الرؤى في القرآن (مشاركة من الزوار)
الرؤى في القرآن (مشاركة من الزوار)
وردت كلمة الرؤيا والحلم في كتاب الله عز و جل بما تحمله كل كلمة من دلالات ، وحرص القرآن على الربط بين الوحي المبارك وبين كلمة ( رؤيا ) وليس كلمة ( أحلام ). كما وردت كلمتا ( منام ، أحاديث ) في القرآن للدلالة على الرؤى والأحلام .
ونسبت كلمة أحاديث في الآيات التي وردت فيها في سورة يوسف إلى الله من حيث المصدر كما في قوله تعالى :-
( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث )
( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث)
( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث )
مما يثبت إن هذا العلم هو علم تلقيني وهبي يهبه الله لمن يشاء من خلقه لحكمة يراها الله سبحانه وتعالى ، وسميت أحاديثاً لكونه حديث إلى شخص بعينه بخبر معين ، أو لكون الناس يحدثون به بعضهم البعض لغرابته .
والرؤيا الصالحة
ويعبر عنها بالصادقة في النوم هي : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، فروى الطبراني بإسناد صحيح ( رؤيا المؤمن كلام يكلم العبدَ ربهُ في المنام ) والرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له حالة شريفة جعلها الله للخلق بشرى في الحياة الدنيا كما قال تعالى : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) يونس64.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انفتل من صلاة الغداة يقول لأصحابه ( هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ) فيقصون عليه ما رأوا ، يستبشر عليه الصلاة والسلام بما وقع من ذلك مما فيه ظهور الدين وإعزازه .
لذلك كان الصحابة إلى جانب تصديقهم بالرؤيا يحتفلون ويهتبلون بها ، بل كان واحدهم يلوم نفسه إذا لم يرها ، أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( إن رجالاً من أصحاب رسول الله كانوا يرون على عهد رسول الله فيقصونها على رسول الله فيقول فيها رسول الله ما شاء ، وأنا غلام حديث السن بيتي المسجد قبل أن أنكح ، فقلت في نفسي :- لوكان بك خير لرأيت مثل مايرى هؤلاء ) وكان أبو بكر يقول ( لأن يرى لي رجل مسلم مسبغ الوضوء رؤيا صالحة أحب إلي من كذا وكذا ( فتصديق الرؤى من سمات الإحسان فهي باب عظيم من أبواب الغيب ومن سنن الله الماضية في تأييده لعباده الصالحين وهي الباب الذي بقي مفتوحاً لوصل الصالحين بربهم . والأنبياء والرسل يأتيهم الوحي من الله أيقاظاً ورقوداً فإن الأنبياء لا تنام قلوبهم وهذا ثابت في الخبر المرفوع قال صلى الله عليه وسلم ( إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا )
فبعدما تطرق القرآن أكثر من مرة إلى عالم الرؤيا والتعبير في قصة يوسف وقصة إبراهيم وإسماعيل عليهم الصلاة والسلام وحفلت السنة النبوية بتنظيم أحكامها ، اهتم العلماء بها في كتب السنة والحديث والسير وأفردت لها أبواباً في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم والترمذي .
واعتد عليه الصلاة والسلام بما نقل عن رؤيا أمه عندما حملت به وذكرها من إحدى المبشرات بنبوته وقرن بينها وبين المبشرات بنبوته الواردة في القرآن الكريم كدعوة إبراهيم عليه السلام لأهل مكة- في سورة البقرة آية 29- ، وبشرى عيسى عليه السلام برسول يأتي من بعده اسمه أحمد- في سورة الصف آية 6- فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، قال :
( إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمجندل في طينته وسأنبئكم بأول ذلك ، دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات النبيين َيرين )
وفي حديث أبي أمامة قال ( قلت يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك ؟ قال :- دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى ،ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام ) أي أنها رأت مناماً حين حملت به وقصته على قومها . وعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا :- يا رسول الله أخبرنا عن نفسك ، قال ( دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي كأنه يخرج منها نور أضاءت له قصور ُبصرى من أرض الشام ) إسناده جيد وله شواهد .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الرؤيا وأقسامها وآدابها أحاديث كثيرة لعل من أجمعها:
( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً ، ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة ، والرؤيا ثلاثة : فرؤيا صالحة بشرى من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه ، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس ).
يتبع
|
[line]
يمكن الاستفادة من المقالة بشرط :
الإحالة للموقع وصاحبه فقط ومن ينقل أو يقتبس دون إحالة فهو عرضه للعقاب الدنيوي والأخروي ..
التعديل الأخير تم بواسطة الزاهرة ; 2008-02-25 الساعة 9:07 AM.
توقيع الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
|
|