عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-05-27, 7:02 PM
الدكتور فهد بن سعود العصيمي
المشرف العام على الموقع
الصورة الرمزية الدكتور فهد بن سعود العصيمي
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 2 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 9,376

غير متواجد
 
افتراضي هل تقع الرؤيا الصادقة أو الصالحة من غير الرجل الصالح؟



الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

هل تقع الرؤيا الصادقة أو الصالحة من غير الرجل الصالح
؟

الحقيقة أنه سؤال مهم وجوابه هو: أن الرجل الصالح قد يرى الأضغاث ولكنه نادر لقلّة تمكّن الشيطان منه، بخلاف عكسه فإنَّ الصادق في رؤياه نادر الغلبة تسلط الشيطان عليه وقد جاء عن أنس بن مالك أن رسول الله
قال: (( الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة )) _
النووي
(15/23).

قال النووي : قال الخطابي المراد إذا قارب الزمان أن يعتدل ليله ونهاره وهذا أيام الربيع.
وقيل المراد إذا قارب القيامة، والأول أشهر عند أهل الرؤيا، وجاء في حديثٍ ما يؤيد الثاني والله أعلم أ.هـ.
والصادق أعظم أوصاف الأنبياء يقظةً ومناماً فمن تأسى بهم في الصدق حصل من رؤياه على الصدق.
قال المهلب : الناس على هذا ثلاث درجات:
أ _ الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير .
ب _ الصالحون، والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير فتقع رؤاهم كما رأوها في المنام تماماً.
جـ _ من عداهم... يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث وهم ثلاثة أقسام :
1_ مستورون، فالغالب استواء الحال في حقهم
2_ فسقة، والغالب على رؤياهم الأضغاث ويقل فيها الصدق ، وقد عنون البخاري في صحيحة : باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك. _ ابن حجر (12/381)
3_ الكفار، ويغالب على رؤياهم الأضغاث ويندر فيها الصدق جداً ويشير إلى ذلك
حديث : (( وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً )) الذي أخرجه مسلم.

وقد وقعت الرؤيا الصادقة من بعض الكفار، كما في رؤيا صاحبي السجن مع يوسف عليه الصلاة والسلام،
قال تعالى: { وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }
[
يوسف: 36 ].
وكما سبق عنون البخاري في صحيحة باب: رؤيا أهل السجون والفساد والشرك، ووقع في رواية: الشُّرابُ وهم أهل الشراب، والمراد الشراب المحرم،
وورد أنَّ الساقي قال ليوسف: رأيتُ فيما يرى النائم أني غرستُ حبّة فنبتت فخرج فيها ثلاث عناقيد فعصرتهنّ ثم سقيت الملك
فقال: تمكث في السجن ثلاثاً ثم تخرج فتسقيه على عادتك. فكان كما قال وخرج _ ابن حجر (12/382)
وكذلك رؤيا ملكهما، قال تعالى: { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ }
[
يوسف: 43 ]
ومعنى: { عِجَافٌ} مشتق من عجف والجمع عِجَافٌ وعُجْف والمراد ظهور العظام من الهزل.
وقد خصص بعض العلماء الرؤيا التي تنسب إلى جزء من أجزاء النبوة برؤيا المؤمن الصالح فقط لا الفاسق.
وقد سبق معنا قول القرطبي:
((
المسلم الصادق الصالح هو الذي يناسب حالُهُ حالَ الأنبياء، فأُُكرم بنوع مما أُكرم به الأنبياء، وهو الاطلاع على الغيب.. وأما الكافر والفاسق والمختلط فلا، ولو صدقت رؤياهم أحياناً فذاك كما يصدق الكذوب ، وليس كلُّ من حدّث عن غيب يكون خبره من أجزاء النبوة، كالكاهن والمنجم))_ابن حجر (12/379)
وقد تقدم لنا تعقب الإمام محمد السفاريني الحنبلي رحمه الله على قوله: فليعلم .
لكن يجب التنبيهُ هنا إلى أنَّ الرؤيا الصالحة التي تكون سبباً لشرع بعض الأحكام مقيدةٌ بما إذا وقعت في عهد رسول من الرسل فقط وأقرها، وأما لغيرهم من الناس فهي مبشرات أو منذرات، فقد يكون في تعبيرها بشارةٌ لصاحبها من خيري الدنيا أو الآخرة، وقد يكون فيها تحذيرٌ له من نقص أو تقصير في عمله أو في ديانته، وقد جاء في تفسير
قوله تعالى: {
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }[ الشورى: 51 ]
قال بعض السلف: { أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } أي في منامه فإذا طهرت النفس من الرذائل، انْجلت مرآة القلب، وقابل اللوح المحفوظ في المنام، وانْتقش فيه من عجائب الغيب، وغرائب الدنيا.
فمن الصدّيقين من يكون له في منامه مكالمة ومحادثة، ويأمره الله وينهاه في المنام،
وقد سُئل الرسول عن قوله تعالى : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } [ يونس: 64 ]
فقال: (( هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له ))
رواه الإمام أحمد 1/173 ثلاثيات الإيمام السفاريني.
[line]
يمكن الاستفادة من المقالة بشرط الإحالة للموقع وصاحبه فقط ومن ينقل أو يقتبس دون إحالة فهو عرضة للعقاب الدنيوي والأخروي.

التعديل الأخير تم بواسطة الحسنى ; 2008-02-06 الساعة 5:35 PM.


توقيع الدكتور فهد بن سعود العصيمي


والله أعلم، وليُعلم أن التعبير بالظن ، والظن يخطىء ويصيب.

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب:
علم التعبير صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده،ويثاب المرء على تعلمه وتعليمه.


الصفحة الرسمية على تويتر: د. فهد العصيمي @FahadALOsimy