عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2013-05-23, 7:11 PM
"الخنساء"
معبرة سابقة
رقم العضوية : 166575
تاريخ التسجيل : 19 - 2 - 2012
عدد المشاركات : 10,979

غير متواجد
 
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الربط أو القيد في المنام قد يعبر بالثبات في الدين، فقد جاء في كتاب فتح الباري للعسقلاني أنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول : الرؤيا الصالحة بشارة من الله والتحزين من الشيطان ، ومن الرؤيا ما يحدث به الرجل نفسه ، فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليقم فليصل ، وأكره الغل في النوم ، ويعجبني القيد فإن القيد ثبات في الدين " .

وطبعا يختلف المعنى باختلاف رموز الرؤيا وموطن الربط وبآلة الربط، إن كانت حبلا أو حديدا او خشبا...الخ

وإليك ما جاء في هذا الباب في كتاب فتح الباري:


باب القيد في المنام

6614 حدثنا عبد الله بن صباح حدثنا معتمر سمعت عوفا حدثنا محمد بن سيرين أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وما كان من النبوة فإنه لا يكذب قال محمد وأنا أقول هذه قال وكان يقال الرؤيا ثلاث حديث النفس وتخويف الشيطان وبشرى من الله فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصل قال وكان يكره الغل في النوم وكان يعجبهم القيد ويقال القيد ثبات في الدين وروى قتادة ويونس وهشام وأبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأدرجه بعضهم كله في الحديث وحديث عوف أبين وقال يونس لا أحسبه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم في القيد قال أبو عبد الله لا تكون الأغلال إلا في الأعناق


الحاشية رقم: 1
قوله : ( باب القيد في المنام ) أي من رأى في المنام أنه مقيد ما يكون تعبيره؟ وظاهر إطلاق الخبر أنه يعبر بالثبات في الدين في جميع وجوهه ، لكن أهل التعبير خصوا ذلك بما إذا لم يكن هناك قرينة أخرى كما لو كان مسافرا أو مريضا فإنه يدل على أن سفره أو مرضه يطول ، وكذا لو رأى في القيد صفة زائدة كمن رأى في رجله قيدا من فضة فإنه يدل على أن يتزوج ، وإن كان من ذهب فإنه لأمر يكون بسبب مال يتطلبه ، وإن كان من صفر فإنه لأمر مكروه أو مال فات ، وإن كان من رصاص فإنه لأمر فيه وهن ، وإن كان من حبل فلأمر في الدين ، وإن كان من خشب فلأمر فيه نفاق ، وإن كان من حطب فلتهمة ، وإن كان من خرقة أو خيط فلأمر لا يدوم .

قوله : ( حدثنا عبد الله بن صباح ) بفتح المهملة وتشديد الموحدة هو العطار البصري ، وتقدم في الصلاة في " باب السمر بعد العشاء " حدثنا عبد الله بن الصباح ، ولبعضهم عبد الله بن صباح كما هنا ، ولأبي نعيم هنا من رواية محمد بن يحيى بن منده حدثنا عبد الله بن الصباح ، وفي شيوخ البخاري ابن الصباح ثلاثة : عبد الله هذا ومحمد والحسن ، وليس واحد منهم أخا الآخر .

قوله : ( حدثنا معتمر ) هو ابن سليمان التيمي ، وعوف هو الأعرابي .

قوله : ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ) كذا للأكثر ، ووقع في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني بتقديم تكذب على رؤيا المؤمن ، وكذا في رواية محمد بن يحيى ، وكذا في رواية عيسى بن يونس [ ص: 423 ] عن عوف عند الإسماعيلي ، قال الخطابي في " المعالم " في قوله : " إذا اقترب الزمان " قولان : أحدهما أن يكون معناه تقارب زمان الليل وزمان النهار وهو وقت استوائهما أيام الربيع وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبا ، وكذلك هو في الحديث ، والمعبرون يقولون : أصدق الرؤيا ما كان وقت اعتدال الليل والنهار وإدراك الثمار ، ونقله في " غريب الحديث " عن أبي داود السجستاني ثم قال : والمعبرون يزعمون أن أصدق الأزمان لوقوع التعبير وقت انفتاق الأزهار وإدراك الثمار وهما الوقتان اللذان يعتدل فيهما الليل والنهار ، والقول الآخر إن اقتراب الزمان انتهاء مدته إذا دنا قيام الساعة .

