عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-05-27, 7:02 PM
الدكتور فهد بن سعود العصيمي
المشرف العام على الموقع
الصورة الرمزية الدكتور فهد بن سعود العصيمي
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 2 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 9,376

غير متواجد
 
افتراضي ما حكم من يكذب في الرؤيا؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله


ما حكم من يكذب في الرؤيا؟
جاء الوعيد الشديد لمَن كذب في منامه، وعقد البخاري في صحيحه
باب: مَن كذب في حُلْمِه، وساق فيه حديثين:

الأول: حديث ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم
قال: (( مَن تَحَلَّم بحلم لم يَرَه كُلَّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومَن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يَفرُّون منه صُبَّ في أُذُنه الآنكُ يوم القيامة، ومَن صَّور صورةً عُذِّب وكُلِّف أن ينفخ فيها وليس بنافخ))
رواه أحمد والنسائي من رواية قتادة رضي الله عنه.
وجاء في رواية أخرى عن أبي هريرة: (( مَن كذب في رؤياه)).

والثاني: حديث ابن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (( مِن أفرَى الفِرى أن يُريَ عينُهُ ما لم ترَ ))، وفي رواية: (( ما لم يريا ))
( الفتح _12/427)
ومعنى: أفرى الفرى أي أعظم الكذبات، والفِرَى جمع فرية وهي الكذبة العظيمة.
ومعنى: مَن تَحَلَّم أي مَن تكلّف الحُلْم هذا.
وتلاحظ من الحديثين شدة عذاب الكاذب في المنام؛ وسبب ذلك يوضحه لنا الإمام الطبري،
قال: إنما اشتد فيه الوعيد، مع أنَّ الكذب في اليقظة قد يكون أشدُّ مفسدة منه؛
إذْ قد تكون شهادةً في قتل أو حدّ أو أخذ مال؛
لأن الكذب في المنام كذب على الله أنه أراهُ ما لم يَرَهْ، والكذب على الله أشدّ من الكذب على المخلوقين
لقوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [ هود: 18 ]
وإنما كان الكذب في المنام كذباً على الله لحديث: (( الرؤيا جزء من النبوة))،
وما كان من أجزاء النبوة فهو من قِبل الله،
وأعود لكلمة: (الآنك)؛ والآنُكُ هو الرصاص المُذاب، يُصَبُّ في أذنه لأن الجزاء من جنس العمل،
وهنا لا حظ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث

قال: ((من تحَلَّم بحُلْم )) وسماه حلماً ولم يُسمِّه رؤيا لأنه ادّعى أنّه رأى ولم يرَ شيئاً فكان كاذباً والكذب إنما هو من الشيطان،
والرسول صلى الله عليه وسلم قال مرّ بنا: (( الحُلْم من الشيطان ))،
وما كان من الشيطان فهو غير حق.
وهنا لا حظ تشابه عقوبة المصوّر وهي: (( فليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة...)) الحديث،
وعقوبة الذي يكذب في الحُلْم وهي: [ أن يعقد بين شعيرتين ]
ومعنى العقد بين الشعيرتين: أن يَفْتِل إحداهما بالأخرى، وهذا عادةً مستحيل،
والتشابه هنا بين المصوّر والكاذب في منامه:
أن الرؤيا خلقٌ من خلق الله وهي صورة معنوية فأدخل بكذبه صورةً لم تقع، كما أدخل المُصوِّر في الوجود صورة ليست بحقيقة، لأنَّ الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح،
فكلف صاحب الصورة اللطيفة _ وهو الحالم _ أمراً لطيفاً وهو الاتصال المُعبر عنه بالعقد بين الشعيرتين،
وكُلف صاحب الصورة الكثيفة _ وهو المصوِّر _ أمراً شديداً وهو أن يُتم ما خلقه بزعمه بنفخ الروح،
ووقع وعيد كل منهما بأنه يعذب حتى يفعل ما كُلِّف به وهو ليس بفاعل، فهو كناية عن تعذيب كل منهما على الدوام، إلاَّ أن يرحمهما الله، وهذا التشديد على الكاذب في حلمه لأنه كذب على جنس النبوة، والمُصوِّر نازع الخالق في قدرته.
(ابن حجر _12/429،428 )


[line]
يمكن الاستفادة من المقالة بشرط الإحالة للموقع وصاحبه فقط ومن ينقل أو يقتبس دون إحالة فهو عرضة للعقاب الدنيوي والأخروي.

التعديل الأخير تم بواسطة الحسنى ; 2008-02-06 الساعة 5:21 PM.


توقيع الدكتور فهد بن سعود العصيمي


والله أعلم، وليُعلم أن التعبير بالظن ، والظن يخطىء ويصيب.

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب:
علم التعبير صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده،ويثاب المرء على تعلمه وتعليمه.


الصفحة الرسمية على تويتر: د. فهد العصيمي @FahadALOsimy