وتمر بضع ايام قلائل..ويشاء الله بأن لاأذهب رغم جموح رغبتى لزيارتك مره ومرتين وعشرا
ثم تصلنى اخبار بأن حالة جدي بتدهور سريع فلقد اصابه فشل كلوي...وبعض اجهزته الداخليه لاتصدر اشارات
وهكذا بدأ جسده يستسلم حتى ظهر ليلة وفاته لزواره هادئ جدا كما وصفوه بدون حراك ساكن الجوارح
منشرح الاسارير ...
فيمضى يوم ا لثلاثاء ثقيل على نفسي والكل لحظ على التغير والجميع يكتفنها لتوتر
وكأنه ينتظر شيئ ما...في الصباح ا لباكر من الغد كنت بالقرب من امى ليدق جرس الهاتف
امى أمى الهاتف يرن...
لتنظر لى وكانها تتعجب ..وحق لها فهذا شيئ معتاد في هذه الساعه لان صديق اخى يخبره بهذه الطريقه بوجوده في الخارج ينتظره للذهاب للمدرسه
الا انى ظللت أردد بتكرار غريب التلفون ياأمى يرن,,,أقولها بتوتر نفسي
لترد على والدتى -حفظها الله وفرج عنها-
هذا معتاد مابك؟؟
لاذهب للنوم بعدها...فيطرق مسامعى صوت أسعاف...كنت سأقول الله يستر-كما كنت أقول سابقا
الا ان هذه المره خطر لى خاطر غريب...بأننا نحن ايضا نحتاج لهذاالنوع من الستر
وكأن صوت ا لاسعاف يخصنا نحن...رغم انى كثيرا ماأسمع صوت ا لاسعاف
لأصحو يوم الاربعاء بطريقه غير طبيعيه ولا معتاده وكأن احد يوقظنى لأتلقى الخبر الفضيع
جدك توفى,,,,
حينما سمعت امى تقول لأختى وهي بالقرب مني لاتجزعون
ففزعت لأصرخ ماذا حصل؟؟؟ ..ماذا حدث؟؟...فتنظر لى اشفاقا وتقول لى لاشيئ فأصوب نظري اليها مره اخرى
كيف لاشيئ قولوا لى..اشعر بان هناك شيئ...قالت لاشيئ...قلت بالله اخبريني..رجاء
وهنا.....
ولم أنسى موقفنا للوداع ,,وقد حان ممن أحب الرحيل
ولم يبقى لى دمعة في الشؤون ,,الا غدت على خدي تسيل
فقال نصيح من القوم لى,, وقد كاد ياتى على الغليل
تأنى بدمعك لاتفنه ,,,فبين يديك بكاء طويل....
ولم يكن ناصحي كما في هذه الابيات سوى محبة ان اتبع سنة الهدى في مواقف المصيبه
وهنا أسرعت لأنطقها قبل ان تسقط دمعة واحده خوفا من الجزع والاضرار بجدي
وكما وصانا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
لاحول ولا قوة الا بالله...انا لله وانا اليه لراجعون
اللهم اجرنى في مصيبتى واخلف لى خيرا منها
واخذت اكررها لأشعر برحمات الله تتنزل بأشد الحظات وأعظمها ألما
فربط الله على جنانى وهدأت نفسي وجفت روعتى
فسارعت لأسال عن موعد الصلاة عليه...فأخبرونى بانه بعد صلاةا لعصر
وبعدها أنتفضت مسارعه لأرسل عبر هاتفى المحمول رسائل تحمل هذا الخبر المر
طمعا بدعاء او بحضور من يصلى عليه لأكثار المصلين
فلا يوجد وقت الان للدمع والبكاء...وسارعت بدخول المنتدى الذى أحب ناثرة شوك الخبر
طلبا للدعاء له بالمغفره والثبات عندا لسؤال في قبره..وهذا أكثر ماشغلنى
فالمهم بأن أفعل شيئا من أجله ...
بعدها كان لى موعد مع العزاء...
رحلنا وفي سر الفؤاد ضمائر... اذا هب نجدي الصبا يستثيرها
توجهنا حيث كان يسكن جدي الطيب...لنرثيه وتمنيت لو...
إني لأفديه روحاً كـنتُ أو جسداً,,, أو كلَّ دنيايَ أُهديها لــدنيـــــاهُ
إن يشتكي عطشاً اسـقيه من مُـقلي,,, أو يطلبَ القلـبَ مأواه أويناهُ
الا ان هذا قضاء الله..
والحمد لله
وعندما اقتربنا هالنى الموقف فكيف سأدخل المنزل بعد ان خلا من ركنه الشامخ
و.....
