الموضوع: من السبب؟
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-10-15, 5:01 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
لا...لا تريد كلامك أنها ستبقى زوجتك وأم أولادك...لا تريد أن تسمع ما تقوله عن أنك لا يمكنك أن تنسى فضلها عليك..
لا تريد أن تسمع كل هذا الكلام...لا ...لا تريد...لا تريد...
ما إن فاقت من موجة البكاء الهستيرية التي كانت بها حتى وجدت نفسها لوحدها في الغرفة، أما هو، فقد أخذ حقيبته وخرج ليبيت ليلته في الفندق..
إذن هو مصرّ على الزواج منها..وماذا سيكون مصيرك يا سلوى؟؟وأولادك؟؟
لمن ستلجئين وأنت في هذه الغربة الموحشة ؟ لم تتخذي صديقة طوال السنوات الخمس عشرة الماضية.
كنت مكتفية ببيتك وعائلتك، حتى أهلك في الوطن صار اتصالك بهم متقطعا جدا منذ وفاة والديك..
آه يا سلوى ما أتعسك...وآه من الأيام ومن تقلباتها...
هذا ما كان يدور في خلدها طيلة الوقت.
وماذا عليها أن تفعل الآن؟؟؟
مرت الأيام ثقيلة وهي تعرف أن زوجها قد تزوج، ومضى شهر وبعده شهر، وهو يتصل ليطمئن على أولاده ، لم تقبل أن تكلمه، كان كلما اتصل أعطت السماعة لأحد أولادها..
إلى أن أتى اليوم الذي عاد فيه من السفر، كان منتشيا سعيدا، وكانت حزينة مدمّرة...
لم تستطع أن تستوعب فكرة زواجه من ثانية، ومن أنها ستلحق به بعد شهر، كيف؟
كيف يمكنها أن تتحمل كل هذا؟؟؟ وهي التي تشعر أنها مطعونة في كرامتها...
طلبت منه السماح لها بالسفر إلى بلدها عدة أشهر للراحة، فوافق بسرعة ودون تردد، وأصر أن تأخذ معها أولادها الأربعة..
طبعا..فعروسه الجديدة ستحضر قريبا..وكم سيلذ لهما أن يكونا لوحدهما دون أولاد ومسؤوليات..
ونزلت إلى الوطن...ذهبت إليه بعد انقطاع عنه فاق العشر سنوات، ذهبت لتجد صاحباتها أغلبهن تعلمن وتوظفن وتزوجن
ولتجد أختها الصغيرة وقد باتت معلّمة في الجامعة، وزوجها أستاذا فيها..وأخيها مهندسا مرموقا..
وزوجته معلّمة في مدرسة راقية...
وهي؟؟؟
هي لا شيء...امرأة محطّمة...كسيرة الفؤاد...
لم تستطع سلوى إخفاء الأمر كثيرا عن أخيها وأختها، اللذين تأثرا بذلك كثيرا، فنصحها أخوها أن تصبر وتتحمل لأجل أولادها
وأنها اختارت هذه الطريق فعليها أن تستمر بها للنهاية، ونصحتها أختها أن تطلب الطلاق وأن تبدأ من جديد..كيف من جديد؟؟؟
أبعد هذه السنوات؟؟؟أبعد خمس عشرة سنة تعود إلى مقاعد المدرسة؟؟
وكيف؟؟؟
لا يمكنها أن تترك زوجها الذي أحبته، والذي هو أبو أولادها..ولكن كيف يمكنها أن تتحمل وجود امرأة جديدة معهم في حياتهم..
وفي النهاية قررت العمل بنصيحة أخيها وقد كانت الأنسب في نظرها، فأمضت في البلد شهرا جعلته كالنقاهة ، وعادت إلى أمريكا، وهي مصمّمة على البقاء
مع زوجها وقبول الواقع.
في المطار استقبلها زوجها مرحبا، هو اشتاق لها ولأولاده...لا بل اشتاق للأولاد فقط، عرفت هذا بعد أن وصلوا إلى البيت، فقد كان يتجنب وبشدة الاختلاء بها..
ومرت الأيام، وهي تحاول التصبر والتجمل، وهو يزيد عنها بعدا يوما بعد يوم، حتى صارت عودته لبيته لرؤية أولاده فقط..
ما كان عادلا...هكذا كانت تشعر ...رغم أنه كان يقسم وقته بينهما بالتساوي ، ولكنها كانت تشعر بقرارة نفسها بالظلم..
وتغير أكثر بعد أن أنجبت له الثانية ابنهما الأول، فرحته به كانت لا توصف، وكأنه أول ولد له وليس الخامس،
واشتعلت الغيرة في قلبها، وسعرتها لامبالاته بمشاعرها وبهجره لها، حتى فارقها النوم، وعافت نفسها الطعام
فذبلت وهزل جسمها...وصارت تشعر بأعراض أمراض عديدة ليس أقلها الكآبة، وهو غير عابئ ولا واع لكل هذا..
إلى أن أتى اليوم الذي وقعت فيه مغشيا عليها ونقلت إلى المستشفى على جناح السرعة..
وقف معها إلى أن استعادت بعض وعيها...فتحت عينيها لتجده فوق رأسها، تبسم لها ابتسامة مقتضبة خجول..ومسك كفّها ووضعها بين راحتيه..
شعرت حينها بوسام الحبيب،، لكنّ هذا الشعور لم يستمرّ إلا لدقائق، إذ وهما هكذا رنّ جرس هاتفه ليتحوّل بعد ذلك وهو يردّ عليه إلى إنسان آخر
عرفت أنها هي المتصلة، نظرات عينيه اللامعتين، وابتسامته العريضة التي غطّت وجهه، وتهلل أساريره، كل هذا أخبرها أنها هي من كانت على الخط.
وسمعته يقول لها أنه لن يتأخّر، ساعة ويكون عندها ليذهبا معا للحفل..
وهي؟؟؟؟؟ أيتركها وهي في المستشفى طريحة الفراش؟؟؟
إن فعل فهو يقطع آخر حبل ود ووصال بينهما، لكنه فعل، وانقطع هذا الحبل..
و ها هي الآن في بلدها بعد ست سنوات من طلاقهما..
فبعد الطلاق مباشرة عادت وأولادها إلى الوطن وهناك جاهد أخوها لينسبها إلى المدرسة من جديد، ووقف معها حتى نالت الثانوية بتفوق
ودخلت بعدها الجامعة ودرست اللغة الإنكليزية، تلك اللغة التي لم تحاول مرّة دراستها وهي في أرضها، درستها وبرعت فيها ،فتخرّجت لتعمل معيدة في نفس
الجامعة ، ثم لتتزوج من رجل حنون حضنها وأولادها.
إلى هنا توقفت سلوى عن ذكرياتها لتنظر إلى ساعتها وتعرف أنها تأخرت على حفلة دعيت إليها وزوجها

نظرة أخيرة نظرتها سلوى إلى الغروب وهي تهزّ رأسها مذهولة ..وسؤال واحد يحيرها..
من السبب في كل ما حصل لها في حياتها؟؟