قلت : يبعد الأول التقييد بالمؤمن ، فإن الوقت الذي تعتدل فيه الطبائع لا يختص به ، وقد جزم ابن بطال بأن الأول هو الصواب ، واستند إلى ما أخرجه الترمذي من طريق معمر عن أيوب في هذا الحديث بلفظ : " في آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا " .

قال : فعلى هذا فالمعنى إذا اقتربت الساعة وقبض أكثر العلم ودرست معالم الديانة بالهرج والفتنة فكان الناس على مثل الفترة محتاجين إلى مذكر ومجدد لما درس من الدين كما كانت الأمم تذكر بالأنبياء ، لكن لما كان نبينا خاتم الأنبياء وصار الزمان المذكور يشبه زمان الفترة عوضوا بما منعوا من النبوة بعده بالرؤيا الصادقة التي هي جزء من النبوة الآتية بالتبشير والإنذار انتهى .

ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه من طريق الأوزاعي عن محمد بن سيرين بلفظ : " إذا قرب الزمان " ، وأخرج البزار من طريق يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين بلفظ : " إذا تقارب الزمان " وسيأتي في كتاب الفتن من وجه آخر عن أبي هريرة " يتقارب الزمان ويرفع العلم " الحديث ، والمراد به اقتراب الساعة قطعا .

وقال الداودي : المراد بتقارب الزمان نقص الساعات والأيام والليالي انتهى .

ومراده بالنقص سرعة مرورها ، وذلك قرب قيام الساعة كما ثبت في الحديث الآخر عند مسلم وغيره " يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كاحتراق السعفة " ، وقيل إن المراد بالزمان المذكور زمان المهدي عند بسط العدل وكثرة الأمن وبسط الخير والرزق ، فإن ذلك الزمان يستقصر لاستلذاذه فتتقارب أطرافه ، وأما قوله : " لم تكد إلخ " فيه إشارة إلى غلبة الصدق على الرؤيا وإن أمكن أن شيئا منها لا يصدق ، والراجح أن المراد نفي الكذب عنها أصلا لأن حرف النفي الداخل على " كاد " ينفي قرب حصوله ، والنافي لقرب حصول الشيء أدل على نفيه نفسه ؛ ذكره الطيبي .

وقال القرطبي في " المفهم " : والمراد - والله أعلم - بآخر الزمان المذكور في هذا الحديث زمان الطائفة الباقية مع عيسى ابن مريم بعد قتله الدجال ، فقد ذكر مسلم في حديث عبد الله بن عمر ما نصه " فيبعث الله عيسى ابن مريم فيمكث في الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضه " الحديث ، قال : فكان أهل هذا الزمان أحسن هذه الأمة حالا بعد الصدر الأول وأصدقهم أقوالا ، فكانت رؤياهم لا تكذب ، ومن ثم قال عقب هذا : " وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا " وإنما كان كذلك لأن من كثر صدقه تنور قلبه وقوي إدراكه فانتقشت فيه المعاني على وجه الصحة ، وكذلك من كان غالب حاله الصدق في يقظته استصحب ذلك في نومه فلا يرى إلا صدقا وهذا بخلاف الكاذب والمخلط فإنه يفسد قلبه ويظلم فلا يرى إلا تخليطا وأضغاثا ، وقد يندر المنام أحيانا فيرى الصادق ما لا يصح ويرى الكاذب ما يصح ، ولكن الأغلب الأكثر ما تقدم ، والله أعلم .

