الرؤى والسحر
 هل للرؤى علاقةٌ بالسحر؟ وحتى أوضّح لكم الموضوع،
هل يمكن أن نَستدلّ على السحر ومن وضعه؟
ومتى ؟ وأين ؟ وما طريقة العلاج؟
من خلال الرؤى ؟
كثير من الناس عند سؤاله عن رؤياً رآها، تجده بعد أن يقصَّ رؤياه
عليك يقول لك ..
مع العلم أنّني مسحور.
أو: أرى منامات وأحلام وفسرت لي بأن عندي سحر وعمل لي عمل؛
ومن المعلوم أن المسحور يصاحبه بعض الأحلام.
أو: أنا مصاب بالعين من وقت طويل, ولم أجد علاجاً
أو: أُخبرت أنني معيون أو معيونة، ومن أخبرني ناس ثقات !!
أو: مع العلم أنني أقرأ عند فلان من مدة كذا وكذا، وبدأت أشعر بتحسن.
.... وغيرها .....
هذه أيّها الأخوة والأخوات أمثلة ونماذج لبعض الاتصالات
أو بعض الرسائل
المكتوبة التي تردُ بين وقتٍ وآخر، وهنا لي وقفات..
آمل منكم أن تقرؤها باهتمام ليكون حكمكُم صائباً إن شاء الله.
أولاً : السحر موجود وهو يؤثر في الإنسان تأثيراً حقيقياً ،
وكذلك العين حق وموجودة وقد جاء في الحديث الصحيح
قوله صلى الله عليه وسلم
(( لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ))
_رواه الإمام كما في شرح النووي في كتاب السلام
باب الطب والمرض والرقى (16/171)
وقوله كذلك : ((العين حق))_متفق عليه من حديث البخاري
ثانياً: الغفلةُ عن ذكر الله موجودة وهي آخذةُ في التصاعد بين الناس
لأسباب كثيرة ومعروفة من حبّ للدنيا وافتتان بها
وانتشارٍ للمعاصي وتساهل فيها،
وتساهلٍ في أكل الحلال.
ثالثاً: هُجرَ القرآن ورُكن على الرفوف في المساجد، أو البيوت،
وأصبح الكثير منا لا يقرؤه إلاَّ في أوقات قليلة، والبعض يقتصر
على قراءته في رمضان والبعض في يوم الجمعة،
أليست هذه حقيقة ... وأيُّ حقيقة!!
بل إن البعض اكتفى بتعليقه على الجدران دون قراءته.
رابعاً: أكثر الآباء والأمهات لا يعوّد أبناءه على المداومة
على الأذكار والأوراد الشرعية التي تقال في الصباح والمساء
وعند النوم وعند دخول المنزل،
ودخول الخلاء ، والأكل ، ولبس الجديد ...
وغيرها من أمور تتكرَّرُ على كل واحد منا كل يوم.
خامساً: انتشر الجهل، وقلَّ العلم وأقصد هنا العلمَ الشرعي وكَثُرَ
مدعو العلم الذين يفتون الناس بغير علم وبلا منهج أو ضابط
وهؤلاء تجدهم يقومون بمهمة إضلال لا هداية،
ووصفاتهم جاهرة لصرفها على من يزورهم،
فتارةً يقولون: يوجد عندك سحر، وأخرى: يوجد عندك عين،
وعليك بالحضور وعمل جلساتٍ من العلاج، وعليك وعليك،
ولا يتورع هؤلاء عن الكشفِ عن جسم المريض ولو كان أنثى،
والنفثِ في داخل جسمها .!
وأنا هنا أسأل هل هذا العمل مشروع؟
هل السنة جاءت لنا بمشروعية القراءة على المرضى
من الرجال والنساء ؟ << رابط
سادسا: ساهم بعض معبري الرؤى في شيوع هذه الظاهرة
_ أعني_ ظاهرة البحث عن العلاج من خلال الرؤى_
بكثرة تفسيرهم لبعض الرؤى بأنها منذراتٌ لأمراض تحصل
بسبب انتشار المعاصي....،
ومن خلال قول بعضهم أنه يستطيع معرفة العائن من خلال الرؤيا،
وقول بعضهم أنه توصل لعلاج نافع وشافٍ من خلال الرؤى
وقد جُرّب ونفع، وهكذا...
السلسلة تطول.
وأنا أقول هنا: بشّروا ولا تُنَفّروا، وارفقوا بالناس ، ولا ترهبوهم،
وعليكم عند تعبير الرؤيا إن كان فيها شرٌّ على الرائي
أن تطلبوا منه ما ورد عند رؤية الإنسان ما يكره من الأمور،
وأن كان فيها ما يدل على شيء غير سار لصاحب الرؤيا،
عليك يا أخي أن ترفق به ولا تُفْزعه،
قال ابن حجر [12/438] عند حديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم
لأبي بكر: (( أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً )) ،
أنَّ للعالم بالتعبير أن يسكت عن تعبير الرؤيا أو بعضها
عند رجحان الكتمان على الذكر.
بارك الله فيك وفي علمك
ولنقف مرة أخرى عند حديث عائشة حين عبرت للمرأة بموت زوجها
وأنها تلد غلاماً فاجراً
بقوله: (( مَهْ يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير
فإنَّ الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها )) رواه الدارمي
وقد قال ابن العربي عند شرحه لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( بينما أنا نائم رأيت أنه وضع في يَدَيَّ سواران من ذهب
فقطعتُهما وكرهتُهما،فأذن لي فنفختهما فطارا، فأولتُهما كذابان يخرجان))
فقال عبدالله: أحدهما العَنْسيُّ الذي قتله فيروز في اليمن، والآخرُ مسيلمة .
رواه البخاري
قال ابن العربي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتوقَّع بطلان أمر مُسيلمةَ والعَنْسيَّ، فأوَل الرؤيا عليهما
ليكون إخراجاً للمنام عليهما ودفعاً لحالهما، فإنَّ الرؤيا إذا عُبرت خرجت،
ويحتمل أن يكون بوحي، والأول أقوى_ ابن حجر _ الفتح (12/421)
وهذا ممكن كما قلناه إذا كان التعبير له وجه صحيح، فتنصرفُ إليه،
ولذلك قد يكون في رؤيا أحد السائلين أو السائلات ما يدلُّ على
عين أو مسّ فالأولى عدمُ تعبيرها، والاحترازُ منها بما ورد أنه
يدفع شرَّ مثل هذه الرؤى، والله اعلم،
ما لم تكن قد وقعت عليه فالأمر مختلف، فيخبره ليصبر
وهنا فائدة فقد تكون
الرؤيا مُحذّرة بشيء واقع من عموم الناس فهذا يكتم
كما قال العلماء لرجحان الكتمان
على الذكر
( بتصرف: ابن حجر) _ (12/438،421)

[line]
يمكن الاستفادة من المقالة بشرط الإحالة للموقع وصاحبه فقط ومن ينقل أو يقتبس دون إحالة فهو عرضة للعقاب الدنيوي والأخروي.
|
التعديل الأخير تم بواسطة الحسنى ; 2008-02-06 الساعة 5:34 PM.
توقيع الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
|
|