إحساسُ فقـدْ
صاحبةُ قَلمْ
:
:
على ذاك المكتب ..
تحت الإضاءة الخافتة ..
:
قلبت وريقاتها ..
بين حرفٍ و آخر ..
إلى
آخر نقطة تلت توقيعها
تــأملت تقاسيم الورق ..
تـأملت الحروف ..
:
أَحست بشيءٍ مفقود ..
لم تُعرّ ذاك الشعور الدخيل أدنى اهتمام ..
/
/
لملمت أوراقها ..
رَتبتها .. اَخفتها عن أعين تَسترق ..
و تحاول في الخفاء هَدم أحلامها ..
:
الساعة .. تنذر بـاقتراب موعد الخروج للـعمل ...
رَتبت جلبابها بِخفـة ..
و حَملت حقيبتها ..
و سارت مُعلنة التوجـه للواقع ..
بـقوامها النحيل ..
و عينيها الموسومة بالأسى ..
خَرجت من حُجرَتِها ..
:
:
غير آبهة بما خَلفته وراءها من بعثرة ..
:
:
خطواتها .. تسير ببطء ..
و كأنها تُساق للموت لا العمل ..
العمل الّذي عاشت به سنينها الأخيرة برضا و اقتناع و أمل ..
**
آهـٍ أيُها الأمل
هو فقط الّذي رَحل و شوّه كل شيء خَلفه ..
**
:
:
سارت .. لتقابل واقعها الّذي سئمت منه و لم يَسأم منها
سارت في ذات الطريق
مارةً بنفس الشجر
..
تَذكرت من شاركتها الخُطـى
تَذكرت من هاتفت ..
تَذكرت من كانت لها الدُنيا بما شَملت ..
تَذكرت و تَذكرت ..
:
في الطريق أرداها الحنين
و زاد الشوق و زاد الأنين
استرجعت و تذكرت
حاولت أن تتماسك فلا اعتراض على قدر ..
:
:
لآزالت صورتها تنير خيالي ..
و تقبع خلف أجفاني
:
:
كيف تنساها .. و كانت التوأم لروحها .. لـ خُطآها
صُبح .. مساء .. تُناجيها ..
تُنصت لها ..
تـشتكي لها ..
و تواسيها ..
/
/
زاد على القلبِ المُعنى ..
عطر الذكريات ..
اختنقت به ..
فأرادت إيقاف المسير ..
بلا وعـي
تَحركت .. تَعدت أسوار الحَديقة
و اتكئت على كُرسي حَمل جَسدين ..
( مكانهما المعروف )
:
:
كُل من يَعمل في مقرها ..
يَعلم أنّه لهما ..
اتكأت .. و زاد الحـنين .. أغمضت العينين ..
إخفاءً للدمـع ..
تحاول الصمود
بَقيت من الزمن مُدّة ..
إلى أن سَكن الوَجـع ..
و التأم نزف العين ..
.
.
أارتسمت ابتسامة نَصر على شفتيها
إن هيّ استطاعت التغلب على نَحيب القلب
:
كانت على أهبة الوقوف
استندت على يدها اليمنى
و توقف كُل شيء
:
تَحسست بأناملها شيئا ما
أطلقت لنظرها العنان
( نَحت أوقفها ,, لـ يُعيدها لصراع القلب من جديد )
نَحت .. على ذاك الكُرسي
الّذي احتواهما يوماً
احـتوى مُشاجراتهما
مشاعرهما
أفكارهما
مشاريعهما الدعوية
دموعهما أحياناً
و ضحكاتهما العالية
الّتي تَطرب لها الطُيور الشادية
كلمات دونت بَيدها .. بيد الحبيبة الراحلة ..
من كانت لها خير عون ..
من كانت تسقيها النُصح كالشهد ..
و تهديها العظات كباقات ورد ..
كلمات كُتبت
بأناملها .. بقلبها الطاهر ..
بروحـها
:
/
:
حَرفين هما حرفها .. و حرف توأمها
لم تَربطهما أواصر رَحمٍ أو جوار ..
كانت أواصر الحُب في الله و الإخاء فقط
:
:
حَرفها و حرف تلك النائمة تَحت الثرى
دوّن تَحتها
( رباه لا تفرقنا أبدا )
بَكت ..
رَكعت بـ هونٍ شَديد ..
و نزفت من جَديـد ..
كانت تلك الحروف كَفيله بأن تكون مِعول هدم .. لكل معانِ الصمود
:
:
سَقطت
و
سَقطت عيناها تتأمل .. خَضرة المكان
هاهنا .. كانت .. و هناكَ كُنـّا
:
و اليوم رَحلت
تاركه إياي .. أُعاني الشقاء ..
تاركه أياي مُبعثرة مشتتة الأفكار ..
لا اُبصر الهدف
:
:
مَضى من الوقت مُعظمه
فقررت العودة إلى منزلها
استأذنت و لم يُرفض طَلبها بالاسترخاء
فالجميع يَعلم مُصابها..
:
:
في الطريق استرجعت جُل الذكريات
وصلت لـ دارها
فَتشت الأوراق ..
و عَلمت ما سر شعور الافتقاد
:
فَقد كَتبت حَرفها وَحيداً دون حَرف التوأم لها
:
أضافت ما فقُد ..
و دونت جُملة ظلت رفيقتها في كُل خاتمة
( رباه على منابر من نور أجمعني بها )
:
:
:
تحيّه
صاحبةُ قلمْ ..