بودي أني كنت قد مت قبله ....... و أن المنايا،دونه ،صمدت صمدي
ولكن ربي شاء غير مشيئتي،........ وللرب إمضاء المشيئة، لا العبد
والحمد لله
انثنيت بجذع لوته احزان ا لفراق وزلفت الى دار جدي أتأمل كل خطوه وكل ماحولى
هذا المكان كان يمشي فيه جدي ويجلس بفناءه عند شروق شمس الربيع ..جدي
وكان يمارس المشي حول هذه الدار...آه ياجدي
دخلت مع الباب الذى ضاق بضيق الدنيا في من هم بوضعي ...
رأيت الخطب جل عن ا لعزاء,,ففاض الدمع ينطق بالرثاء
ففاض الدمع من حزن بحارا,,كأن عيوننا ينبوع مــــــاء
وليس لكائن حي مفر...لما حكم الاله من الفنـــــــــــــــاء
وددنا ان يعيش النبيل دهرا ,,وان تيحا المكارم في ارتقاء
وكنا نبتغى للجود عمرا,,,ونرجو للندى طول البقـــــــاء
ولكن ا لمنية عاجلتنا,,,وأودت بالكريم ابي السخــــــاء
إلهى آتنا صبرا جميلا,,,وعوضنا به خير الجزاء............
واذا ببنات عمومتى يستقبلن دخولنا,,,نتصافح معهن لنتبادل التعازي والاحرى بأن يعزى فينا
تعانقت الأرواح قبل الاجساد لنبكيه روحا فاخذت تذكرنا زوجة عمى.... لاتبكون لاتبكون
دخلت لاجد جدتى على كرسيها بدون ان يجلس جدي في مقابلتها.. غصصت
نزل الذى سلب الجنان نزوله,,,دارا علمت نزيلها لايرجــــــــــع
واحر قلبي كيف يخطفك الردى,,,ويضم منك الجسم هذا البلقع؟؟
الا انى تجلدت,,, صافحت كل الايدي الا انى لم استطع ان اعرف على من سلمت وعلى من لم اسلم
فموقف كهذا ضيق حجم ذاكرتى حتى ان ذاكرتى لم تحتفظ بأى صوره سوى صورة عمتى حيث احتوتها عينى واحتضنتها هي فقط
فلقد تلبست كل أحزان العالم,,,بمقلتين دامعتين...بينما بدت جدتى تقاوم كل حزن وتتجلد وتذكر الله
بدأ الوقت يمر بطيئا كل الوجوه تحمل وجدا ينقش داخلى صورة لاتنسى
كل النظرات ذابله وصمت الموت خيم علينا جميعا
اقتربت ابنة عمى لتفتح ا لشباك حيث يعلو صوت امام المسجد
انه يتحدث عن جدي..هكذا بادرتنا
فأسرعنا الخطى الىا لفناء
لتعانق اذنى اول الكلمات...انه رجل طيب
لم استطع بعدها تمالك نفسي بدأ سيل الدموع ينهمر
حيث تجمهرنا جميعا لنسترق بعض الكلمات التى تتناثر يمنه ويسره
غصصت بالدموع حتى ماكدت افقه قول الامام
ظلت كلمه انه رجل طيب تهزنى في أعماق أعماقي...
الحُــزنُ يُقلِــقُ والتَجَــمُّلُ يَـردَعُ ,,, والــدَمعُ بَينَهُمــا عَصِــيُّ طَيِّـــــــعُ
يَتَنَازعــانِ دُمــوعَ عَيــنِ مُسَـهَّدٍ ,,, هــذا يَجِــيئُ بِهــا وهـذا يَرجِـعُ
وكان منظرا لاينسى ..لاأعلم ماذا أقول عنه؟؟؟
فيه تجلت أرق المشاعر الانسانيه وانقاها..كان المنظر رهيبا مهيبا...
فقد بدا بعضنا يتكئ على جدار الدار ينثر عليه دمعاته,,
واخرى تتجول في الفناء حيث لم تسعها الدنيا بكل هذا الحزن الذى يجثم على صدرها ,,
واخرى تتقرب لتسمع كلمات الأمام وهي تنثر سقاء الدمع على ارض الفناء,,
واخرى لم تستطع ان تتمالك نفسها فرجعت عائده الى داخل الدار..
والاخرى جلست على عتبات الدار تخفي وجهها بيدين طاهرتين بللتهما الدموع
وعلا بكاء الامام فسكب في قلوبنا مرارةا لفراق ليختلط النحيب بالنحيب
ياويح قلبي مادهاك؟؟
اغترفت الحزن من كلمات الامام فصببته نارا في قلبي,,وبدأت بعدهاأغص في البكاء المرير
فلم تعد تقف الدمعات عند اوامرىولا غدت ملك يمينى...غدت كشلال هائج الكل يلحظها ووبساطه
حتى ظننت بان كل شيئ يبكى معنا...
