عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2012-09-22, 9:12 AM
هدوء الشراري
عضو نشط
رقم العضوية : 171147
تاريخ التسجيل : 1 - 5 - 2012
عدد المشاركات : 335

غير متواجد
 
Exclamation

فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس؛ إذ قال بعضهم لبعض:
أيكم يجىء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى
القوم [وهو عقبة بن أبي معيط] فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي وضع على ظهره
بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئًا، لو كانت لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون،
ويحيل بعضهم على بعضهم [أي يتمايل بعضهم على بعض مرحًا وبطرًا] ورسول
الله صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن
ظهره، فرفع رأسه، ثم قال: [اللهم عليك بقريش] ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ
دعا عليهم، قال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى: (اللهم
عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية
بن خلف، وعقبة بن أبي معيط) ـ وعد السابع فلم نحفظه ـ فوالذي نفسى بيده لقد
رأيت الذين عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القَلِيب، قليب بدر.


وكان أمية بن خلف إذا رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه. وفيه
نزل: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [سورة الهمزة:1] قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم
الرجل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به. واللمزة: الذي يعيب الناس سرًا، ويؤذيهم.

أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين. وجلس عقبة مرة
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبيًا أنبه وعاتبه، وطلب
منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، وأبي بن خلف نفسه
فت عظمًا رميمًا ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان الأخنس بن شَرِيق الثقفي ممن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد
وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، وهي في قوله تعالى:{ وَلَا تُطِعْ
كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}
[القلم:10: 13].

وكان أبو جهل يجىء أحيانًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه القرآن،
ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى، ويؤذى رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيل الله ، ثم يذهب مختالًا بما فعل، فخورًا بما
ارتكب من الشر، كأن ما فعل شيئًا يذكر، وفيه نزل: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى}
[القيامة:31]،وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم
رآه يصلى في الحرم، ومرة مر به وهو يصلى عند المقام فقال: يا محمد، ألم أنهك
عن هذا، وتوعده، فأغلظ لــه رسـول الله صلى الله عليه وسلم وانتـهره، فقال: يا
محمد، بأي شىء تهددنى؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادى ناديًا. فأنزل الله
{فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق:17، 18]. وفي رواية أن النبي صلى الله
عليه وسلم أخذ بخناقه وهزه، وهو يقول له:{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}
[القيامة:34، 35] فقال عدو الله : أتوعدنى يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت
ولا ربك شيئًا، وإني لأعز من مشى بين جبليها.

ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما بعد.
أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟
فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه،
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم إلا
وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه، فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بينى وبينه
لخندقًا من نار وهولًا وأجنحةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو دنا
منى لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا). هذه صورة مصغرة جدًا لما كان يتلقاه
رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الظلم والخسف والجور على
أيدى طغاة المشركين، الذين كانوا يزعمون أنهم أهل الله وسكان حرمه