صورة ودّ
هذه قصيدة توضح قوّة العاطفة التي أودعها الله في قلب الوالدين نحو الابن
للأستاذ- عمر بهاء الدين الأميري:
أين الضجيج العذب والشغب *** أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها *** أين الدمى في الأرض والكتب
أين التشاكس دونما غرض *** أين التشاكي ما له سبب
أين التباكي والتضاحك في *** وقت معاً والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي *** شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي *** والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجّهون بشوق فطرتهم *** نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحو *** ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم (بابا) إذا ابتعدو *** ونحيبهم (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلن *** واليوم ويح القوم قد ذهبوا
كأنما الصمت الذي هبطت *** أثقاله في الدار إذا غربوا
إغفاءة المحموم هدأته *** فيها يشبع الهم والتعب
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم في *** القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتّ *** نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم *** في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفرو *** ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في النافذات زجاجهم حطمو *** في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه *** وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلو *** في علبة الحلوى قد نهبوا
في الشطر من تفاحة قضمو *** في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت *** عيني كأسراب القطا سربوا
ما ألذّ ذكرياتنا مع الوالدين!
الأحداث التي حسبناها في يوم ما خشنة هي اليوم ناعمة، وتلك التي ظننّاها قاسية أصبحت اليوم رحيمة، وتلك التي رأيناها ساعة ما- بمنظور آنيّ- ظالمة صارت عادلة لذيذة!
وعالم الوالدين مع أبنائهم مليء بالمواقف والألوان التي تستحق أن تسطّر وتزين بها صفحات المجلات.. لمستُه الجميلة أروع من كل (ديكور)، ودفؤه أحنى من كل دفء، ومذاق مواقفه الطريفة الصادقة أحلى من (كوميديا) الدنيا!
لهذا العالم الذي ملأ حياتنا حياة، وسقى أرواحنا حباً وبرداً وسلاماً أجمل التحية..