عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2013-10-23, 8:40 PM
ذِكـــْر و ذِكْـــرى
عضو فعال بالمنتدى
الصورة الرمزية ذِكـــْر و ذِكْـــرى
رقم العضوية : 175644
تاريخ التسجيل : 12 - 8 - 2012
عدد المشاركات : 477

غير متواجد
 
افتراضي تـوالــــد المعـــاصي !!!
تـوالــــد المعـــاصي !!!

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ فى كتابه " الجواب الكافى لمن سأل عن الدواء الشافى " :
إن المعاصي تزرع أمثالها ، و تولد بعضها بعضا ، حتى يعز على العبد مفارقتها و الخروج منها ، كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ، و إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها : اعملني أيضاً ، فإذا عملها ، قالت الثالثة كذلك و هلم جرا ، فتضاعف الربح ، و تزايدت الحسنات .

و كذلك كانت السيئات أيضاً ، حتى تصير الطاعات و المعاصي هيئات راسخة ، و صفات لازمة ، و ملكات ثابتة ، فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه ، و ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، و أحس من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء ، حتى يعاودها ، فتسكن نفسه ، و تقر عينه .

و لو عطل المجرم المعصية و أقبل على الطاعة ؛ لضاقت عليه نفسه و ضاق صدره ، و أعيت عليه مذاهبه ، حتى يعاودها ، حتى إن كثيراً من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها ، و لا داعية إليها ، إلا بما يجد من الألم بمفارقتها .

كما صرح بذلك شيخ القوم الحسن بن هانئ حيث يقول :
و كأس شربت على لذة *** و أخرى تداويت منها بها

و قال الآخر :
فكانت دوائي و هي دائي بعينه *** كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

و لا يزال العبد يعاني الطاعة و يألفها و يحبها و يؤثرها حتى يرسل الله سبحانه و تعالى برحمته عليه الملائكة تؤزه إليها أزا ، و تحرضه عليها ، و تزعجه عن فراشه و مجلسه إليها .

و لا يزال يألف المعاصي و يحبها و يؤثرها ، حتى يرسل الله إليه الشياطين ، فتؤزه إليها أزا .

فالأول قوي جند الطاعة بالمدد ، فكانوا من أكبر أعوانه ، و هذا قوي جند المعصية بالمدد فكانوا أعواناً عليه .
*****

منقول