أيها الإخوة: هذه الأذكار النافعة؛ علينا أن نتعلمها، وأن نعلمها أهلنا، وأن نحييها في نفوسهم، ومن ذلك خواتيم سورة البقرة، الآيتان من أخر سورة البقرة: ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ )[285البقرة] إلى أخرها، آيتان بسيطتان خفيفتان؛ لمن أراد أن يحفظهما؛ قال - صلى الله عليه وسلم - فيهما في الحديث الصحيح: ( من قرأ الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه ) أي كفتاه من كل شر وبلاء، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك المعوذتان: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)[1الفلق] و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )[1الناس].
لما سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه؛ نزل جبريل وميكال، ورقياه بهاتين السورتين العظيمتين: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )؛ وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يقولهما ثلاث مرات؛ إذا أصبح وإذا أمسى، كما جاء ذلك في أحاديث كثيرة عنه - صلى الله عليه وسلم - في دبر صلاة الفجر، وصلاة المغرب، فعلينا أن نحافظ على هاتين السورتين العظيمتين.
ولما قرء عليه هاتين السورتين؛ برئ - صلى الله عليه وسلم - من هذا السحر، وقام كأنما نشط من عقال، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تنزلا عليه؛ كان يتعوذ بالله من كل شيطان، ومن عين الإنسان، فلما نزلت عليه هاتان السورتان العظيمتان؛ صار يتعوذ بهما، وترك ما سواهما، كما ورد ذلك عند النسائي وغيره بإسناد صحيح.
ومن أسباب العصمة من الشياطين أيضا الأوراد من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
فقد كان - صلوات الله وسلامه عليه - يعوذ الحسن والحسين – رضي الله عنهما – ويقول:
( أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة )
وثبت عند الترمذي وغيره؛ من حديث خولة بنت حكيم؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إذا نزل أحدكم منزلا؛ فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لم يضره شيء، حتى يتحول من منزله ذلك)
وجاءه رجل نزل منزلا فلدغ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ( لو أنك قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ ما ضرك ذلك )أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.
وكان يرقي بعض أهله ويقول: ( اللهم رب الناس؛ أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما ) كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم.
وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرة وعديدة، والموفق من وفق لتعلمها، ورددها في الصباح والمساء، فسيعصم بإذن الله من شر شياطين الإنس والجن ،علاوة على ما يحوز عليه من الأجر العظيم، والرضوان المقيم، والأجر العظيم الجزيل عند الله سبحانه وتعالى.
أيها الإخوة: سورة البقرة، وآل عمران، الزهراوان، السورتان العظيمتان؛ تعلموهما، واقرؤوهما، وحثوا أهلكم على قراءتهما؛ اقرءوا هاتين السورتين في بيوتكم، فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في شأن سورة البقرة: ( إن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة ) ( أي الشياطين ) وقال - صلى الله عليه وسلم-: ( لا يدخل الشيطان بيت تقرأ فيه سورة البقرة، وآل عمران ) وقال - صلى الله عليه وسلم - في رواية: ( بيت تقرأ فيه البقرة وآل عمران؛ لا يقربه الشيطان أبدا ).
فعباد الله: اقرءوا هاتين السورتين في بيوتكم؛ تأمنوا من شر شياطين الجن والإنس بإذن الله، أخرجوا أصوات الشر والباطل، فوالله إنها سبب كل شر وبلاء في الدنيا والآخرة، وسبب كل سقم ومرض، واقرءوا كتاب الله، وأحيوا الصلاة في بيوتكم، ولا تجعلوا بيوتكم كالمقابر؛ لا يذكر اسم الله عز وجل فيها إلا قليلا، واقتدوا برسولكم - صلى الله عليه وسلم.
ذكر أحد الدعاة في بلاد مجاورة؛ أن رجلا جاء إليه يشكو من فعل الجن بأهله، فذكر أنهم كانوا يؤذون أهله في بيوتهم، وذكر أنهم يأخذون التراب، ويضعونه على رأس أمه، وأنهم يفسدون طعامهم وشرابهم، ويفعلون لهم كل شر، فذهب ذلك الداعية، وقد قصها بلسانه، قال: " وقرأت سورة البقرة وآل عمران في بيتهم، فوالله لم تقربهم الجن بعد ذلك أبدا "
وصدق الله عز وجل ورسوله، هذا كتاب الله عز وجل، وهذه سنة رسولكم - صلى الله عليه وسلم -،وهذا علم الشريعة؛ فأحيوه في نفوسكم، وأحيوه في قلوبكم، واتركوا الأسباب المحرمة، والذهاب إلى السحرة والمنجمين، وعلينا أن نخبر عنهم، ونبلغ عنهم الجهات المسئولة، لا أن نطرق أبوابهم، ونذهب إليهم؛ لنشتري الضلالة بالهدى والعياذ بالله.
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، ومن أيماننا وعن شمائلنا، واحفظنا اللهم من فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم احفظنا واحرسنا من شر شياطين الجن والإنس، اللهم احفظنا واحرسنا، واكلأنا بعينك التي لا تنام، واحرسنا بجنابك الذي لا يضام، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اهد شباب المسلمين، وبنات المسلمين ونساءهم، وجميع المسلمين، وشيبهم وشبابهم، اللهم اهدي ولاة أمر المسلمين، واجعلهم هداة مهتديين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم أعلي بهم الدين، وأعلي بهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
اللهم اكبت بهم الشر والضلال، وغير بهم المنكر، اللهم اجعلهم هداة مهتدين؛ لا ضالين ولا مضلين، وارزقهم البطانة الصالحين الناصحين؛ الذين يعينونهم على الحق؛ ويذكرونهم إذا نسوا؛ ولا يخافون فيك لومة لائم يا سميع الدعاء.
اللهم انصر المجاهدين وأعلي رايتهم، اللهم انصر المجاهدين في أفغان، اللهم قر عيوننا وعيونهم بقيام دولة إسلامية في بلادهم، وعلى أرضهم، اللهم أتم عليهم نصرك، وأخذل أعداءهم، وأخلع شوكتهم، واخضض حصادهم، اللهم أنزل عليهم سخطك، وأحل بهم مقتك، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين؛ إنك على ذلك قدير.
ألا: وصلوا على نبي الهدى وإمام التقى، فقد أمركم الله بذلكم، فقال تعالى قولا كريما: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )[56الأحزاب]
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( من صلى علي صلاة واحدة؛ صلى الله بها عليه عشرة )
اللهم صلى وسلم على نبينا محمد، كما صليت وسلمت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
الشيخ / محمد بن أحمد الفراج