الموضوع: قصة إسلامي
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2007-12-24, 7:41 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي
عندها ، جمعت قواي و كلمته بحزم و شدة ، و قلت له :
" اسمعني جيداً ، قد صبرت عليك كثيراً و احتملت منك الكثير ، ليس لضعفي أو لذلي ، و لكني أطيع الله في الصبر عليك ...و إن لم تشهر إسلامك ، فأنت لا تحل ّ لي "
قال : "ماذا تقصدين "
قلت " " الطلاق و هذا من حقي ! "
عندما سمع مني هذا هدأ و سكن ، و وافق على إشهار إسلامه . فقد كان يحبني كثيراً برغم كل ما يفعله معي .
أشهر إسلامه ، و لكن هذا لم يغير شيء في أخلاقه أو سلوكه أو معاملته بل حتى في إيمانه ! فقد كانت قناعته أن يؤدي الفرائض فحسب و لا يزيد عن ذلك قيد أنملة ، و كل شيء أكثر من ذلك في رأيه هو عبارة عن ( تطرّف ) ... و بذلك لا يهمّه أن يجلس مع أقوام يشربون الخمر و يرقصون و يختلطون رجالاً و نساء دون أن ينكر عليهم ذلك .
و كانت قناعته أن لو رزقنا الله بأولاد فليس لنا أن نربيهم على الإسلام بل نتركهم يختارون الطريق الذي يريدون !
كانت قناعته ألا يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، و يعارض موضوع الدعوة !
و كان يرفض موضوع سكننا في منطقة مسلمين في حال عدنا إلى سورية!
عندها شعرت بالخطر على ديني معه ، و خفت من الفتنة !
فقد كنت أصبر على طبعه و سوء أخلاقه و معاملته فقط لأنه صار مسلماً ! و لكن بعد أن لمست هذا الضعف في إيمانه و التذبذب في عقيدته ! انعدمت المحبة نحوه و تلاشت الثقة فيه و سقط من عيني تماماً !
و سقط من عين أهلي كذلك بعد أن عرفوا حقيقته !
ففكرت ، و استخرت ، ثم طلبت الطلاق !
رفض بالبداية ، و حاول أن يُصلح ، لكن وعوده كلها كانت زائفة !
عاودت طلب الطلاق ثانية ، و ألححت عليه ، فوافق أخيراً . تم الطلاق وافترقنا بعد أربع سنوات من حياتنا الزوجية و لا أولاد بيننا و لله الحمد ، ثم انتقلت لأسكن في سكن المدرسات و ما بقي لي سوى الله سبحانه فهو نعم المولى و نعم النصير. بدأت حياة جديدة و مختلفة ، فصحيح أني صرت لوحدي في البلد ، لكن هذه الوحدة هيأت لي جواً لطلب العلم دون أن يعترض طريقي أحد ! فقد تعرفت على أخت شامية في السكن مجازة في حفظ القرآن بسند إلى رسول الله صلى الله عليه و سلّم و على رواية حفص عن عاصم . فقصدتها و طلبت منها أن تعلمني التجويد فوافقت ، و أتقنت تجويد القرآن و بدأت بالحفظ تحت إشرافها ، و بنفس الوقت ، كنت قد اتصلت بشيخ مركز الدعوة و أخبرته بأخباري فأعطاني رقم تليفون إحدى الأخوات الفاضلات و هي إماراتية مجازة في الدراسات الإسلامية و داعية لها نشاطات دعوية معتبرة ، فاتصلت بها و صارت لي نعم الأخت المحبة و الصادقة ، و دعتني لحضور دروس في فقه العبادات لأحد الشيوخ الإماراتيين ، فاستجبت لها و بدأت أتعلم الفقه بأدق تفاصيله ، و كانت الأخت تمدّني بالكتب و الأشرطة عن طريق شيخ مركز الدعوة ، و تبلغني في حال وجود أي محاضرة لأحد الدعاة . و من هنا بدأت رحلتي في طلب العلم على أصوله بعد أن كنت أكتسبه من هنا و هناك و بشكل عشوائي ، و تولّى الشيوخ و الأخت الداعية أمر تعليمي و تربيتي تربية إسلامية على منهج أهل السنة و الجماعة و أهل السلف . بعد شهور من وجودي في السكن ، اتصل بي زوجي السابق و أخبرني بأنه نادم كثيراً على كل ما فعله ، و أنه تاب و يحتاج إلى وجودي معه كثيراً ، و خاصة أننا تعرّفنا على الإسلام معاً . ثم طلب مني أن أرجع إليه !
