..ثمار محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
✿✿✿
.مرافقة رسول الله في الجنات.
كما أن مما يجنيه الإنسان من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرافقته صلوات الله وسلامه عليه في الجنان،
فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام
أنه (مر على أعرابي في غزوة له فأكرمه،
فقال له عليه الصلاة والسلام: إذا قدمت المدينة فأئتنا،
فلما قدم عليه الصلاة والسلام المدينة جاءه الأعرابي ذات مرة،
فقال له عليه الصلاة والسلام: سلني حاجتك،
فقال: يا رسول الله! أسألك ناقة وأعنزاً يحلبها أهلي فقال
عليه الصلاة والسلام: عجز هذا الأعرابي أن يكون كعجوز
بني إسرائيل، قالوا: يا رسول الله! وما عجوز بني إسرائيل؟
قال: إن موسى عليه الصلاة والسلام لما هم بأن يفارق
أرض مصر أخبره علماء بني إسرائيل أن يوسف أخذ عليهم
عهداً أن لا يرحلوا من مصر إلا ويأخذوه معهم،
فقال: من يدلني على قبر يوسف،
فقالوا: لا يعرفه إلا عجوز في بني إسرائيل.
فلما أتاها موسى، قالت: لا أدلك حتى تعطيني سؤلي وحاجتي،
قال: وما حاجتك؟ قالت: أن أكون رفيقتك في الجنة)،
فالأنفس العلية، والقلوب المتعلقة بالله جل وعلا
إنما ترقب المنازل العلا، ولا ريب في أن من أعظم المنازل
مرافقة الأنبياء في جنات النعيم.
وقد كان ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه
يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما هم بتقديم الوضوء
ذات يوم لرسول الله قال له: (يا ربيعة ! سلني حاجتك،
قال: يا رسول الله! أسألك مرافقتك في الجنة،
قال: أوغير ذلك يا ربيعة ؟! قال: هو ذاك،
قال: يا ربيعة ! فأعني على نفسك بكثرة السجود)،
أي: بكثرة الصلاة لله تبارك وتعالى.
وقصارى الأمر ونهايته أنه بمحبة الله جل وعلا
وبمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم تطمئن النفوس،
وترتوي القلوب، ويستبصر المؤمن الطريق،
ويحظى بالتوفيق، ويكون قريباً من الله قريباً من رسوله صلى الله عليه وسلم.
وما بيناه من منهج ظاهر أخذ من كتاب الله
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حري بالمؤمن
أن يعض عليه بالنواجذ، لا لقائله، وإنما لمصدره؛
لأنه من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
✿✿✿
.محبة الله لمحب رسوله.
وبقي أن نعلم ثمار هذه المحبة، فما الذي نجنيه من محبتنا
لرسولنا صلى الله عليه وسلم؟
إن أعظم ما يجنيه العبد من محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم
محبة الله جل وعلا له؛ لأن الله جل وعلا إذا أحب عبداً
أحبه جبرائيل لمحبة الله جل وعلا له، فإن نحن
أحببنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أحبنا الله جل وعلا؛
لأن الله هو الذي اختاره واصطفاه، وهو الذي قربه وناجاه،
وهو الذي شرح له صدره ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره،
وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره،
وهو الذي بعثه بين يدي الساعة هادياً ومبشراً ونذيراً،
وهو الذي أرسله رحمة للخلائق وهداية للطرائق،
فمحبته صلى الله عليه وسلم يظفر الإنسان
من خلالها بمحبة الله جل وعلا، بل إن الأصل
أننا نحب نبينا عليه الصلاة والسلام لأن الله جل وعلا
أمرنا بحبه صلوات الله وسلامه عليه.
ثم إن الإنسان إذا اجتمعت فيه هاتان المحبتان -ولا انفكاك بينهما أبداً-
محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ يجد في نفسه
لذة الإيمان ومن المؤسف أن هذه الصحوة الإسلامية المباركة
في شرق العالم وغربه، وشماله وجنوبه
كان التيار الفقهي فيها أعلى من التيار الإيماني،
وهذا لا ريب في أنه خلل في المرتقى، وغير سليم
في الوصول إلى طاعة الله جل وعلا، لأنه يجب أن يقترن العمل
بمحبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم،
فمن الناس من يؤدي الصلوات، ويؤدي الزكاة،
ويصوم رمضان، ويحج البيت، ولكنه يجد في نفسه جفافاً
في المقل، وقسوة في القلب، وعدم لذة في الطاعة،
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ...) إلخ
وذكر منها: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
فمحبة الله ورسوله تورث في النفوس لذة الإيمان،
وتشعر المؤمن بالقرب من الرب جل وعلا،
والعمل الصالح إذا اقترن بمحبة الله تبارك وتعالى واستحضار ثوابه
والانكسار بين يديه جل وعلا أورث ذلك كله قبولاً عند الله جل وعلا.