.......................................
كـل مـايـــهـمـك فــي ( فـقـه الـعبـادات )
باب ( أحكام الحيض والنفاس )
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
في أحكام الحيض والنفاس
أولا : الحيض وأحكامه
قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِ
نَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )
والحيض : هو دم طبيعة وجبلة , يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة ,
خلقه الله لحكمة غذاء الولد في بطن أمه ;
لذلك قل أن تحيض المرضع , فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع ,
بقي لا مصرف له ; ليستقر في مكان من رحمها ,
ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام , وقد يزيد عن ذلك أو يقل ,
وللحائض خلال حيضها وعند نهايته أحكام مفصلة في الكتاب والسنة :
- من هذه الأحكام أن الحائض لا تصلي ولا تصوم حال حيضها ,
قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش : إذا أقبلت الحيضة , فدعي الصلاة
- فإذا طهرت من حيضها ; فإنها تقضي الصوم دون الصلاة بإجماع أهل العلم ,
قالت عائشة رضي الله عنها : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
فكنا نؤمر بقضاء الصوم , ولا نؤمر بقضاء الصلاة متفق عليه .
- ومن أحكام الحائض أنها لا يجوز لها أن تطوف بالبيت , ولا تقرأ القرآن ,
ولا تجلس في المسجد , ويحرم على زوجها وطؤها في الفرج
حتى ينقطع حيضها وتغتسل :
قال تعالى : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
ومعنى الاعتزال : ترك الوطء .
- ويجوز لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع في الفرج ,
كالقبلة واللمس ونحو ذلك .
- ولا يجوز لزوجها أن يطلقها وهي حائض , قال تعالى
: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ
أي : طاهرات من غير جماع , وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم
من طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يطلقها حال طهرها إن أراد .
والطهر هو انقطاع الدم , فإذا انقطع دمها ,
فقد طهرت , وانتهت فترة حيضها ; فيجب عليها الاغتسال ,
ثم تزاول ما منعت منه بسبب الحيض ,
وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة ; لم تلتفت إليها ;
لقول أم عطية رضي الله عنها : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا , رواه أبو داود وغيره ,
تنبيه هام :
إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس
لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم ,
ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر ;
لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة
; لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر .
........................................
وأما إذا دخل عليها وقت صلاة , ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي ,
فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة
التي أدركت أول وقتها ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها .
ثانيا : الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة : سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل .
والمستحاضة أمرها مشكل ; لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة ,
فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت ;
فما الذي تعتبره منه حيضا وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة ;
فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات .
...................................
فإن المستحاضة لها ثلاث حالات :
الحالة الأولى :
أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة ,
بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام مثلا في أول الشهر أو وسطه ,
فتعرف عددها ووقتها ; فهذه تجلس قدر عادتها , وتدع الصلاة والصيام ,
وتعتبر لها أحكام الحيض , فإذا انتهت عادتها ; اغتسلت وصلت ,
واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة ; لقوله صلى الله عليه وسلم
لأم حبيبة : امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك , ثم اغتسلي وصلي رواه مسلم ,
ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش :
إنما ذلك عرق , وليس بحيض , فإذا أقبلت حيضتك ; فدعي الصلاة متفق عليه .
الحالة الثانية :
إذا لم يكن لها عادة معروفة , لكن دمها متميز , بعضه يحمل صفة الحيض ;
بأن يكون أسود أو ثخينا أو له رائحة , وبقيته لا تحمل صفة الحيض ;
بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخينا ;
ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضا ,
فتجلس وتدع الصلاة والصيام , وتعتبر ما عداه استحاضة ,
تغتسل عند نهاية الذي يحمل صفة الحيض , وتصلي وتصوم ,
وتعتبر طاهرا ;
لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش :
إذا كان دم الحيض , فإنه أسود يعرف ; فأمسكي عن الصلاة ,
فإذا كان الآخر ; فتوضئي وصلي
رواه أبو داود والنسائي , وصححه ابن حبان والحاكم ;
ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم , فتميز بها بين الحيض وغيره .
الحالة الثالثة :
إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره ;
فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر ;
لأن هذه عادة غالب النساء ;
لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش :
إنما هي ركضة من الشيطان ; فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام , ثم اغتسلي ,
فإذا استنقأت , فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين ,
وصومي وصلي , فإن ذلك يجزئك , وكذلك فافعلي كما تحيض النساء
رواه الخمسة , وصححه الترمذي .
ما يلزم المستحاضة في حال الحكم بطهارتها
1- يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها
2- تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة ,
وتجعل في المخرج قطنا ونحوه يمنع الخارج ,
وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط , ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة .
لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة :
تدع الصلاة أيام أقرائها , ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة
رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي
ثالثا : النفاس وأحكامه
والنفاس كالحيض فيما يحل ; كالاستمتاع منها بما دون الفرج ,
وفيما يحرم ; كالوطء في الفرج ومنع الصوم والصلاة والطلاق والطواف
وقراءة القرآن واللبث في المسجد ,
وفي وجوب الغسل على النفساء عند انقطاع دمها كالحائض ,
ويجب عليها أن تقضي الصيام دون الصلاة ; فلا تقضيها كالحائض .
والنفاس دم ترخيه الرحم للولادة وبعدها , وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل ,
وأكثر مدته عند الجمهور أربعون يوما .
قال الترمذي :
أجمع أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما ;
إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ; فتغتسل وتصلي .
فإذا انقطع دم النفساء قبل الأربعين , فقد انتهى نفاسها ,
فتغتسل وتصلي وتزاول ما منعت منه بسبب النفاس .
وإذا ألقت الحامل ما تبين فيه خلق إنسان , بأن كان فيه تخطيط ,
وصار معها دم بعده ; فلها أحكام النفساء ,
والمدة التي يتبين فيها خلق الإنسان في الحمل ثلاثة أشهر غالبا ,
وأقلها واحد وثمانون يوما , وإن ألقت علقة أو مضغة ; لم يتبين فيها تخطيط إنسان ;
لم تعتبر ما ينزل بعدها من الدم نفاسا ;
فلا تترك الصلاة ولا الصيام , وليست لها أحكام النفساء .
تنبيه هام :
وهنا مسألة يجب التنبيه عليها ,
وهي أن البعض من النساء قد تتناول دواء لمنع نزول دم الحيض
حتى تتمكن من صيام رمضان أو أداء الحج فإن كانت هذه الحبوب لمنع نزول الدم
فترة ولا تقطعه ; فلا بأس بتناولها ,
وإن كانت تقطع الحيض قطعا مؤبدا ;
فهذا لا يجوز ; إلا بإذن الزوج ; لأن هذا يترتب عليه قطع النسل .
وفقنا الله جميعا للصواب والسداد في القول والعمل ,
وبالله التوفيق
..................................
المرجع / كتاب الملخص الفقهي لشيخ صالح الفوزان
الجزء الاول / قسم العبادات
.......................