الرساله الثالثه
…
. ومن بديع ما وجدته في هذا الطريق ..
أنني منذ جعلت حظي من كلام الله سبحانه خمسة أجزاء يومياَ ،
أعيش معها ، وأكحل عيني بها ،
لاحظت ملاحظة عجيبة _ منذ أشهر ثلاثة _ :
أنني في هذا اليوم الذي أنجز هذا القدر من الأجزاء ،
تكون مقاومتي للشهوات قوية ورائعة ،
وأجد نفسي في يسر شديد أدافع الهوى ،
واستعلي على وسوسة الشيطان ،
وأتغلب على ضغطة
النفس الأمارة بالسوء ..
وتنفتح أمامي سبل الطاعات في يسر !
واليوم لا أخفيكم أمراً
: أنني ممن تغلبهم نفوسهم كثيرا أمام الهوى ..!!
كذلك كنت ، حتى في حال اقبالي على الله بألوان العبادة .. !
غير أني اليوم لاحظت الملاحظة السابقة :
أن مقاومتي للهوى والشيطان والنفس الأمارة ، تقوى بشكل واضح جدا وكبير جدا ،
حين ييسر الله لي قراءة الأجزاء الخمسة في اليوم ..
وذلك ما يهيجني ويحثني على الاستعانة بالله والإصرار على مواصلة هذا الطريق ،
في إنجاز هذا القدر من العيش مع كلام الله كل يوم
.. بل ومحاولة الاستزادة على هذا القدر ..
وفي اليوم الذي تشغلني ظروف ،
أو اتهاون ، أو أتكاسل ، أو يلم بي أمر ،
فلا أصل إلى قراءة هذا القدر من الأجزاء .
. ألاحظ بوضوح أن مقاومتي عادت إلى ضعفها من جديد ..!!
أنقل إليكم هذه التجربة الشخصية ،
قد يجدها غيري كما وجدتها ، وقد لا يجدها ،
ولكني أسجلها هنا ، كما عاهدتكم
أن أكتب إليكم بما يفتح الله به من ثمرات وبركاته
في هذا الطريق ..
الرساله الرابعه
هذه رسالة جديرة بالوقوف معها طويلاً ..
فهي بحق تجربة فريدة ورائعة ..
وتتضمن عبراً ودروساً كثيرة .. فتأمل )
يقول صاحب الرسالة
… اعترف أني لم أواصل معكم بهذه الاندفاعة
الرائعة التي رأيت عليها كثير منكم ..
واكتفيتُ بالحد الأدنى المذكور في أصل الموضوع ..
وهو قراءة جزئين من القرآن كل يوم ،
لا أتخلف عنهما مهما كانت الظروف ..
ولقد اعتبرت هذا إنجاز كبير بالنسبة لي ،
لأني كنت في حالة انقطاع دائمة
عن هذا النور الرباني .. فجزاكم الله خير الجزاء ..
ومع هذا فإن الشوق يهيج في قلبي أن أزيد من هذه القدر ،
لا سيما وقد أصبح قراءة الجزئين أمر عادي جدا ،
لا يكلف شيئا من جهد أبدا أبداً ..
ولكن ربما بسبب ظروفي الدراسية الجامعية
، رأيت أن أكتفي بهذين الجزئين ،
كمرحلة في الطريق إن شاء الله ..
وأعدكم أن ابذل جهدا أكبر بعون الله ..
ولكني في هذه الرسالة أحببت
أن أسوق إليكم تجربة فريدة ورائعة ،
أشرح بها صدوركم ،وربما تكون نموذجاً لآخرين ..
والدي رجل متقاعد تجاوز الستين منذ سنوات ثلاث ، فأصبح قعيد البيت ،
فهو بطبعه لا يحب الخروج كثيراً ، وكان خروجه إلى العمل في الأصل ،
ولولا ذلك لكان بقاؤه في البيت شبه دائم ..
المهم .. كنت أراه يمر في بعض الأحيان بحالة توتر ،
ربما بسبب وضعه الجديد الذي لم يعتد عليه ،
وحين اطلعت على تجربتكم ،
ألهمني الله سبحانه أن أجمع ما يتعلق بفضائل قراءة القرآن ..
وبحث آخر أجمع فيه قصص الصالحين مع القرآن ..
والأصل أني جمعت ذلك لنفسي ،
حتى أرغّب نفسي، وأفتح شهيتها للإقبال على القرآن
فأنافس المشاركين في هذا الطريق ..
ذات يوم كنت أجلس مع أبي وكان طيب النفس ، منشرح القلب
قرأت عليه هذين البحثين ..
وكان بطبعه يحب الذكر والمذاكرة في ما يقرب إلى الله سبحانه ..
ثم حدثته عن تجربتكم ، وقرأت عليه بعض تجارب المشاركين ..
وتحدثت بحماس عن
كيف أن الإنسان يمكن أن يستغل وقته ،
ليضاعف رصيد حسناته أضعاف كثيرة جدا ،
من خلال الإقبال على القرآن الكريم ..
ونحو هذا مما فتح الله به على قلبي في تلك الساعة ..
وفي اليوم التالي سافرت إلى المدينة الجامعية .
وغبت أكثر من ثلاثة أسابيع بسبب الامتحانات ..
ولما عدت كانت المفاجأة ..
استقبلتني أمي بفرح شديد ، .,.
وحدثتني أمي عما أثمرته تلك الجلسة مع أبي .
حدثتني كيف وجد له شغل وأي شغل .. !!
حدثتني كيف أصبح منشرح القلب ،
لأنه يعيش مع كتاب الله سبحانه ، ولا يكاد يفارقه ،
ويقرأ فيه كثيرا ، ويشعر بفرح وانشراح .. وكان مما قالت ..
أنه إذا صلى الفجر في المسجد ربما قرأ هناك جزئين أو يزيد ..
فإذا فاتته الصلاة في المسجد ، صلى في البيت ،
وجلس في مصلاه يقرأ في كتاب الله ..
فإذا انتصف النهار بادر لصلاة الضحى ،
ثم يجلس ليقرأ في كتاب الله ..
وربما صلى الضحى مرتين في وقتين متفرقين ..
وفي كل مرة يجلس ليقرأ القرآن ..
وفي أوقات أخرى اصبح يستمتع أنه يقرأ القرآن ،
وتبدو على ملامحه مشاعر الحبور …
وقالت بفرح :
أحسبه يقرأ العشرة الأجزاء في كل يوم ..
وقد أصبح كثير الدعاء لك والفخر بك ..
لأنك دللته على هذا الطريق الذي كان غائبا عنه
بل إنه أصبح يشعر أن تقاعده عن العمل من أعظم وأجل نعم الله عليه ..
وقد كان يراها مصيبة حلت به !!
ولما عاد أبي إلى البيت ، تلقاني كما لم يتلقني من قبل ،
وشعرت أن مكاني في قلبه أصبح في الذروة .
وحدثني عن رحلته مع القرآن ..
وأخذ يلح على الله بالدعاء أن يثبته على ذلك ،
وكان يقول : هذا طريق يوصلني إلى الله سريعا ،
فكيف سيضيع من بين قدمي ..!
ثم يستدرك يعود للدعاء أن لا يكله الله إلى نفسه
ولقد غبطته والله ، وتمنيت أن يسعفني الله بمثل هذه الهمة ..
ودعوت الله سبحانه أن يوفقه ويسدده ويثبته على ذلك