
2007-10-20, 11:57 PM
|
ذهبت برفقة الشيخ صالح للفيلا المجاورة حيث سأستقبل الوالد قبل قدوم الشيخ..
بقيت في الخارج واقفا في الشمس .. ولا يقر لي قرار..
كنت أتصور غضب الوالد وهو رجل غضوب من طبعه فكيف وهو في هذا الحال؟؟
حيث مضى على هروبي من المنزل حوالي الخمسة شهور ...
بعد دقائق تقدم حارس الفيلا وفتح الأبواب الضخمة ودخلت سيارة جمس كبيرة لونها احمر وأسود وهي سيارة الوالد التي عهدت..
حينما دخلت مقدمة السيارة وكان بلاط الفناء مرتفعا عن مستوى الشارع لم يظهر لي وجه الوالد..
و لكن حينما استوت السيارة رأيت وجهه ..
لحيته بيضاء مختلطة بالسواد كما عهدته ووجهه عابس بل عليه علامات الغضب والانفعال.. وهذا ما توقعته بالتأكيد !!
كان مشهدا مضطربا يصعب علي وصفه ..
تقدمت لباب السيارة بعد أن استدار بها وأوقفها تحت المظلات ..
ففتحت الباب فانكببت على يد والدي وقبلتها وقبلت جبهته ..
فأشاح بوجهه عني ولم يرد السلام علي ..
لم أتضايق مما فعل فأنا أستحق منه أكثر من ذلك !!
لم ألاحظ أن معه شخصا آخر سوى حينما سلم علي، فاستدرت للصوت..
فرأيت أحد أصدقاء والدي اللذين يحبهم ويثق فيهم وهو الأستاذ مشرف الزهراني الأستاذ مشرف رجل عاقل ورزين ويثق والدي بنصحه ولذلك كانت صحبته للوالد ذلك اليوم من رحمة الله بي...
دخلنا لغرفة صغيرة ملحقة بالفيلا حيث تضمن لنا خصوصية كاملة..
جاء الشيخ صالح حينما علم بقدوم الوالد فصافح الوالد بحرارة شديدة كما هي عادته مع ضيوفه ولم يكن يعلم بالموضوع الذي بيني وبين الوالد ، فأخذ الشيخ صالح يثني علي وعلى حرصي على العلم وأن أعظم توفيق لله لي أن جعل لي قبولا لدى إمام الأمة الشيخ بن عثيمين .
لاشك أن تلك العبارات الصادقة التي نطق بها الشيخ صالح والتي خرجت منه بدون قصد حيث هو لا يعلم عن القصة أصلا ولم يخبره أحد بها ،كان لتلك الكلمات أثر في الموضوع فكأن معناها .. يا أبا محمد لا داعي للقلق فقد حفظ الله لك ابنك فليس هو كمن هم من أترابه من الشباب اللذين اشغلهم اللهو فأضاعوا دينهم ودنياهم
بل إن الله هيأ لابنكم مكانا لا تستطيع أنت ولا غيرك أن يضعه فيه بل هو فضل خالص من الله عز وجل !!
أحضر لنا القهوة والشاي وكنت أخدم الوالد وصاحبه ...
ولم نكن نتحدث بل كان الصمت رهيبا والهدوء منذر بشر مستطير ..!!
هذا ما تخيلته وتوقعته...
الحلقة السادسة والثلاثون
بقينا في انتظار قدوم الشيخ ولم يطل الغياب ..
دلف شيخنا للمجلس فوقف إزاء الوالد فصافحه ورحب به وصافح رفيقه ثم جلسو
كنت أراقب وجه الشيخ ووجه الوالد ..
كان وجه شيخنا كما سبق وذكرت على محياه الهدوء والسكينة
أما وجه والدي فقد كان على وجهه علامات الحيرة والخجل !!
فهو محتار مما سيقول وخجل من الشيخ صاحب المقام الرفيع..
أما أنا فإنني لا يحق لي الكلام بعبارة واحدة!!
فمن رأسي البليد خرجت كل هذه المصائب!!
قرأت في كتاب الحيدة والذي يروي قصة المناظرة المشهورة بين أحد علماء السلف ( نسيت اسمه ) وبين بشر المريسي إمام الجهمية وذلك في مجلس أمير المؤمنين المأمون..
حيث وصف ذلك العالم كيف أنه أصابته هيبة الموقف بين يدي الخليفة بالقشعريرة والارتباك، فلاحظ ذلك المأمون وكان رجلا داهية .. فأخذ يتحدث مع الشيخ في أمور خارج الموضع الذي جاء
من أجله نحو أحوال المدينة التي قدم منها وكيف الغلاء والرخص في الأسواق وهل جاءهم غيث وما حال الزرع والضرع ونحو ذلك.... يريد من ذلك كله أن يلطف الجو
المشحون ويذهب الروع عنه ...
وهكذا فعل شيخنا ذلك اليوم ..
أخذ يتحدث مع الوالد ويسأله عن عمله وكيف أحوال الطائف وعن الأمطار ونحو ذلك
كنت أرقب في وجه والدي الابتهاج..
وأخذت أسارير وجهه بالانفراج رويدا رويدا حتى إذا ما شعر الشيخ بتهيئته بدأ شيخنا في الحديث في الموضوع الأهم!!
|