الموضوع: تفاحة القلب
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 2012-11-23, 8:36 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
حركي الكون ..

إنها بطولة من نوع آخر وقدرة خارقة ، لا يمتلكها السحرة أو الأبطال ..

هل تستطيعين تحريك الشمس ؟؟!

القمر ؟؟!

النجوم ؟؟!

الجبال ؟؟!

السهول ، الأودية ، الصخور ...

بل هل تستطيعين تحريك الكون ؟!!!

إنها قوة لا يمتلكها إلا من أناب وأقبل على ربه تائباً نادماً مخلصاً لله .

هذه الكرامة ليست لنبي مرسل أو عابدٍ زاهد بل هي لعبدٍ عصى .. ثم عصى .. ثم عصى .. ثم ندم وأقبل وانكسر .

:::::::



مثْلُكِ لا تجهل قصة الذي قتل 100 نفس ، فقد قص النبيّ - صلى الله عليه وسلم – قصة رجلٍ أسرف على نفسه ثم تاب وأناب فقبل الله توبته ..

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمّل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم من يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق فأتاه ملك الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيراً قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة .

وفي رواية : فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال قيسوا بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له .

:: لقد تحركت الأرض لأجل قاتل المائة ::

لا عجب فإنه .. تـائـب

______________________________________________

أخرجه الترمذي (2394)(600/4) وقال : "حديث حسن" . وأبو داود (4832)(259/4) ؛ من حديث أبي سعيد الخدري ت مرفوعاً .

السماء تُمطر لأجل تائب ..

إن كانت الأرض قد تحركت وطُويت ، فإن السماء والسحب كذلك تتحرك لأجل تائب ..

أورد ابن قدامة في كتابه ( التوابون ) هذه القصة الرائعة لعبد تاب من بني إسرائيل حيث لحق ببني إسرائيل قحطٌ في عهد موسى عليه السلام فاجتمعوا إلى موسى وقالوا يا نبي الله ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء ليستسقوا وهم سبعون ألفاً أو يزيدون ، فقال موسى : إلهنا اسقنا غيثك وانشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضّع والبهائم الرتّع والشيوخ الركّع فما ازدادت السماء إلا تقشعاً وما ازدادت الشمس إلا حرارة ، فقال : يا رب استسقيناك ولم تسقنا ؟؟ قال الله يا موسى : إن فيكم عبداً يبارزني بالمعصية منذ أربعين عاماً فأْمره أن يخرج من بين أظهركم .

قام ينادي فيهم قائلاً : يا أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية أربعين عاماً اخرج من بين أظهرنا ، فيوحي الله إلى موسى أنه تلفت هذا العبد يميناً وشمالاً لعله يخرج غيره فعلم أنه المقصود بذلك فقال في نفسه إن خرجتُ افتضحت على رؤوس بني إسرائيل وإن بقيت هلكت وهلكوا جميعاً بالقحط والجدب فما كان منه إلا أن أدخل رأسه في ثيابه وقال : يا رب عصيتك أربعين وأمهلتني واليوم أقبلتُ إليك طائعاً تائباً نادما ، فاقبلني واسترني بين الخلق هؤلاء يا أكرم الأكرمين ، فلم يستتم الكلام حتى علت السماء سحابة فأمطرت كأفواه القرب ، فقال موسى كليم الله لربه سبحانه وتعالى يا رب سقيتنا ولم يخرج من بين أظهرنا أحد !!

فقال الله يا موسى أسقيتكم بالذي منعتكم به ، بنفس العبد الذي منعتكم به أسقيتكم به ، قال موسى يا رب أرني هذا العبد الطائع التائب والنادم ، قال يا موسى :

لم أكن لأفضحه وهو يعصيني
أفأفضحه وهو يطيعني .. ؟!
-
ملاحظة:
هذه القصة من الإسرائيليات ، وقد ذكرها الإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى المتوفى سنة 620 هـ في كتابه (التوابين) ص 80-82 برقم 32 فقال :

(توبة العبد العاصي : ورُوي أنه لحق بني إسرائيل قحط على عهد موسى عليه السلام ..) فساق القصة بلا سند

-
اِمحي الأثر ..

تخيلي لو أنكِ تمتلكين فستاناً جميلاً بألوان جذابة براقة قد انساب على جسدك الطاهر انسياباً وقد اقتنيتيه بغالي الثمن وعلى قدر روعته فهو يحتاج إلى عناية فائقة وحرص شديد على نظافته .

كنتِ مرة تُمسكين بالقلم فإذا بقطرة من الحبر تنسكب على فستانك الجميل ! وبعد وقتٍ يسير من ذلك وأنتِ ترفعين كوب الشاي لترشفين منه فإذا به ينسكب على فستانك ! ثم جُرح إصبعك فإذا بأول قطرة دم تسقط لتحدث بقعة على فستانك .. ثم بقعة ثانية .. ثم ثالثة !

