اتعبتني ياقلب عسى الرحمن أن يرحمك ..
خرجت من نفسي وروحي .. أتأمل ذلك القلب .. فالتففت عليه .. واتيته من كل زاوية .. اقلبه وهو المتقلب فى صفته ومعناه ..
فإذا بي أرى ما احزني وكدر خاطري .. مابين طعنة جحود .. ورمية نكران .. وضربات من الظلم ..وتمزيق شوق .. وظلام ُ هجران .. وندبات حنين مازالت لم يندمل جرحها ..
أواااه يا قلبي .. أهذا كله فيك .. وأنت صابر .. وأنت صامت ..
أراه وأنا فى خارجه " ممات كحياة .. وحياة كالممات " كأطلال منزلٍ قديم يحكي قصة زمان وتاريخ ..
واستعجبت من استمرار نبضه .. وإنه بالكاد يضخ بعض تلك القطرات من الدم التى تصبرت كل هذه المعاناة لإكمال مسيرة الحياة مع ضعفها وتغيّر لونها ..
اراه وقد أعيته الآلام .. من أحمال تهدُ الجبال ..
لا يدري إلي أين .. والي متى .. وكيف .. وما حيلته إلاّ .. ولعلّ .. وعسى ..
قد كنت أراه فى الماضي منتشيا " يزهو " .. بلا بطر ولا فجور .. مخمومٌ بلا فطور .. محباً .. ومحبوبا لدى الجميع ..
وفي تـأملي هذا أجده قد ضمه الوجد والألم سكوناً فلا تسمع الا همس صفير ألأنين ..
أوووااااه يا قلبي ..
ضربات .. وطعنات .. وجحود .. ونكران .. أملت عليك الصمت والسكون ..
أملت عليك ان تعيش في شجون لا تبالي ان أحسسها قريب ام بعيد .. ام لم يلقي لها بالا ذلك الإنسان العجيب .
اوااه ياقلبي ..
غمرك الاصفرار .. وأصبحت كالحقل الهشيم .. في المزرعة المهجورة بعدما كانت أرضك عامرة .. وجنتك بالخضرة ناضرة ..
أراك كالغريب أو عابر سبيل تنتظر ساعة لا يخلفها منّا احد .. وهل يرجى من بعد الأسى الانتظار..
وأكملت الباقي .. وأجهدت عليك .. شرارات الشوق والتحنان والحسرة والألم..
كلما طرق الخاطر في ذكر من مضو وسارو قدحت تلك الشرارات حتى لا تبقى عليك بقية ..
مسكينٌ أنت يا قلبي .. كم تحملت وكم سوف تتحمل ..؟!!
كنت تحنو.. وتواسي .. وتخفف عن كل قلب يحتاج الي ذلك .. حتى يظن صاحب القلب انك لم تفعل ذلك الا معاه فقط .. حتى غمرك فيض القلوب ..
وها أنت الآن يا قلب .. تبحث فى ظلام اليل البهيم عن بارقة أمل .. يحنو كما تحنوا ولكن وااا اسفاه .. لا أمل .. بل أصبح الكل الم .. حتى اقرب المقربين إليك ..
واراك تمضي ياقلب .. تُسكـِّنْ نزف الجراح .. وتتمتم بتمتمات عسى ان يقبلها رب البشر ..
اتعبتني يا قلب عسى الرحمن أن يرحمك ..
كتبه أبو عبد الرحمن الطيّب