جدران المنزل والفناء والنخل حتىوالأرض والسماء...
وظل الأمام يتحدث عن سيرة جدي الطيب..
...ذلك الرجل العظيم بدينه وبخلقه وبقلبه
كان يجول بالكلمات لتختار جميل أوصافه...وامتدحه بأنه رجل قلبه معلقا بالمساجد
نعم هكذا كانت تقول لنا ابنة عمى بانه لايقام الا عند حضورك ومكانك محفوظ خلف الامام دائما
حتى عندما كنت صائما في احد ايام ست من شوال وتأخرت قليلا لم يقم المؤذن وانتظر الامام اطلالتك وماأن اقبلت
واخذت مكانك لتستريح وبعدها اقام المؤذن...كيف لا ولم تترك صلاة في هذا المسجد منذ سكناك هذا المنزل
وتقول بانك تحمل مفاتيح للمسجد أيضا...
أه ياموضع جدي في المسجد هل افتقدته كما أفتقدناه؟؟
هل افتقدك الأمام الذى تعود ان تكون خلفه ؟؟ فيلتفت ليجد بان ثم وجه مختلف خلفه...
وهل ستقام الصلاه وانت غير موجود؟؟
آه ياجدي وهل تنفع الآه
فتذكرت بأن.....
دنياكم حبيبه لحسنها والطيبه
لكنها غدارة ...خداعه غراره
ليس لها حبيب ...زوالها قريب
عزيزها ذليل.. كثيرها قليل
تفرق الاحباب ...تشتت الاصحاب
وصالها صدود
ووعدها وعيد
لنعود مره اخرى نتلمس بقية الدمعات فنمسحها فينتهى الامام داعيا فنلهج بالدعاء ومؤمنين على دعائه
تلمست جزء من الأرض حينما اجفلت عائده داخل المنزل لأرتمي فيه بكل مافيني
هاه ياابنة العم ماعندك؟؟؟
اتصدقين بان جدتى رات رؤيا؟؟
وعلمت بان جدي سيتوفى!!!
...أقبل عليها والدى ليخبرها بفواة جدي
فقالت :مات ابوك؟
وكنت قد خلعت كل حليها استعداد لهذا اليوم
فأخبرته بأنها راته في تلك الليله ميت وراته في اكثر من ليله وبأكثر من حلم منها انها عاد شابا
فتذكرت ماقالته امى لى من انها رات نساء يبكون على ميت وصورة جدي واخبرتنى عن حلم والدى حينما شاهد جدي في الحلم وفي لحيته شعرات سوداء ويلبس الشماغ وقد خرج من المستشفى
واختى حلمت بان عمى قد وضع الطعام مرتين واستغربت لهذا الأمر ...وفعلا وضع الطعام لمدة يومين بينما كان الجميع يرمى بحلم قد رآه ليلته فمنهن من رات فتاه باسم معين.....
ومنهن من رأت امراه تلد صبيا والمراه والصبي لهم اسماء لها مدلولاتها
وماذا عنى انا؟؟؟
اتعجب من أنى لم آراه لأتذكر ذلك الحلم القديم ... يااااه ..حيث يقترب رؤية له من السنه
نعم لقد رأيت ماقد حصل رمزا وصراحه حتى اهتميت وضقت ولما طالت الايام نسيت!
ولكن هل حينما تحول من حلم لواقع انسى!
فتضطرب نفسي فأعود أذكرها بجميل صفاته ومايرجا لجدي بأذن الله..
عباد ليل إذا جن الظلام بهم,,,كم عابد دمعه في الخد أجراه
فأتأمل خيرا ...وكلما تذكرت منزل غص بالمعزين ممن نعرف وممن لانعرف
شعرت بأن هذه عاجل بشرى المؤمن ...
وهاهو سفيان بن دينار يقول:قلت لابي بشير-وكان من أصحاب على بن ابي طالب-رضي الله عنه-
أخبرنى عن اعمال من كان قبلنا؟قال:"كانوا يمعلون يسيرا ويؤجرون كثيرا".فقال سفيان:ولم ذلك؟؟
قال:"لسلامة صدورهم"(أخرجه احمد في المسند بأسناد صحيح
فهنيئ لك وانت الرجل الذى وصفت بالرجل الطيب - نحسبك كذلك والله حسيبك-
وهذا مايخفف حزنى ويزرع داخلى راحه وسكينه بأنك بخير باذن الله