عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2668  ]
قديم 2012-11-02, 3:13 PM
حامد نوار
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 127765
تاريخ التسجيل : 4 - 9 - 2010
عدد المشاركات : 11,179

غير متواجد
 
افتراضي
قال ابن القيم في زاد المعاد 3/235:
أَكْثَرُ الْخَلْقِ بَلْ كُلّهُمْ إلّا مَنْ شَاءَ اللّهُ يَظُنّونَ بِاَللّهِ غَيْرَ الْحَقّ ظَنّ السّوْءِ؛ فَإِنّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ يَعْتَقِدُ أَنّهُ مَبْخُوسُ الْحَقّ نَاقِصُ الْحَظّ، وَأَنّهُ يَسْتَحِقّ فَوْقَ مَا أَعْطَاهُ اللّهُ ، وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ: ظَلَمَنِي رَبّي وَمَنَعَنِي مَا أَسْتَحِقّهُ، وَنَفْسُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يُنْكِرُهُ وَلَا يَتَجَاسَرُ عَلَى التّصْرِيحِ بِهِ، وَمَنْ فَتّشَ نَفْسَهُ وَتَغَلْغَلَ فِي مَعْرِفَةِ دَفَائِنِهَا وَطَوَايَاهَا = رَأَى ذَلِكَ فِيهَا كَامِنًا كُمُونَ النّارِ فِي الزّنَادِ؛ فَاقْدَحْ زِنَادَ مَنْ شِئْت يُنْبِئْك شَرَارُهُ عَمّا فِي زِنَادِهِ، وَلَوْ فَتّشْت مَنْ فَتّشْته = لَرَأَيْت عِنْدَهُ تَعَتّبًا عَلَى الْقَدَرِ، وَمَلَامَةً لَهُ، وَاقْتِرَاحًا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا جَرَى بِهِ، وَأَنّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، فَمُسْتَقِلّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتّشْ نَفْسَك هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ؟
فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ** وَإِلّا فَإِنّي لَا إِخَالُك نَاجِيًا
فَلْيَعْتَنِ اللّبِيبُ النّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إلَى اللّهِ تَعَالَى، وَلِيَسْتَغْفِرْهُ كُلّ وَقْتٍ مِنْ ظَنّهِ بِرَبّهِ ظَنّ السّوْءِ، وَلْيَظُنّ السّوءَ بِنَفْسِهِ الّتِي هِيَ مَأْوَى كُلّ سُوءٍ وَمَنْبَعُ كُلّ شَرّ ، الْمُرَكّبَةُ عَلَى الْجَهْلِ وَالظّلْمِ، فَهِيَ أَوْلَى بِظَنّ السّوءِ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْدَلِ الْعَادِلِينَ، وَأَرْحَمِ الرّاحِمِينَ، الْغَنِيّ الْحَمِيدِ، الّذِي لَهُ الْغِنَى التّامّ، وَالْحَمْدُ التّامّ، وَالْحِكْمَةُ التّامّةُ، الْمُنَزّهُ عَنْ كُلّ سُوءٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَذَاتُهُ لَهَا الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ كُلّ وَجْهٍ ، وَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ ، وَأَفْعَالُهُ كَذَلِكَ كُلّهَا حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ وَأَسْمَاؤُهُ كُلّهَا حُسْنَى .