول؛ فإنه لحريٌّ بمن كانت هذه همّته, وهي: "حفظ بيضة الإسلام من الدخلاءِ"؛ أن يكون له منهجٌ مباينٌ لكلّ المناهج المخترعة, المضاهية لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم في العقيدة والإتباع.
وحريٌ أيضاً أن يكون أصحابها هم المعنيّون بالفرقة الناجية, والطائفة المنصورة كما جاء في بعض الأحاديث، وكما فسّرها غير واحدٍ من الأئمة المعتبرين.
كما جاء في الحديث عن أَبَي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ؛ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِهِ, وَمَنْ دَعَا دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ جُثَاءُ جَهَنَّمَ), قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ:(نَعَمْ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى, وَلَكِنْ تَسَمَّوْا بِاسْمِ اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ عِبَادَ اللَّهِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ). (17)



يتبع >>>>




توقيع حامد نوار