عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-11-10, 6:15 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي أثر سلامة القلب على سعادة المرء فى الدنيا والآخرة
أثر سلامة القلب على سعادة المرء فى الدنيا والآخرة


أهمية سلامة القلب:



لسلامة القلب عظيم الأثر في سعادة المرء في الدنيا والآخرة؛ فلا يكاد العبد
ينتفع بشيء في دنياه وأخراه أعظم من انتفاعه بسلامة قلبه: سلامته من الشرك
والنفاق والرياء والكبر والعجب وسائر الأمراض التي تعتريه، ولا أعني: أمراض
البدن التي منها أمراض القلوب، وإنما أعني: تلكم الأمراض التي تعتري القلب مما
يتعلق بدينه؛ فهي أعظم الأمراض فتكًا على الإطلاق وأشدها تدميرًا وأسوأها
أثرًا؛ بل وليست هناك مقارنة على الإطلاق بين مرضٍ بدني يعتري القلب ويحتاج
إلى بعض الأدوية والمُسكِّنات، وبين مرض يجرح دينه ويُذهب تقواه.



فالأخير يجلب على العبد نكدًا وهمًا وغمًّا وعذابًا في الدنيا والآخرة, أما
الأول فقد يُثاب عليه العبد المؤمن إذا صبر واحتسب، كسائر الأمراض التي يُثاب
عليها المؤمن إذا صبر واحتسب, كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال:[مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا
حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ
اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاه] رواه البخاري ومسلم .



ولكن من قصور نظر الخلق وقلة أفهامهم وضيق مداركهم؛ لا يُولون الأهم والأخطر ـ
وهو المرض المتعلق بالدين ـ أدنى أهمية، وفي المقابل إذا شعر أحدهم بأي مرض
عضوي يعتري قلبه من قلة نبضات أو سرعتها، أو أي نوع من تلكم الأمراض؛ فإنه
يبادر وبسرعة بالذهاب إلى الأطباء، ويسأل عن أعلم أهل الطب ، ويبحث عن أكثرهم
مهارة وأحذقهم تطبيبًا، ولم يدَّخِر وسعًا في الذهاب إليه، ولو كلَّفه ذلك
الغالي والنفيس من دنياه.

للشيخ / أبى عبد الله مصطفى بن العدوى


وخفي على هؤلاء أن هذه الحياة الدنيا إنما هي سنوات قليلات وأيام معدودات،
وبعد ذلك فهناك الدار الآخرة التي هي الحيوان، ولو كانوا يعلمون، تلكم الدار
التي يحتاج القرار فيها إلى سلامة القلب من الشرك والنفاق والعجب والرياء،
وسائر الأمراض التي نحن بصدد الحديث عنها؛ لخطورتها وسوء أثرها.



قال خليل الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم:[وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ
* يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ
سَلِيم] [سورة الشعراء، الآيات: 87 ـ 89].



قلبٌ سليمٌ من الشك والشرك والشقاق والنفاق, سليم من الغل للذين آمنوا ...
سليم من الرياء, سليم من الأحقاد...سليم لم يُصب بالقسوة ولم يختم عليه
بالأختام ... سليم لم يتلوث بآثار الجرائم والذنوب والمعاصي ... ولم يتدنس
بالبدع والخرافات والأوهام وظن السوء.



سليم يحمل كل هذه المعاني.



هذا هو القلب الذي ينفع صاحبه يوم القيامة، كما انتفع الخليل إبراهيم عليه
السلام:[وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى [37]] [النجم]. إبراهيم الذي ابتلاه
الله بكلمات فأتمهن فجعله الله للناس إمامًا:[ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ [84]] [الصافات].



بصلاح هذا القلب يصلح سائر الجسد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :[أَلَا
وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ
وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ القلب]رواه البخاري
ومسلم.



هذا القلب المنيب الذي يورث صاحبه الجنان وتقرَّب له وتُدنى، قال الله تبارك
وتعالى:[وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا
تُوعَدُون لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ
وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيب *ٍ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ *
لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ][سورة ق، الآيات: 31-
35].



هذا القلب المليء بالخير سبب في الفتح في الدنيا، وسبب في الخير في الدنيا
أيضًا، قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلِ لِّمَن فِي أَيْدِيكُم
مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَم اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ
خَيْرًا مِّمَّا أُخذ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [70]] [الأنفال]. فانظر إلى
الآية الكريمة، كفارٌ أُسروا ووقعوا في الأسر في أيدي المسلمين فمنهم من يقول:
إني كنت مسلمًا وكان في قلبي خير؛ فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: [قُلِ
لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَم اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ
خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخذ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [70]]
[الأنفال].



فالله يؤتي الخير بناءً على الخير الذي في القلوب ، وهو سبحانه يغفر الذنوب؛
للخير الذي في القلوب: [وَيَغْفِرْ لَكُمْ].



وها هم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كيف نزلت عليهم السكينة, وبما
نزلت بعد توفيق الله سبحانه لهم؟!! قال الله سبحانه:[لَقَدْ رَضِيَ اللهُ
عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في
قُلُوبِهِم فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
[ 18]] [سورة الفتح].