عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2013-05-23, 7:13 PM
"الخنساء"
معبرة سابقة
رقم العضوية : 166575
تاريخ التسجيل : 19 - 2 - 2012
عدد المشاركات : 10,979

غير متواجد
 
افتراضي
تتمتة

وأما مسلم فإنه ساقه بسنده عقب رواية معمر عن أيوب التي فيها " قال أبو هريرة فيعجبني القيد وأكره الغل ، القيد ثبات في الدين " ، قال مسلم فأدرج يعني هشاما عن قتادة في الحديث قوله : " وأكره الغل إلخ " ولم يذكر " الرؤيا جزء " الحديث ، وكذلك رواه أيوب عن محمد بن سيرين قال " قال أبو هريرة أحب القيد في النوم وأكره الغل ، القيد في النوم ثبات في الدين " أخرجه ابن حبان في صحيحه من رواية سفيان بن عيينة عنه ، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي من رواية عبد الوهاب الثقفي عن أيوب فذكر حديث : " إذا اقترب الزمان " الحديث ، ثم قال " ورؤيا المسلم جزء من " الحديث ، ثم قال : والرؤيا ثلاث الحديث ، ثم قال بعده : " قال وأحب القيد وأكره الغل ، القيد ثبات في الدين " فلا أدري هو في الحديث أو قاله ابن سيرين ، هذا لفظ مسلم ، ولم يذكر أبو داود ولا الترمذي قوله : " فلا أدري إلخ " .

وأخرجه الترمذي وأحمد والحاكم من رواية معمر عن أيوب فذكر الحديث الأول ونحو الثاني ثم قال بعدهما : قال أبو هريرة : يعجبني القيد إلخ ، قال : " وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤيا المؤمن جزء إلخ " .

وقد أخرج الترمذي والنسائي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة حديث الرؤيا ثلاثة مرفوعا كما أشرت إليه قبل هذا ثم قال بعده وكان يقول يعجبني القيد الحديث ، وبعده وكان يقول : من رآني فإني أنا هو الحديث وبعده وكان يقول : لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح وهذا ظاهر في أن الأحاديث كلها مرفوعة .

وأما رواية يونس وهو ابن عبيد فأخرجها البزار في مسنده من طريق أبي خلف وهو عبد الله بن عيسى الخزاز بمعجمات البصري عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : " إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، وأحب القيد وأكره الغل " قال : ولا أعلمه إلا وقد رفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال البزار : روي عن محمد من عدة أوجه ، وإنما ذكرناه من رواية يونس لعزة ما أسند يونس عن محمد بن سيرين .

قلت : وقد أخرج ابن ماجه من طريق أبي بكر الهذلي عن ابن سيرين حديث القيد موصولا مرفوعا ولكن الهذلي ضعيف ، وأما رواية هشام فقال أحمد : " حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا هشام هو ابن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا اقترب الزمان الحديث ، ورؤيا المؤمن الحديث ، وأحب القيد في النوم الحديث ، والرؤيا ثلاث الحديث ، فساق الجميع مرفوعا ، وهكذا أخرجه الدارمي من رواية مخلد بن الحسين عن هشام ، وأخرجه الخطيب في المدرج من طريق علي بن عاصم عن خالد وهشام عن ابن سيرين مرفوعا .

قال الخطيب : والمتن كله مرفوع إلا ذكر القيد والغل فإنه قول أبي هريرة أدرج في الخبر ، وبينه معمر عن أيوب ، وأخرج أبو عوانة في صحيحه من طريق عبد الله بن بكر عن هشام قصة القيد وقال : الأصح أن هذا من قول ابن سيرين . وقد أخرجه مسلم من طريق حماد بن زيد عن هشام بن حسان وأيوب جميعا عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : " إذا اقترب الزمان " قال وساق الحديث ولم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم .

وكذا أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام موقوفا وزاد في آخره " قال أبو هريرة : اللبن في المنام الفطرة " ، وأما رواية أبي هلال واسمه [ ص: 428 ] محمد بن سليم الراسبي عن محمد بن سيرين فلم أقف عليها موصولة إلى الآن ، وأخرج أحمد في الزهد عن عثمان عن حماد بن زيد عن أيوب قال : " رأيت ابن سيرين مقيدا في المنام " وهذا يشعر بأن ابن سيرين كان يعتمد في تعبير القيد على ما في الخبر فأعطي هو ذلك وكان كذلك .

