- 2 -
لماذا الأدب ؟ 
* * *
وَإِذَا رُزِقْـتَ خَلِيقَـةً مَـحْمُـودَةً
فَقَـدْ اصْطَفَـاكَ مُقَسِّـمُ الأَرْزَاقِ
( حافظ إبراهيم )
* * *
مدخل ؛
ما أعجب حالنا ونحن أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
رسولنا عليه الصلاة والسلام خير من تخلق بالأدب العالي و كان خلقه القرآن ..
ثم ها نحن نشكو من سوء التعامل فيما بيننا ..
حتى وصل الحال بأن يستغرب أحدنا وهو يرفع صوته على من هو أكبر منه ، ويحرك يديه
يميناً وشمالاً ، إن قيل له تأدب ، أو أن فعلك هذا من قلة الأدب !!!!!
ترى ؛
هل حقاً إن الجرأة في الحديث مع الوالدين وتحديق النظر فيهما هو من الجرأة الأدبية المحمودة ؟!!!!!
وهل من المشروع غض البصر أمام من يعاتبنا من معلم و أخ أو عم أو خال ؟
وهل مانسمعه من صور الأدب عند سلفنا الطيب هي مجرد عادات توافق مجتمعهم فقط
و لاداعي لتطبيقها في عصر الجرأة و الانفتاح على العالم ؟
لماذا الأدب ؟
؟
أحبتي ؛
إن [ أدب المرء : عنوان سعادته وفلاحه ،
وقلة أدبه : عنوان شقاوته وبواره ،
فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب .. ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب .
فانظري إلى الأدب مع الوالدين : كيف نجى صاحبه من حبس الغار حين أطبقت عليهم الصخرة؟
وانظري كيف كان الإخلال بالأدب مع الأم - مع أن ذلك العابد فعله متأولاً - حين أقبل على صلاته ،
ولم يرد على نداء أمه ، ( ياجريج ) سبباً لرميه بالفاحشة ، و تسلط الناس عليه بهدم صومعته ،
وضربهم له ؟ ] [موسوعة نضرة النعيم ج1 / 145 - نقلا عن ابن القيم - بتصرف -]
لماذا الأدب ؟
لأن الأدب وحسن الخلق هو اقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..
(( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً )) - الأحزاب 21 -
وقد قال صلى الله عليه وسلم (( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )) -رواه مسلم -
لماذا الأدب ؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة
أحاسنكم أخلاقا ،
وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة
الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ).
قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال :
( المتكبرون )
- الثرثار : كثير الكلام ، والمتشدق : الذي يتطاول على الناس في الكلام - [ رواه الترمذي وصححه الألباني ]
فما أعلاها وأغلاها من جائزة .. لمن تأدب وحسن خلقه ..
إنها الجنة ..
والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لماذا الأدب ؟
لأننا حين نلتزم الأدب مع غيرنا .. ويلتزم غيرنا الأدب معنا ..
تصفو نفوسنا ..
ترتقي علاقاتنا ..
نسعـَد ، ونُسعـِد ،
ننام قريرات الأعين بما أصبحنا ننعم فيه من أدب .
فهيا .. مدي يدك .. وقولي .. إلى الأدب .. لننال أعلى الأرب .
