عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-11-09, 5:16 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
والناس في الصلاة على مراتب خمسة:

أحدها: مرتبة الظالم لنفسه المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها
وحدودها وأركانها.

الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكنه قد ضيع
مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار.

الثالث: من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو
مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته، فهو في صلاة وجهاد.

الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه
مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئاً منها، بل همه كله مصروف إلى إقامتها
كما ينبغي وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك
وتعالى فيها.

الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه
بين يدي ربه عز وجل، ناظراً بقلبه إليه، مراقباً له، ممتلئاً من محبته وعظمته،
كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات، وارتفعت حجبها بينه وبين
ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض، وهذا
في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.

فالقسم الأول معاقب، والثاني محاسب، والثالث مكفَّر عنه، والرابع مثاب،
والخامس مقرب من ربه، لأن له نصيباً ممن جعلت قرة عينه في الصلاة، فمن قرت
عينه بصلاته في الدنيا، قرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة، وقرت عينه
أيضاً به في الدنيا، ومن قرت عينه بالله قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله
تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.

وقد روي أن العبد إذا قام يصلي قال الله عز وجل: ( ارفعوا الحجب بيني وبين
عبدي )، فإذا التفت قال: ( أرخوها )، وقد فسر هذا الالتفات بالتفات القلب عن
الله عز وجل إلى غيره، فإذا التفت إلى غيره، أرخى الحجاب بينه وبين العبد،
فدخل الشيطان، وعرض عليه أمور الدنيا، وأراه إياها في صورة المرآة وإذا أقبل
بقلبه على الله ولم يلتفت، لم يقدر على أن يتوسط بين الله تعالى وبين ذلك
القلب، وإنما يدخل الشيطان إذا وقع الحجاب، فإن فرَّ إلى الله تعالى وأحضر
قلبه فرَّ الشيطان، فإن التفت حضر الشيطان، فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في
الصلاة.

وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة واشتغاله فيها بربه عز وجل إذا قهر
شهوته وهواه، وإلا فقلب قد قهرته الشهوة، وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه
مقعداً تمكن فيه كيف يخلص من الوساوس والأفكار؟! اهـ.

والقلوب ثلاثة:

قلب خالٍ: من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء
الوساوس إليه، لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً، وتحكم فيه بما يريد، وتمكن منه
غاية التمكن.

القلب الثاني: قلب قد استنار بنور الإيمان، وأوقد فيه مصباحه، لكن عليه ظلمة
الشهوات وعواصف الأهوية، فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع، فالحرب
دول وسجال.

وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة، فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر،
ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر، ومنهم من هو تارة وتارة.

القلب الثالت: قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب
الشهوات، وأقلعت عنه تلك الظلمات، فلنوره في قلبه إشراق، ولذلك الإشراق إيقاد
لو دنا منه الوسواس احترق به، فهو كالسماء التي حرست بالنجوم، فلو دنا منها
الشيطان يتخطاها رجم.


موسوعة طريق الجنة