*******
عدت إلى قريتي مرة أخرى ,,,
قريتي الجميلة الوادعة الواقعة بمحاذاة " النفود " ..
وصلتها متأخراً في ليلة شتاء وقد لفها الهدوء إلاٌ من نسمات
هواء باردة تحمل معها رذاذ المطر ..
وصوت حفيف الأشجار وسعف النخيل يقطع صمت المكان .
دخلت حاملاً حقيبتي وذكرياتي ,,,
تجاهلت صوت صرير باب خشبي يُفتح ..
وتقدمت بخطوات مثقلة وجسد متعب أمشي بشارعها
الترابي ولسعات البرد تحيط بي من كل جانب وأنا أنظر
إلى القمرفوق أسطح المنازل الطينية المهجورة وكأنه يسألني
من أنت ؟ وماذا تريد ؟
جلست ألتقط أنفاسي على عتبة بيت " جدي " ..
وتسربت رائحة الأطلال إلى أنفي وعادت بي إلى الماضي..
وأزحت ستارة الزمن أتخيل أهل ذلك " الزمان " ..
وبدت أمام ناظريٌ فروع الأشجار وجذوع النخيل الباسقة
الصامدة .. صامتة وحزينة تعاني الوحدة والعزلة والهجران .. !
هنا كان مجلسهم وذاك مكان سمرتهم كأني أستمع إلى
ضحكاتهم .. وإلى قصصهم وإلى أحلامهم البسيطة
كبساطة زمنهم .
أطرقت رأسي وحملني الحنين والشوق
لم يبق منها سوى جدران طين وبقايا أبواب ونوافذ خشبية ..
وشارع ترابي على جانبيه بيوت الطين قد تآكلت قواعدها
وسقط بعضها ليكشف عن غرف صغيرة وموقد للطبخ في
إحدى الزوايا ولا زالت آثار الرماد والسواد عالقة بالجدار..
وبقايا ملابس وأمتعة متواضعة متناثرة هنا وهناك .
تناهى إلى سمعي أصوات الطيور..
وتأملت تباشير الفجرمن وراء الجبل الأشم
نهضت من مكاني وصوت المؤذن ينادي
من بعيد / الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ..
ألقيت نظرة أخيرة على قريتي ..
وقدعلقت دمعتين بين الأهداب تشهد
على أفول قرية كانت تضج بالحياة ..
بقلمي ..