تتمة
قوله : ( قال : وكان يكره الغل في النوم ، ويعجبهم القيد وقال : القيد ثبات في الدين ) كذا ثبت هنا بلفظ الجمع في " يعجبهم " والإفراد في " يكره ويقول " ، قال الطيبي : ضمير الجمع لأهل التعبير ، وكذا قوله : " وكان يقال " ، قال المهلب : الغل يعبر بالمكروه لأن الله أخبر في كتابه أنه من صفات أهل النار بقوله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم الآية ، وقد يدل على الكفر ، وقد يعبر بامرأة تؤذي .
وقال ابن العربي : إنما أحبوا القيد لذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - له في قسم المحمود فقال : " قيد الإيمان الفتك " ، وأما الغل فقد كره شرعا في المفهوم كقوله : ( خذوه فغلوه - و إذ الأغلال في أعناقهم - ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و - غلت أيديهم وإذا جعل القيد ثباتا في الدين لأن المقيد لا يستطيع المشي فضرب مثلا للإيمان الذي يمنع عن المشي إلى الباطل .
وقال النووي : قال العلماء إنما أحب القيد لأن محله الرجل وهو كف عن المعاصي والشر والباطل ، [ ص: 426 ] وأبغض الغل لأن محله العنق وهو صفة أهل النار .
وأما أهل التعبير فقالوا : إن القيد ثبات في الأمر الذي يراه الرائي بحسب من يرى ذلك له ، وقالوا إن انضم الغل إلى القيد دل على زيادة المكروه ، وإذا جعل الغل في اليدين حمد لأنه كف لهما عن الشر ، وقد يدل على البخل بحسب الحال . وقالوا أيضا : إن رأى أن يديه مغلولتان فهو بخيل ، وإن رأى أنه قيد وغل فإنه يقع في سجن أو شدة .
قلت : وقد يكون الغل في بعض المرائي محمودا كما وقع لأبي بكر الصديق فأخرج أبو بكر بن أبي شيبة بسند صحيح عن مسروق قال : " مر صهيب بأبي بكر فأعرض عنه ، فسأله فقال : رأيت يدك مغلولة على باب أبي الحشر رجل من الأنصار ، فقال أبو بكر : جمع لي ديني إلى يوم الحشر .
وقال الكرماني : اختلف في قوله وكان يقال هل هو مرفوع أو لا فقال بعضهم من قوله : " وكان يقال " إلى قوله : " في الدين " مرفوع كله ، وقال بعضهم هو كله كلام ابن سيرين وفاعل " كان يكره " أبو هريرة .