فكرت بالموضوع و استخرت الله فلم ينشرح صدري لذلك ، بل شعرت بالصدود و النفور منه ، فلطالما وعدني و أخلف ، و عاهدني و غدر ، و خاصمني وفجر ! و تذكرت مواقفه السابقة و قلت : " لا يلدغ المؤمن من جحره مرتين " . كلا ! لن أعود إليه ! و أخبرته برفضي ثم قمت بتغيير رقم جوالي كي لا يعاود الاتصال بي ثانية !
و عندها تذكرت الماضي عندما دعوت الله أن يرزقني بالزوج الصالح الذي يأخذ بيدي إلى الصراط المستقيم . و قلت في نفسي : ( سبحان الله الرزاق الكريم الوهاب ! لقد استجاب دعائي و رزقني بالزوج الذي أخذ بيدي إلى الصراط المستقيم ! لكنه ما كان زوجاً صالحاً !! سبحان الله ) ثم قلت : ( أستغفر الله العظيم ... ، فقد يُصلح الله أحواله و يلهمه رشده ، من يدري ؟؟!! ) .
ثم مرت الأيام و سمعت من بعض المقرّبين بأنه تأزّم نفسياً و عانى كثيراً بعد انفصالنا ، و أنه قد عاد للتدين و الالتزام و يبحث بعناء عن زوجة متدينة . ثم سمعت بعد سنة أو أكثر بأنه قد تزوج من فتاة من بنات الطائفة و لكنها و أهلها كانوا قد أسلموا من سنين . فعلمت حينها أنه إنسان صالح ، و لكن صلاحه قد ثبت مع امرأة أخرى غيري و ليس معي ، فسبحان الله اللطيف الخبير !
عدت لمواصلة طريقي في طلب العلم و العبادة و الدعوة ، فقد بدأت أدعو إلى الله بعد أن تعلّمت العلم الصحيح ، و بدأت أعلّم التجويد لبضعة بنات من السكن . و شاء الله تعالى أن أتعرف على إنسانة أردنية شاركتني غرفتي لمدة شهرين ثم غادرت السكن بعد مجيء زوجها لتسكن معه ، هذه الإنسانة كانت نادرة الوجود بصدقها و طيبة قلبها و التزامها . أخبرتها بقصتي فصارت لي أختاً و صديقة ، بل توأماً لروحي ، وكانت متزوجة من إمام مسجد و شيخ داعية لا يقل عنها أخلاقاً و تديناً ، فوجدت منهما النخوة و الشهامة و وقفوا بجانبي لأبعد الحدود حتى شعرت معهم و كأني بين أهلي . بالإضافة طبعاً لزميلاتي في المدرسة و السكن و مشائخي الكرام . هذا كله من رحمة الله تعالى بي ، (فمن ترك شيئاً لله عوضه الله بخير منه ) . و هكذا استمرت حياتي ما بين الإمارات في أيام الدوام المدرسي ، و بين سورية في فترة الإجازات ، و كنت أحاول أن أئتلف قلوب أهلي و أقاربي و أدعوهم إلى الإسلام ، فكنت أمدّهم بالكتب و الأشرطة و يدور بيننا نقاشات كثيرة ، لكن النتائج لم تكن مرضية تماماً ، كنت أخاف عليهم و أشفق عليهم ، و يحترق قلبي لأن يستجيبوا و يسلموا ، و خاصة والدي المريض ، فقد حاولت دعوته بشتى الطرق ، لكنه كان متأثراً بكتب المذهب كثيراً ، و بعد سلسلة طويلة من الاجتهادات ، بدأ يغير شيئاً من عقيدته في توحيد الله بكل معنى الكلمة و في الإيمان بالرسل ، و قد سمعته يوماً يقول : " أشهد ألا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله " و كان هذا إنجازاً رائعاً و خطوة معتبرة . سافرت إلى دبي و ما هي إلا أشهر حتى توفي ! رحمة الله عليه . بعد أن توفي والدي بدأت أمي تلحّ علي بان أترك الإمارات و أعود إلى سورية بشكل نهائي ، لكني رفضت خوفاً على ديني من الفتنة ! و كذلك لشعوري بالغربة القاتلة بينهم ! فسبحان الله ، بدأت أشعر أن رابطة الدين أقوى و أمتن بكثير من رابطة الدم . و الغربة هي غربة الروح لا غربة الجسد . و رفضت كذلك لأني أردت متابعة طريقي في طلب العلم فدروس الفقه ما كانت قد انتهت بعد ... فلم أطعهم و سافرت. لكن السؤال الذي كان يطرح نفسه دائماً هو :
إلى متى سأبقى في الإمارات ؟!