قال القرطبي : هذا الحديث وإن اختلف في رفعه ووقفه فإن معناه صحيح ، لأن القيد في الرجلين تثبيت للمقيد في مكانه فإذا رآه من هو على حالة كان ذلك دليلا على ثبوته على تلك الحالة ، وأما كراهة الغل فلأن محله الأعناق نكالا وعقوبة وقهرا وإذلالا ، وقد يسحب على وجهه ويخر على قفاه فهو مذموم شرعا وعادة ، فرؤيته في العنق دليل على وقوع حال سيئة للرائي تلازمه ولا ينفك عنها ، وقد يكون ذلك في دينه كواجبات فرط فيها أو معاص ارتكبها أو حقوق لازمة له لم يوفها أهلها مع قدرته ، وقد تكون في دنياه كشدة تعتريه أو تلازمه .

قوله : ( وأنا أقول هذه ) كذا لأبي ذر وفي جميع الطرق وكذا ذكره الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما ، ووقع في شرح ابن بطال " وأنا أقول هذه الأمة وكان يقال إلخ " .

قلت : وليست هذه اللفظة في شيء من نسخ صحيح البخاري ولا ذكرها عبد الحق في جمعه ولا الحميدي ولا من أخرج حديث عوف من أصحاب الكتب والمسانيد ، وقد تقلده عياض فذكره كما ذكره ابن بطال وتبعه في شرحه فقال : خشي ابن سيرين أن يتأول أحد معنى قوله : " وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا " أنه إذا تقارب الزمان لم يصدق إلا رؤيا الرجل الصالح فقال : وأنا أقول هذه الأمة " يعني رؤيا هذه الأمة صادقة كلها صالحها وفاجرها ليكون صدق رؤياهم زاجرا لهم وحجة عليهم لدروس أعلام الدين وطموس آثاره بموت العلماء وظهور المنكر انتهى .

وهذا مرتب على ثبوت هذه الزيادة وهي لفظة " الأمة " ولم أجدها في شيء من الأصول ، وقد قال أبو عوانة الإسفرايني بعد أن أخرجه موصولا مرفوعا من طريق هشام عن ابن سيرين : هذا لا يصح مرفوعا عن ابن [ ص: 425 ] سيرين .

قلت : وإلى ذلك أشار البخاري في آخره بقوله : وحديث عوف أبين أي حيث فصل المرفوع من الموقوف .

قوله : ( قال : وكان يقال الرؤيا ثلاث إلخ ) قائل " قال " هو محمد بن سيرين ، وأبهم القائل في هذه الرواية وهو أبو هريرة ، وقد رفعه بعض الرواة ووقفه بعضهم ، وقد أخرجه أحمد عن هوذة بن خليفة عن عوف بسنده مرفوعا الرؤيا ثلاث الحديث مثله .

وأخرجه الترمذي والنسائي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الرؤيا ثلاث ، فرؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي من طريق عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين مرفوعا أيضا بلفظ : الرؤيا ثلاث ، فالرؤيا الصالحة بشرى من الله والباقي نحوه .

قوله : ( حديث النفس وتخويف الشيطان وبشرى من الله ) وقع في حديث عوف بن مالك عند ابن ماجه بسند حسن رفعه الرؤيا ثلاث منها أهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم ، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

قلت : وليس الحصر مرادا من قوله : " ثلاث " لثبوت نوع رابع في حديث أبي هريرة في الباب وهو حديث النفس ، وليس في حديث أبي قتادة وأبي سعيد الماضيين سوى ذكر وصف الرؤيا بأنها مكروهة ومحبوبة أو حسنة وسيئة ، وبقي نوع خامس وهو تلاعب الشيطان ، وقد ثبت عند مسلم من حديث جابر قال : " جاء أعرابي فقال : يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي قطع فأنا أتبعه " وفي لفظ : " فقد خرج فاشتددت في أثره ، فقال : لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام " ، وفي رواية له : " إذا تلاعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يخبر به الناس " . ونوع سادس وهو رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة ، كمن كانت عادته أن يأكل في وقت فنام فيه فرأى أنه يأكل أو بات طافحا من أكل أو شرب فرأى أنه يتقيأ ، وبينه وبين حديث النفس عموم وخصوص . وسابع وهو الأضغاث .

قوله : ( فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد ، وليقم فليصل ) زاد في رواية هوذة " فإذا رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقصها لمن يشاء ، وإذا رأى شيئا يكرهه " فذكر مثله .

ووقع في رواية أيوب عن محمد بن سيرين " فيصل ولا يحدث بها الناس " وزاد في رواية سعيد بن أبي عروبة عن ابن سيرين عند الترمذي " وكان يقول لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح " وهذا ورد معناه مرفوعا في حديث أبي رزين عند أبي داود والترمذي وابن ماجه " ولا يقصها إلا على واد أو ذي رأي " ، وقد تقدم شرح هذه الزيادة في " باب الرؤيا من الله تعالى " .


توقيع "الخنساء"

 

 



Facebook Twitter