" تفاحة القلب " ،، لقد أطلقته العرب على الفتاة للدلالة على عظيم مكانتها في النفوس وعلو شأنها في الحب والوداد ..
دخل عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان ـ رضيالله عنهما ـ فوجده يداعب ابنته عائشة فقال عمرو : من هذه ؟ فقال معاوية : هذه تفاحة القلب !
قال عمرو : انبذها عنك فوالله إنهن ليلدن الأعداء ، ويقربن البعداء ، ويورثن الضغناء
فقال معاوية : لا تقل هذا يا عمرو ، فوالله ما مرَّض المرضى ، ولا ندبالموتى ، ولا أعان على الأحزان مثلهن .. ورب ابن أخت قد نفع خاله .
لماذاالتفاحة؟!
-
لأنها الفاكهة التي يحبها الصغار والكبار .. وأنتِكذلك يُحبكِ الجميع ؛ لأن من التفاح ما هو أصفر اللون ومنه الأحمر والأخضر ،ألوان ذات بهجة .. وأنتِ كذلك : زاهيةٌ نضرة كألوان التفاح .
لماذاالقلب؟!
لأن محلكِ القلب ؛ فأنتِ قرة عين والديكِ وأمتك .. الجميع يحبك ، وأنتِ الابنة المحبوبة وأنتِ الزوجة المصون وأنتِ الأم الحنون ، ومن كانت كذلك .. فكيف لا يكون في القلب مستقرها !!
لماذا سورة يوسف ؟!!
لأنها الأقرب إلى معالم حياتِك الصغيرة .. بيت وأخوةوأب . لأنها السورة التي صورت أحداثها انفعالات البشر من مشاعر غيرة وحقدوإحسان .. حب وعتاب .. فراق ولقاء .. وهكذا الدنيا ..
هي السورة التي وضعت أسس التربية في علاقة الأب بأبنائه والأخ مع إخوانه وما أحوجكِ لمثل هذا المنهج الرباني ..
فيها قصة الصراع بين الحق والباطل الذي ترينه في ساحات الحياة وفي دنيا الناس ثم غلبة أمر الله ..
فيها فتنة النساء كي تجتنبيها ، فلا تكوني ثغراً في جدار أمتنا ..
فيها انتصار النفس الأبيّة في مواطن الزلل وأنتِ من نسل الإباء !!
لأنها السورة التي تحكي قصة من قصص البشر ، والقصة تربي النفوس وتُزكي القِيَم وما هي بقصة نسجها خيال البشر بل هي قصة وَصَفها الله تعالى بأنهاأحسن القصص ..
لأنها سورة من 114 سورة رسمت لنا منهج الحياة .. فلنتربى في ظلالها الوارف ..
من الصندوق :
-
مواقف عاشها أناس ..
وخلاصة فكر البشر ..
فوائد منتقاة وحكم مستوحاة ..
جميعها لكِ من هنا وهناك لتختصر لكِ المسافات وتطلعكِ على تجارب وحكايات .. حرصت أن أسد كل فراغ في الصندوق بتفاحة مناسبة في حجمها ولونها .
من يُفسر لي حلمي ؟!
{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) }
رأى يوسف عليه السلام في منامه أحد عشر كوكباً ورأى الشمس والقمر له ساجدين، فتعجب من هذه الرؤيا فرأى أن يقصها على أقرب إنسان إلى قلبه .. والده الحنون يعقوب عليه السلام .
ثم تكرر أمر الرؤيا حين دخول يوسف عليه السلام السجن فجاءه سجينان يطلبان منه تعبير رؤياهما ..
ثم رؤيا ثالثة رآها عزيز مصر .. فأولها يوسف عليه السلام .
والرؤى الثلاث كلها تحققت لشخصيات القصة ..
عزيزتي .. كثيراً ما رأيتِ في منامكِ أحداثاً وأشخاص ، رأيتِ أحلاماً جميلةوأخرى كوابيس مخيفة ، وكثيراً ما كنتِ تسألين هذهِ وتلك لعلكِ تجدين من يفسر لكِ ما رأيتِ في المنام .
فاعلمي أولاً أن ما يراه النائم في منامه أحد ثلاث وهي :
1 / الرؤيا الصالحة : وهي من الله كَأَن يرى النائم ما يسرُه ويبشره بالخير .
2 / الحلم : وهذا من الشيطان وهو ما يراه النائم من كوابيس مُفزعة تخيفه وهذا من تلاعب الشيطان بابن آدم كي يحزن المؤمن .
3 / أضغاث أحلام : وهو ما يراه النائم مما يتعلق بأحداثه اليومية وهو تعبيرعن الرغبات المكبوتة أو أفكار تراود الشخص كأن تفكرين في امتحان مادةمعينة ثم ترين في منامك الامتحان وما يتعلق به .
آداب الرؤيآ
لقد وضع الإسلام جملة من الآداب العظيمة الراقية التي تتعلق بما يراه النائم ، وحري بكِ يا تفاحة القلب أن تتعرفي عليها .
