عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-11-12, 12:42 AM
أبو_إبراهيم
عضو نشط
الصورة الرمزية أبو_إبراهيم
رقم العضوية : 35244
تاريخ التسجيل : 16 - 8 - 2007
عدد المشاركات : 374

غير متواجد
 
افتراضي على الضفة الأخرى من نهر الحياة !!!
بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في ترجمة صله ابن الأشيم رحمه الله أنه مر بفتية يلهون ويلعبون.. فوقف.. وسألهم سؤلا.. قال: أرأيتم لو أن قوما مسافرين يلعبون في النهار وينامون بالليل.. فمتى يصلون إلى مرادهم؟.. فأجابوا: لا يصلون إلى مرادهم أبداً.. ثم مضى وتركهم..
ثم مر في اليوم الثاني.. فسأل نفس السؤال.. وجاءته الإجابة نفسها..
ثم مر في اليوم الثالث.. وحصل نفس الشئ.. إلا أن هذه الكلمات البسيطة وقعت في قلب أحدهم فقال: يا قوم والله إن الشيخ ليقصدنا.. إننا نلعب بالنهار وننام بالليل.. فلن نصل إلى الجنة أبدا.. وإني لاحق بالشيخ..
فقام ولحق بالشيخ ولزمه وطلب العلم عنده..
هذه القصة حصلت في عصر التابعين.. ولم تزل هذه الأحداث والأحوال تتكرر في العصور وتتسع عبر الأزمان وتتطور مع تقدم الانسان حتى بلغت أوجها في عصرنا هذا..
فما أكثر المساكين!! الذين يقتلون النهار بآلات اللهو واللعب والشهوات.. ويقطعون الليل بالنوم والسبات..
فحياتهم غفلة.. وعقولهم مهملة.. وأهدافهم معطلة..
ولا حول ولا قوة إلا بالله.. رحم الله الامام الحسن البصري لما راى شاباً يكثر من الضحك في مجلس, قال له: يا ابن أخي هل جزت الصراط؟ قال: لا, قال الحسن: أتدري أفي الجنة أنت أم في النار؟ قال: لا, قال الحسن: علام الضحك إذاً!!!
فحال هؤلاء يشبه حال الكفار.. الذين لا يؤمنون ببعث ولا جزاء ولا جنة ولا نار..
ولنعد آلاف السنين إلى قصة نوح عليه السلام.. حين أمره الله أن يصنع الفلك في الصحراء.. حيث لا بحر ولا ماء.. فامتثل أمر ربه بيمينه.. وبدأ في صنع السفينه.. وكلما مر به الجهال.. سخروا في الحال.. حتى صار حديث المدينه.. ماذا سيصنع نوح بالسفينه!!!
نوح له حال.. وهؤلاء في ضلال..
نوح يؤمن بالغيب.. وهؤلاء يعيشون في ريب.. فلا يدركون الحقيقة.. فيسخرون..
حقاً إنهم مسرفون.. لا مبدأ ولا منهج ولا إيمان.. لا تدرك عقولهم حقيقة وجودهم.. فلا تعمل أبدانهم إلا ما تشتهي.. وحين يرى المجنون عاقلا.. يرميه بالجنون!!!
وهكذا هم الصالحون اليوم لهم حال.. والناس لاهين عن المآل..
هكذا هم الصالحون امتلأت قلوبهم بذكر الآخرة وهمومهم الفوز بالجنة والسلامة من النار.. كيف وهم كل يوم يقرأون القرآن.. يعيشون الوعد والوعيد.. يعتبرون بحال من مضى.. ويتفكرون.. يتذكرون لحظات الاحتضار.. ومشاهدة ملك الموت.. يتذكرون سؤال القبر.. عذاب القبر.. ونعيمه.. يتذكرون الموقف العظيم.. في انتظار العزيز الحكيم.. يتذكرون العرض والحساب.. يتفكرون في الصراط.. فيتذكرون: وإن منكم إلا واردها.. فتخر قلوبهم تذللا وخضوعا.. تهون الدنيا ولذاتها.. وتنعصر الجفون دموعا..
يسجدون ويركعون.. يبكون ويتضرعون.. وبالاسحار هم يستغفرون.. كل ذلك يصدر عنهم.. ويخافون ألا يتقبل منهم..
وعلى الضفة الأخرى من نهر الحياة.. يعيش أكثر أهل الأرض في غفلة الشهوات.. لا يستعدون للموت ولا يحملون هم السكرات.. ينظرون للصالح من بعيد.. فيقولون: مسكين.. قيد نفسه بالحديد.. مسكين لا يعرف طعم الحياة.. كيف يقضي هذا العمر المديد!!
وقد قال عنه الرحمن الرحيم: والسابقون.. السابقون
سبقوا بالعمل الصالح في الدنيا.. وسبقوا بالمراتب العليا في الآخرة..
وقال عنه العليم الحكيم: ثلة من الأولين.. وقليل من الآخرين
ولا عجب أنهم في الآخرين قليل.. فما أكثر الملهيات.. ودعاة الشهوات..
وهؤلاء السابقون لا يأمنون النار.. مهما عملوا في هذه الدار.. بل إنهم يخشون أن تنزع منهم الهداية فيصيرون إلى شقاء.. كما يخاف الفقير أن يمنعه الغني من العطاء.. فهم في كل ركعة يطرقون باب الكريم.. اهدنا الصراط المستقيم..
فلله درهم ما أعجب حالهم.. وما أحلى سبيلهم..

قال ابن الجوزي:
‎لله در أقوام أطار ذكر النار عنهم النوم
وأطال اشتياقهم إلى الجنان الصوم
فنحلت أجسادهم وتغيرت ألوانهم
ولم يقبلوا على سماع العذل في حالهم واللوم
دافعوا أنفسهم عن شهوات الدنيا بغد واليوم
دخلوا أسواق الدنيا فما تعرضوا لشراء ولا سوم
جدوا في الطاعة بالصلاة والصوم
هل عندكم من صفاتهم شئ يا قوم؟؟؟


توقيع أبو_إبراهيم

قال يحيى بن معاذ:
على قدر خوفك من الله يهابك الخلق، وعلى قدر حبك لله يحبك الخلق، وعلى قدر شغلك بالله يشتغل الخلق بأمرك.