كـل مـايـــهـمـك فــي ( فـقـه الـعبـادات )
باب ( بيان نواقض الوضوء )
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
بيان نواقض الوضوء
أن للوضوء مفسدات لا يبقى مع واحد منها له تأثير , فيحتاج إلى استئنافه
من جديد عند إرادته مزاولة عمل من الأعمال التي يشرع لها الوضوء
وهي علل تؤثر في إخراج الوضوء عما هو المطلوب منه , وهي إما أحداث
تنقض الوضوء بنفسها - كالبول والغائط وسائر الخارج من السبيلين - ,
وأما أسباب للأحداث ; بحيث إذا وقعت ; تكون مظنة لحصول الأحداث ;
كزوال العقل , أو تغطيته بالنوم والإغماء والجنون ;
فإن زائل العقل لا يحس بما يحصل منه ,
فأقيمت المظنة مقام الحدث . ..
وإليك بيان ذلك بالتفصيل :
1- الخارج من سبيل , أي : من مخرج البول ومخرج الغائط , والخارج من السبيل
إما أن يكون بولا أو منيا أو مذيا أو دم استحاضة أو غائطا أو ريحا .
فإن كان الخارج بولا أو غائطا , فهو ناقض للوضوء بالنص والإجماع ,
قال تعالى في موجبات الوضوء : أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ
وإن كان منيا أو مذيا , فهو ينقض الوضوء بدلالة الأحاديث الصحيحة.
وكذا ينقض خروج دم الاستحاضة , وهو دم فساد , لا دم حيض ;
لحديث فاطمة بنت أبي حبيش ; أنها كانت تستحاض ,
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : فتوضئي وصلي , فإنما هو دم عرق
رواه أبو داود والدارقطني ,
وكذا ينقض الوضوء خروج الريح بدلالة الأحاديث الصحيحة وبالإجماع ,
قال صلى الله عليه وسلم : ولا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
وقال صلى الله عليه وسلم فيمن شك هل خرج منه ريح أولا :
فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
وأما الخارج من البدن من غير السبيلين كالدم والقيء والرعاف ;
فموضع خلاف بين أهل العلم , هل ينقض الوضوء أو لا ينقضه ؟
على قولين , والراجح أنه لا ينقض ,
لكن لو توضأ خروجا من الخلاف ; لكان أحسن .
2- من النواقض زوال العقل أو تغطيته , وزوال العقل يكون بالجنون ونحوه ;
وتغطيته تكون بالنوم أو الإغماء ونحوهما , فمن زال عقله
أو غطي بنوم ونحوه ; انتقضت وضوؤه ;
3- من نواقض الوضوء أكل لحم الإبل سواء كان قليلا أو كثيرا ,
لصحة الحديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصراحته .
قال الإمام أحمد رحمه الله : فيه حديثان صحيحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما أكل اللحم من غير الإبل فلا ينقض الوضوء .
...................................
هذا , وقد بقيت مسألة مهمة تتعلق بهذا الموضوع , وهي :
من تيقن الطهارة , ثم شك في حصول ناقض من نواقضها ماذا يفعل ؟
لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا , فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ;
فلا يخرج من المسجد , حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
فدل هذا الحديث الشريف وما جاء بمعناه على أن المسلم إذا تيقن الطهارة
وشك في انتقاضها ; أنه يبقى على الطهارة ; لأنها الأصل ,
ولأنها متيقنة , وحصول الناقض مشكوك فيه , واليقين لا يزول بالشك .
وهذه قاعدة عظيمة عامة في جميع الأشياء ;
أنها تبقى على أصولها حتى يتيقن خلافها , وكذلك العكس ,
فإذا تيقن الحدث وشك في الطهارة ; فإنه يتوضأ ;
لأن الأصل بقاء الحدث ; فلا يرتفع بالشك .
لذلك عليكِ بالمحافظة على الطهارة للصلاة والاهتمام بها ;
لأنها لا تصح صلاة بدون طهور , كما يجب عليك أن تحذر من الوسواس
وتسلط الشيطان عليك ; بحيث يخيل إليك انتقاض طهارتك ويلبس عليك ;
فاستعذ بالله من شره , ولا تلتفت إلى وساوسه ,
واسأل أهل العلم عما أشكل عليك من أمور الطهارة ,
لتكون على بصيرة من أمرك , واهتم أيضا بطهارة ثيابك من النجاسة ;
لتكون صلاتك صحيحة وعبادتك مستقيمة ; فإن الله سبحانه وتعالى
: يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
وفقنا الله جميعا للعلم النافع والعمل الصالح .
......................................
المرجع / كتاب الملخص الفقهي لشيخ صالح الفوزان
الجزء الاول / قسم العبادات
...................................