هيا بنا ننطلق إلى سنة الحبيب – صلى الله عليه وسلم – لنقف على حديثه الذي علمنا فيه آداب الرؤيا ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( إِذَا رأَى أحَدُكُم رُؤيا يُحبُها فإنما هي من الله فليحمِد الله عليها وليُحدّث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكرَهُ فإنماهي من الشيطان فليستعذ من شرِّها ولا يذكُرها لأحدٍ فإنها لا تَضُرُه) . [ البخاري ]
1 / إذا رأيتِ الرؤيا الصالحة فاحمدي الله عليها ولاتخبري بها إلا من تحبين وتعلمين أنهم يحبون لكِ الخير ولا يضمرون لكِ فيقلوبهم السوء .
لماذا أمرنا الإسلام إذا رأينا الرؤيا الصالحة أن نحمد الله تعالى عليها ؟
لأن المسلم شاكر غير جاحد فمن كمال الأدب مع ربنا عزَّوجل وعلا أن نحمده تعالى على رؤيا طيبة أرانا إياها ، ألا ترين أننا في زمن أصبح فيهِ الواقع بل والمنام أيضاً يأس وإحباط فماذا تتوقعين بعد ليلةنمتِ فيها هانئة مُطمئنة ترين فيها من الله ما يسرك إلا أن يعقبه صباحٌ مشرق وضاء .
2 / وإذا رأيتِ ما تكرهين من أحلام مُفزعة وصورمروّعة فاستعيذي بالله من الشيطان واتفلي عن يسارِك ثلاثاً ثم غيري الجنب الذي كنتِ تنامين عليه ونامي على جنبكِ الآخر ثم لا تخبري أحداً بما رأيتِ .
ذوق رفيع :تأملي قوله عليه الصلاة والسلام عن الأحلام : " ولا يذكرها لأحد" كم فيها من توجيه ينمّ عن ذوق وخلق رفيع ، لذلك فإن تداول القصص السلبيةداءٌ معدٍ وعادة مذمومة ، ومجرمٌ ذلك الذي ينشر في الأمة الحزن واليأس ويُغذيها بعبارات الإحباط والتثبيط ويُسيء لدين عنوانه : " تفاءلوا بالخير تجِدوه" فإن الناس لديها من الهموم والمتاعب ما يكفيها ، فإما أن تكوني لمسةحانية فتخففي عنهم بكلمة حانية أو دعوة صادقة أو قصة هادفة أو أن تتحلي بالصمت باسمة : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" .
3 / أكثر ما يراه النائم في منامه أضغاث أحلام ،أحداث يومية يمر بها أو رغبات ملحة أو تفكير دائم في أمر ما فيراه في منامه وهذه لا يطلب تفسيرها ولا يلتفت إليها .
4 / لا تطلبي تفسير رُؤياكٍ إلا من عالم يفسر الأحلام والرؤى ولا تفسري لأحد رؤياه فإنها علم وفتوى لقول يوسف عليه السلام لصاحبيه في السجن { قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} ثم إن غالب تفسير الأحلام يعتمد على حال الرائي من حيث الاستقامة أو عدمها وعلى الظروف المحيطة به .
5 / قد يتأخر تحقق الرؤيا فلا يلزم تحققها سريعاًفبين رؤيا يوسف عليه السلام ثم تحقق رؤياه سنون عدة ، مر فيها عليه السلام بألوان البلاء من مؤامرة الأخوة لقتله ثم فتنة امرأة عزيز مصر ثم السجن ثم توليه الملك .. وكذلك رؤيا عزيز مصر بين تأويل يوسف عليه السلام لها وبين تحققها خمس عشرة سنة .. فلا تتعجلي وتريثي .
6 / الكذب مذموم وأذم منه أن يكذب المسلم في أمرالرؤيا فيدعي رؤيا لم يرها لأنه كذب على الله حيث يدعي بأنه رأى ما لم يريه الله لقول المصطفى – صلى الله عليه وسلم - :
( منْ تحلّمَ بحُلمٍ لم يَرَهُ كُلِّفَ أن يَعقِدَ بين شعيرتَيْنِ وَلَن يَفعل .. ) . [ البخاري ]
7 / " عدم الحرص الشديد على تفسير الرؤى ، والاكتفاء باعتبارها خيراً " ، إذ أن هناك من اشتهر بتفسير الرؤى ولكن مكانته جاءت من شهرته لا من عقله .. !!
-
انتبهي :لاتلجئي للكذب في إدعاء رؤيا بقصد هداية صديقة أو زجر عاصية أو ترهيب مُذنبةفإن القلوب لا تخشع والعقول لا تفتح إلا بالحقيقة .. إنه مسلك رأيته لدى العديد من الفتيات الغيورات على الدين المحبات لهداية أخواتهن ، فإن أرادت لهن نصحاً فإن القرآن قد اشتمل على أرقى أساليب الحوار والإقناع والترغيب والترهيب ..
8 / الرؤيا لا يبنى عليها حكم شرعي فلا يجوز بها أن نحلل حراماً ولا أن نحرم حلالاً ، فمن كانت في صراع مع نفسها والشيطان فيقرار الحجاب فرأت في منامها داعٍ يدعوها لنزع الحجاب فلا يعني ذلك أنهارؤيا صالحة عليها تحقيقها .. فالأحكام الشرعية لا تؤخذ إلا من مصدريالتشريع : الكتاب والسنة .
والآن ..وبعد أن تعرفت على آداب الرؤيا-