ياله من عابد!!!
عرفته جبال البوسنة وأنهارها قبل أن أعرفه، وتسارعت خطاه إلى إغاثة اللهفان ومواساة المكروب من أهلها قبل أن تطأ قدماي أرض البوسنة، لم يتردد يوما في إجابة حاجة لاجئ كوسوفا لما أصابهم بغي الإرهاب الدولي النصراني وظلمه، فيا ليت شعري لو شاهدته ودموعه تنساب حزنا على ألم الأمة ومصابها في أرض كوسوفا.
يبيت فريدا وحيدا عفيفا ويترك أهله وأحبابه وخلانه في بلاده ،ويهاجر إلى أرض الله عابدا متبتلا إلى ربه بالدعوة لدينه ،لعمري كأنه يعد نفسه للسفر إلى الله وحيدا. ... من منا – إلا من رحم الله – يخرج من بلده وزوجه وأولاده لا يكاد يراهم إلا عبا خمس عشرة سنة متوالية طمعا في التقرب إلى الله حاله قول الله تعالى ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) "الإنسان:9" ... كان والله فريدا كريما في طبعه كريما في خلقه مبالغا في ولائه وحبه للمؤمنين صادقا في صبره وجلده أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا بل الله يزكي من يشاء لا أذكر يوما أن نفسه تطلعت لدنيا فانية وهو يدرك أنه لو سأل لنالته الأعطيات.
" عابد غلام" واقع أنموذج من نماذج التضحية والبذل والإيثار في مجال العمل الخيري المؤسسي فأين منه أولئك الذين يتصدرون من مكاتبهم أمام عدسات القنوات ولاقطات الإذاعات يؤطرون وينظرون لمعاني ومقاصد العمل الخيري ينقض آخر كلامهم أوله ؟ ألست ترى من ينبري ليحجم العمل الخيري في أصقاع المعمورة ويشرق ويغرب في ذكر مساوئ الرجال ولم يقف يوما على ما تحقق من مصالح اجتماعية ودينية .... غاب "عابد غلام" في منتصف عمره دون صوت ينعاه وبلا تغطية إعلامية تحكي سيرته مات ولكن عمله حي لم يمت صدقة جارية له – بإذن الله- عطاء وجود بلا حدود .قال الله تعالى :( قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور) "الرعد :16" . بنى أكثر من ثلاثين مسجدا وأقام عشرات الحلقات القرآنية فيها ،واسى المكلومين وداوى مرضى وأشبع جوعى وسد حاجة أيتام وأرامل .
نحن نحبك يا عابد لأنك أحببت دين الله رضينا عنك يا عابد لأنك أرضيت ربك حق لزوجتك أن تفخر بك وحق لأولادك أن يتفاخروا بالانتساب لك هكذا هم الرجال الذين تكتب سيرهم بمداد الذهب .
قال تعالى ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )
" الأحزاب:23" .
نور الله قبرك يا عابد بنور من عنده كما أنرت للعديد من البشر الطريق وثبتك الله بالقول الثابت كما هديت بشرا بإذن ربك إلى صراط الله المستقيم .
المقال لـ ( عبد الحميد بن عبد الله الزامل ) من مجلة " الأسرة