ثالثا: بالنسبة للأسرة والمجتمع
إن الرضاعة الطبيعية هبة مجانية من رب العالمين توفر مبالغ ضخمة للأسرة ممكن أن يستفاد منها في سد جوانب ملحة أخرى وبالتالي للمجتمع والدولة. والطفل حتى الشهر السادس من عمره لا يحتاج إلى إضافة إي غذاء إلى حليب أمه وإذا ما عرفنا أنها تقلل كثيراً من نسبة الإصابة بالأمراض أو الوفيات مقارنة بالرضاعة الاصطناعية عرفنا أهميتها الاقتصادية والسكانية خاصة في ظروفنا الحالية حيث الحصار الغذائي والدوائي على قطرنا العراقي وبعض الدول العربية والإسلامية.
فنحن إذن في أمس الحاجة لتوفير مبالغ بمليارات الدولارات سنوياً للدول في العالم الثالث والإفادة منها في مشاريع صحية وقائية وعلاجية وتربوية حيوية أخرى.
وفي دراسة أجريت في ولاية كارولينا الشمالية في أمريكا عن تكاليف الرضاعة الاصطناعية للطفل الواحد فكانت ألف دولار سنوياً إضافة إلى تكاليف المعالجة الطبية التي يتعرض لها جراء ذلك في السنة الأولى من عمره والتي قدرت بألف وأربعمائة دولار أخرى بينما الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم طبيعياً لا يكلفون اولياءهم أو الرعاية الصحية هذه المبالغ !
من اجل ذلك كله دأبت المنظمات الطبية والصحية العالمية والجمعيات الطبية المتخصصة بالأطفال على تشجيع الرضاعة الطبيعية وعلى الأقل لمدة ستة أشهر الأولى من حياة الطفل، بل كلما كانت مدتها تقرب من العامين كانت النتائج أفضل. وكذلك من خلال دراسات كثيرة ولا زالت مستمرة وتكشف يومياً عن هذه الفوائد. علماً أن هذه النتيجة قد ذكرها القرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة منذ أكثر من (14) قرناً كما سنبينه في الفقرة الآتية.
وخلاصة القول فإننا يجب أن ننظر إلى الرضاعة الاصطناعية كحالة استثنائية تلجأ إليها الأم في ظروف محددة و باستشارة المختصين كما يلجأ المريض إلى تناول الدواء في حالة مرضه!
والآن بعد هذه النبذة المختصرة عن فوائد الرضاعة الطبيعية من الناحية الطبية، فما الذي ذكر عنها في الشريعة الإسلامية من قرآن وسنة وأقوال الصحابة و الفقهاء؟. وسنذكر أدناه مختصرا لأهم ما ورد بخصوص الرضاعة الطبيعية من هذه المصادر.
أولا : القرآن الكريم
ان كلمة الرضاعة والفصال ومشتقاتهما قد تكررت في القرآن الكريم أربع عشرة مرة في سبع سور وثماني آيات كريمات كما في الجدول أدناه:
ت
اسم السورة
رقم الآية
الكلمة
1.
سورة البقرة
233
يرضعن، الرضاعة، فصالاً، تسترضعوا
2.
سورة النساء
23
أرضعنكم، الرضاعة
3.
سورة الحج
2
مرضعة، أرضعت
4.
سورة القصص
7،12
ارضعيه، المراضع
5.
سورة لقمان
14
وفصاله
6.
سورة الاحقاف
15
وفصاله
7.
سورة الطلاق
6
ارضعن، فسترضع
في هذه الآيات الكريمات في موضوع الرضاع وإحكامه دليل قاطع على أهمية الرضاعة الطبيعية، والحكمة الإلهية في ترسيخ المعاني الإنسانية والدلائل الشرعية الصحيحة لخدمة البشر، وهذا اكبر برهان أن يستدل بهذا العدد الكبير من الآيات القرآنية الكريمة حول موضوع الرضا ع لما في ذلك من تقدير شرعي وبعد إنساني، الغاية منه بناء جيل سليم وصحيح.
ونذكر أدناه بعضاً من هذه الآيات الكريمات. منها قوله تعالى:
1. (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) (البقرة /233)
2. (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (الاحقاف / 15)
3. (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان / 14)
4. (وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه) (القصص / 7)
ثانيا : الأحاديث النبوية الشريفة
هناك عدد لا بأس به من الأحاديث النبوية الشريفة بخصوص الرضاعة وفضلها وأحكامها وردت في كتب الأحاديث والصحاح منها :
1. قوله صلى الله عليه وسلم : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) رواه الشيخان
2. وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحرم من الرضاعة الا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام) صحيح الترمذي/1072.
3. وعن عبد الله بن مسعود قال: ( لا رضاعة إلا ما شد العظم وانبت اللحمَ) سنن أبي داود/1763. والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه وقال أنشز العظمَ.
ثالثا: من أقوال الصحابة
من أقوال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه : (ما من لبن رضع به الصبي اعظم بركة عليه من لبن امه) نهج البلاغة ج/5 ص/121
ومن اقواله أيضا انه قال: " تخيروا للرضاع كما تتخيروا للنكاح فان الرضاع يغير الطباع " المستدرك ج/2 ص/196
والحمد لله رب العالمين
الطبيب الاستشاري
الدكتور محمد جميل الحبال
باحث في الإعجاز العلمي والطبي في القران والسنة