كيف يا ترى سيكون منظر الفستان إن اجتمعت فيه كل تلك البقع ؟؟؟

هل انتهى الأمر ؟ .. هل فقدتِ الفستان ولا سبيل لإزالة ما عليه من أوساخ ؟؟

بل السبيل متاح فإن عالم الصناعة قد أبدع وأجاد في إنتاج منظفات متعددة تتحدى أصعب البقع ما عليك إلا اختيار المناسب منها والمبادرة سريعاً لإعادة الفستان لنظافته وجماله أو أن تحمليه لأشهر مغسلة أوتوماتيكية في البلد وتؤكدي للعامل ضرورة الاعتناء به وإعادته لسابق عهده أو .. أو ... حلولٌ كثيرة لا تعدميها ..

فإن كان هذا الجهد كله لأجل إزالة بقعة أو محو أثرٍ من فستان ؟!!!

ألا تستحق معاصينا كل ذلك الاعتناء الذي نالته بقع الفستان ؟!!

أليست المعاصي أشد ضرراً على الفرد والمجتمع والأمة من بقعة زرقاء أو سوداء أو حمراء ؟؟!!

يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - :

" اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "

[ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ]

* في هذه الدقائق الغالية تأملي ما سلف .. تذكري معصية في حق الله اقترفتيها أو حقاً ضيعتيه أو وزراً حملتيه ، ثم قومي فوراً بطرح البديل الماحي من حسنة ستقدمينها أو خير ستبذليه ..



انتبهي .. !!

اكتبي المعصية بقلم رصاص ثم امحيها كي لا ينطبق عليك قول النبي – صلى الله عليه وسلم - :

" كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجانة أن يعمل الرجل عملاً بالليل ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه "

[ متفق عليه ]

إذاً بادري لمحو كل معصية وإلا غَدَت حياتك مثل ذلك الفستان المتسخ ..

" إِنّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيِّئَاتِ "

حتماً أنتِ الآن سعيدة بعد أن محوتِ أثر الذنوب من حياتك كسعادتك بعودة فستانك ..

.. تأملي ..

قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :

" خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام "

فبقدر حرق المعصية وحرارتها في قلبك ..

بقدر ما يكون بذْلُكِ للطاعة وانشغالكِ بسُبلها !
-يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - :

" اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "

[ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ]

أي :

أتبع الفاعل أنت ، والسيئة هي المتبوعة ، والحسنة هي التابعة ، يعني : اجعل الحسنة وراء السيئة - بعد السيئة - ، إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة ؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات ، كما قال - جل وعلا - : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } .

وفي الصحيح ، صحيح البخاري - رحمه الله - وغيره أن رجلا من الصحابة نال من امرأة قُبلة فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بالخبر مستعظما لما فعل ، فيسأله عن كفارة ذلك ، فنزل قول الله - جل وعلا - : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } فقال له - عليه الصلاة والسلام - : هل صليت معنا في هذا المسجد ؟ قال : نعم . قال : فهي كفارة ما أتيت .
وهذا يدل على أن المؤمن يجب عليه أن يستغفر من السيئات، وأن يسعى في زوالها، وذلك بأن يأتي بالحسنات، فالإتيان بالحسنات يمحو الله -جل وعلا- به أنواع السيئات

نسجل في الجدول سيئة ، ونقابلها بالحسنة

فالحسنات هنا بديل ماحي للسيئات

لا تجمعي النقاط السوداء .. !

النقاط السوداء نظامٌ مروري عملت به بعض الدول تقضي لائحته باحتساب نقاط سوداء لجملة من المخالفات المرورية على هيئة نقاط سوداء تقدّر بـ (24 نقطة) تصل عقوبتها لحبس رخصة القيادة مع حجز المركبة .

لكن .. ما دخل هذا القرار المروري بموضوع التوبة ؟؟!!

إن المعصية في حياتك تلو المعصية ما هي إلا جمع لنقاط سوداء لا تُنقط على ورقة قد تُمزق أو ثوب قد يُغسل وإنما تبصم على ملك الجوارح ومركز الأعضاء .. قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :

" إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتب في قلبه نكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه " ..

وهو الران الذي ذكر الله " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون "

[ رواه الترمذي ]

إذاً تلك النقطة السوداء توضع على قلبي وقلبك ، ذلك العضو الصغير الذي قال عنه حبيبنا ونبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - :

" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "

[ متفق عليه ]

تخيلي قلبكِ بعد معصية تتلوها معصية تتلوها معصية .. كيف سيكون ؟؟!!

قلبك الغالي ليس بلوحة فنية قد تستبدليها بأخرى أو قطعة أثاث فترمينها فإن الذنوب إذا تراكمت على القلب اسودّ لها الوجه ووهن الجسد وقلت العبادة ومُحقت البركة وفسد العقل وضاع الوقت وحصلت الوحشة بين العبد وبين ربه جل وعز ..

لذلك .. اعتني بقلبك ولا تجمعي عليه النقاط السوداء .. !!




{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }

-
التعديل الأخير تم بواسطة يمامة الوادي ; 2012-11-23 الساعة 10:11 PM.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