انطلقت مع سائقي الجديد بسيارة خصوصي أيضا وتوجهنا لمنطقة فيفا..
كان يحمل في وسط جسمه خنجرا مغمودا !!
سألته عن سر هذا الخنجر؟؟
قال هذا شيء ورثته عن أبي وهو من عاداتنا نحن أهل رجال ألمع!!
قال لي ؟
هل سبق ذهبت لمنطقة فيفا ؟
قلت لا..!!
قال هل هناك شخص تعرفه أو قريب ونحو ذلك؟
قلت لا !!
قال ياولدي المنطقة طريقها صعب ونحن سنصل إليها بعد منتصف الليل ..!!
فلماذا لا تبات في الفندق وغدا الصبح تذهب إليها..
قلت له أبدا ، أوصلني لفيفا وأنزلني عند جامعها وسوف أتصرف!!!
أخذت ألهيه بالكلام في أمور جانبيه لأشغله عن الأسئلة المحرجة؟؟؟
كنت أحسب الوقت وأسابق الزمن فإما أن يقبض علي أو أن أفر!!
ولكن أين الفرار وكيف ؟؟ والله لم أكن أدري !!!
فيفا منطقة ساحرة الجمال وهي جبل ضخم تسكنه قبيلة فيفا..
ومنظر هذه المنطقة ليلا أو نهارا منظر بديع للغاية!!
عندما وصلنا قريبا منها شاهدت أضواء متناثرة في ارتفاع شاهق يكاد يغطي الأفق!!
سألت السائق أين نحن متجهون؟؟
قال هذه فيفا !!
تقع المنطقة على الحدود اليمنية ولذلك قصدتها!!!
حينما وصلنا للمفرق المؤدي للجبل رأيت شققا مفروشة..
طمعت في الفراش الوثير فأنا لم أذق طعم النوم منذ حوالي 24 ساعة..
وفعلا غامرت بالنوم في الشقق مع أن ذلك خطأ قد يوقعني فيما فررت منه!!!
نمت كنوم الذئب ..
وفي الصباح توجهت لسوق المنطقة واسمها ( بني مالك) ..
ومنها يظهر جبل فيفا بوضوح خلافا لليلة الماضية..
اشتريت بعض الاحتياجات الضرورية ..
ثم تعاقدت مع سائق يوصلني لجبل فيفا المجاور ..
على أن يجد لي مكانا أسكن فيه هناك...
وهكذا كان..
استغرقت الرحلة من بطن الوادي للجبل حوالي الساعة ..
تدور في طرق ومزالق مهلكة ..
تعاقد لي صاحبي مع صاحب المنزل على أجر متفق عليه..
وكان رمزيا .. ووافقت عليه..
وحينما دلفت للغرفة المعدة للسكن..
رأيت بقايا شجرة القات على بساط الغرفة!!
سألت الصبي : هل هو مسموح !!
قال : نعم فقط في فيفا !!
المنزل الذي نزلت فيه يقف على هاوية سحيقة..
ومن نافذته ترى الناس والسيارات في أسفل الوادي كحجم الذر!!
ومع ضيق الطرقات تسير السيارات فيها بجرأة عجيبة لا يكاد يفعلها سواهم !!
أهل فيفا رجال كرام فيهم النخوة والشهامة ..
لا يشعر الضيف والغريب بأنه خارج أهله ودياره ولكن هيهات!!
فبالنسبة لي لا يغني عن حالي مال ولا بنون إلا رحمة أرحم الراحمين!!
كانت المناظر الخلابة من ذلك الجبل لا تغريني ،فقد صادفت قلبا خاويا فارغا!!
وما عساها تنفعني في محنتي وشقائي والله المستعان..
منذ يومين والأخبار منقطعة عني ..
ولم أحاول الاتصال على أي كان ، خوفا من معرفة موقعي الحالي!!
وآخر مكالمة لي كانت من الرياض مع أخي وزوجتي ..
وشرحت لهم حالي ...
وقلت لهم توقعوا عدم اتصالي عليكم فترة طويلة..!!
بعد ذلك بدأت فكرة تحديد طريقة العبور المناسبة خارج البلاد ..
كنت أحاول الحصول على المعلومات عن طريق الشباب الصغار لكي لا ألفت النظر..
كان بجوار غرفتي درج طويل ورقيق يوصل لمسجد صغير للغاية لا تتجاوز مساحته
5x5 متر مربع..
وفرشه جديد ومبني بشكل بدائي ، له كوة صغيرة في محرابه
تشرف على الوادي السحيق..