وهذا يؤيد ما تقدم أن الرؤيا لا تكون إلا من أجزاء النبوة إن صدرت من مسلم صادق صالح ثم ، ومن ثم قيد بذلك في حديث " رؤيا المسلم جزء " فإنه جاء مطلقا مقتصرا على المسلم فأخرج الكافر ، وجاء مقيدا بالصالح تارة وبالصالحة وبالحسنة وبالصادقة كما تقدم بيانه ، فيحمل المطلق على المقيد ، وهو الذي يناسب حاله حال النبي فيكرم بما أكرم به [ ص: 424 ] النبي وهو الاطلاع على شيء من الغيب ، فأما الكافر والمنافق والكاذب والمخلط وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات فإنها لا تكون من الوحي ولا من النبوة ؛ إذ ليس كل من صدق ما يكون خبره ذلك نبوة ، فقد يقول الكاهن كلمة حق وقد يحدث المنجم فيصيب لكن كل ذلك على الندور والقلة ، والله أعلم .

وقال ابن أبي جمرة : معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب أنها تقع غالبا على الوجه الذي لا يحتاج إلى تعبير فلا يدخلها الكذب ، بخلاف ما قبل ذلك فإنها قد يخفى تأويلها فيعبرها العابر فلا تقع كما قال فيصدق دخول الكذب فيها بهذا الاعتبار ، قال : والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبا كما في الحديث : بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا أخرجه مسلم ، فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت فيكرم بالرؤيا الصادقة .

قال : ويمكن أن يؤخذ من هذا سبب اختلاف الأحاديث في عدد أجزاء النبوة بالنسبة لرؤيا المؤمن فيقال : كلما قرب الأمر وكانت الرؤيا أصدق حمل على أقل عدد ورد ، وعكسه وما بين ذلك .

قلت : وتنبغي الإشارة إلى هذه المناسبة فيما تقدم من المناسبات وحاصل ما اجتمع من كلامهم في معنى قوله : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب إذا كان المراد آخر الزمان ثلاثة أقوال ؛ أحدها : أن العلم بأمور الديانة لما يذهب غالبه بذهاب غالب أهله وتعذرت النبوة في هذه الأمة عوضوا بالمرأى الصادقة ليجدد لهم ما قد درس من العلم ، والثاني : أن المؤمنين لما يقل عددهم ويغلب الكفر والجهل والفسق على الموجودين يؤنس المؤمن ويعان بالرؤيا الصادقة إكراما له وتسلية وعلى هذين القولين لا يختص ذلك بزمان معين بل كلما قرب فراغ الدنيا وأخذ أمر الدين في الاضمحلال تكون رؤيا المؤمن الصادق أصدق ، والثالث : أن ذلك خاص بزمان عيسى ابن مريم ، وأولها أولاها ، والله أعلم .

قوله : ( ورؤيا المؤمن جزء ) الحديث هو معطوف على جملة الحديث الذي قبله وهو " إذا اقترب الزمان " الحديث ، فهو مرفوع أيضا ، وقد تقدم شرحه مستوفى قريبا ، وقوله : وما كان من النبوة فإنه لا يكذب هذا القدر لم يتقدم في شيء من طريق الحديث المذكور ، وظاهر إيراده هنا أنه مرفوع ، ولإن كان كذلك فإنه أولى ما فسر به المراد من النبوة في الحديث وهو صفة الصدق ، ثم ظهر لي أن قوله بعد هذا " قال محمد : وأنا أقول هذه " الإشارة في قوله : " هذه " للجملة المذكورة ، وهذا هو السر في إعادة قوله : " قال " بعد قوله : " هذا " ثم رأيت في " بغية النقاد لابن المواق " أن عبد الحق أغفل التنبيه على أن هذه الزيادة مدرجة وأنه لا شك في إدراجها ، فعلى هذا فهي من قول ابن سيرين وليست مرفوعة .




توقيع "الخنساء"

 

 



Facebook Twitter