عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2007-10-25, 2:30 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
الجملة الثانية: (محو الأسباب أن تكون أسبابًا قدحًا فى العقل) وهذه الجزئية من القاعدة تخاطب شريحة عريضة من مسلمى العالم اليوم، فكثير منهم يفعل ما يغضب ربه ويطلب ثوابه، ويبتعد عن مرضاته ويطلب جنته.
وهذا الفهم أي؛ محو الأسباب يتبناه بعض الجهلاء من أمتنا فيفعلون أفعالًا ويطلبون نتيجة لهذه الأفعال تتنافى والنتائج الحقيقية لهذه الأفعال إما فعلًا أو تركًا.
فمن أمثلة الفعل؛ طلب دخول الجنة وفعل المحرمات، وطلب النصر على الأعداء دون إعداد العدة، وطلب السفر وترك وسيلته من مركب وغيره.
ومن أمثلة الترك؛ ترك الزواج وإرادة الولد، وترك التداوى وإرادة الشفاء، وترك الشراب وإرادة الري، وترك الطعام وإرادة الشبع.
فكل هذه الأشياء أسباب لمسبباتها مَنْ ترك هذه الأسباب استحمقه الناس وقالوا: إنه مجنون، فهذا محو للأسباب أن تكون أسبابًا.

الجملة الثالثة: (الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح فى الشرع) وهذا يتضح مما حدث لنا معشر المسلمين اليوم من استبدال الذى هو أدنى بالذى هو خير, استبدال الضرائب بالزكاة, فهذا قدح فى شرع ربنا، وكأن لسان الحال يقول: إن هذا الشرع غير صالح، وهذا من أعظم الافتراء على الله ورسوله.
مع العلم أن الزكاة لا يتهرب منها أحد بل يدفع الناس فيها أكثر من غيرها خوفًا من الله ورقابة له, وحرصًا على براءة الذمة, فى حين أن الجميع في شريعة الضرائب يسلك الأبواب الخلفية فى التهرب منها ويبتدع الحيل للتخلص من غلوائها كليًا أو جزئيًا, كبيرًا كان أو صغيرًا.
وفى الزكاة جائز للإمام أن يقاتل من لا يدفع الزكاة كما فعل أبو بكر مع مانعي الزكاة وقال: والله لو منعونى عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه.
ولا يستطيع حاكم اليوم أن يقاتل المتهربين من الضرائب فشتان شتان بين شرع الحق وشرع الخلق.
وما يحدث اليوم من أزمات اقتصادية ما هو إلا بشؤم معصيتنا وإعراضنا عن شرع ربنا {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}[الأعراف96].
وكذا شريعة الحبس عقوبة لمن سرق أو زنى أو قتل، ومعلوم فى شريعتنا أن من سرق فجزاؤه قطع يده والزانى المحصن يرجم وغير المحصن يجلد والقاتل عمدًا يقتل وشبه العمد والخطأ فيه الدية.
ومن شؤم هذه المعصية أن السارق فى هذه الأيام يدخل السجن ويخرج منه أشد إجرامًا بسبب سوء المعاملة واحتكاكه بأرباب السوابق والمجرمين الكبار فيتعلم ما كان خافيًا عليه فيكون أشد سوءًا من ذى قبل.
وما انتشرت السرقة وكثر المجرمون إلا من شؤم معصيتنا لله وإعراضنا عن شريعته ومنهاجه الذى ارتضاه لنا.
ولو أن السارق أخذ عقابه الشرعى لم تُسول له نفسه بعدها السرقة، وكان عبرة وعظة لغيره ممن تجول بخاطره تلك الجريمة فيرتدع عن ذلك ويرعوي.
فاستبدالُنا هذه الأحكام بتلك يُعد من باب الإعراض عن الأسباب بالكلية ومن ثمَّ القدح فى الشرع!!.

فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يردنا إلى دينه ردًا جميلاً إنه نعم المولى ونعم النصير. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

----------------------------
(1) الثعالبى: 350-429هـ، من أئمة اللغة والأدب.
(2) (صحيح): أحمد ، صحيح الجامع 2831.
(3) (صحيح): البخاري ومسلم.