التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكارة برحابة صدر
وبقوة إرادة , ومناعة أبيه وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع ؟!
هل عندك حل لنا غير الصبر ؟ هل تعلم لنا زاداً غيره ؟
كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب ,
وميداناً تتسابق فيه النكبات كلما خرج من كربة زارته كربة أخرى ,
وهو متترس بالصبر , متضرع بالثقة بالله .
هكذا يفعل النبلاء , يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضاً .
دخلوا على أبي بكر - رضي الله عنه - وهو مريض ,
[ قالوا ألا ندعو لك طبيباً ؟ .
قال : الطبيب قد رأني .
قالوا : فماذا قال؟
قال: يقول : إني فعال لما أريد [
واصبر وما صبرك إلا بالله , اصبر صبر واثق بالفرج ,
عالم بحسن المصير , طالب للأجر , راغب في تكفير السيئات , اصبر ,
مهما ادلهمت الخطوب , وأظلمت أمامك الدروب ,
فإن النصر مع الصبر , وإن الفرج مع الكرب , وإن مع العسر يسراً .
قرأت سير عظماء مروا في هذه الدنيا ,
وذهلت لعظيم صبرهم وقوة احتمالهم ,
كانت المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء بارد
وهم في ثبات الجبال , وفي رسوخ الحق ,
فما هو إلا وقت قصير فتشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج ,
وفرحة الفتح , وعصير النصر , وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده ,
بل نازل الكوارث وصاح في وجه المصائب متحدياً .
د. عائض القرني