تلك البلاد الجميلة الرائعة التي عشقت هواءها و ترابها و شوارعها و مساجدها و مدارسها و مبانيها الشامخة و حدائقها الخضراء و بحرها و حضارتها ، و رقيّها !! تلك البلاد التي وُلدت فيها من جديد دينياً و عقائدياً و فكرياً و نفسياً !! كم سأبقى فيها ؟! فمهما طال بقائي لا بد لي من الرحيل منها بمجرد انتهاء إقامتي و عملي !
فالتفكير بمصيري كان يؤرقني و يقلقني ! لكني كنت أتوكل على الله و أقول لنفسي : إن الذي هداني و أوصلني إلى هذه المرحلة لن يضيعني إن شاء الله تعالى . و حين كان الكرب يشتد علي ، كان الله جل جلاله يكرمني ببعض الرؤى الجميلة التي كانت تؤنسني و ترفع معنوياتي ، كرؤية النبي صلى الله عليه و سلّم ، و رؤية الأنبياء عليهم السلام ، و رؤية الكعبة ....و غير ذلك . بعد مضي ثلاث سنوات على وجودي في السكن ، بدأت الضغوطات تأتيني من قبل الأهل يلحّون علي لتقديم إستقالتي من الإمارات و العودة إلى سورية ، فمن وجهة نظرهم ، كان بقائي لوحدي في بلاد الغربة غير منطقي ، و خاصة أني قد انفصلت عن زوجي ! و لست مضطرة إلى ذلك لأن أحوال الأهل المادية جيدة و الحمد لله ! و راحت أمي تتصل بي يومياً و تلح علي بالرجوع !
فكرت بالموضوع و بدأت أستشير شيوخي بالأمر ، و كانوا على فريقين ، الأول و هم الأكثر عدداً ، حذّروني من الرجوع و قالوا بأن سكني بينهم قد يعرّضني للفتنة و التخلّي عن ثوابتي تدريجياً . و نصحوني بأن أتزوج إنساناً مسلماً ملتزماً و أهجرهم . أما الفريق الثاني فنصحوني بالعودة ، و السكن بينهم و محاولة دعوتهم و الأخذ بأيديهم لإنقاذهم من النار ، فهم أولى الناس بالدعوة ، و طلبوا مني أن أمثّل لهم الإسلام في أقوالي و أفعالي و أخلاقي عسى الله أن يشرح صدورهم و أكون سبباً في هدايتهم ، و ذكروني بالحديث : " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " . تملّكتني الحيرة حقيقة فالأمر خطير ! إنه أكبر من أمور الدنيا بكل ما فيها ، بل هو يخص الحياة الأبدية في الآخرة !
فكرت بالرأي الأول ، فقلت ، إن الزواج عند هذه الملة من غير أهل الطائفة هو جريمة عظيمة بالنسبة لهم ! وكانوا في السابق يقتلون من يفعل ذلكّ، أما حالياً فقد تغيّر معظمهم و صاروا يكتفون بهجر الفاعل و التبرؤ منه !
ثم سألت نفسي :
" هل يا ترى أقوى على هجر أهلي و عائلتي و ذويّ ؟! هل أحتمل البعد نهائياً عن الأطفال عيال أخواتي الذين أحبهم حباً جماً ؟!
هل أستطيع أن أحرم نفسي من دخول منزل أهلي و أخواتي إلى الأبد ؟!
ياله من أمر يدمي القلب !
لكني تذكرت قول الله تعالى في سورة التوبة : ( قل إن كان آباؤكم و إخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربّصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين ) . فقلت إذاً أقتدي بالصحابة و الصحابيات الكرام و أفعل ذلك محتسبة أجري عند الله تعالى !
ففسحت المجال لنفسي لأن أتعرف على بعض من كانوا يتقدمون لخطبتي ضمن الضوابط الشرعية طبعاً ، فقد تقدّم لي العديد بعد انفصالي عن زوجي و معظمهم عن طريق صديقاتي اللاتي أحببنني كثيراً . لكن ما حدث أني ما وجدت المناسب منهم ! بل أني صدمت من مواقف سلبية و تصرفات سيئة من البعض صدمة كبيرة ! و خاصة أنهم كانوا من المسلمين الملتزمين الذين من المفترض أن يكونوا قدوة لغيرهم و يمثّلوا الإسلام في سلوكهم !
حزنت و تأثرت كثيراً و أدركت أن عصر الصحابة و السلف الصالح قد ولّى !! و أن الرجل الذي أريده غير موجود ، فأنّى لي بإنسان يعيش لله و يكون الإسلام عنده هو أهم من أهله و ماله و ولده و نفسه ؟! أنّى لي برجل شجاع لا يخشى في الله لومة لائم ؟!