عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2012-09-02, 1:14 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي ما الفرق الحقيقي بين من يصلي وبين من لا يصلي؟


ما الفرق الحقيقي بين من يصلي وبين من لا يصلي
الدكتور محمد راتب النابلسي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس صلاح الأمة في علو الهمة.
النقطة الدقيقة في هذا الدرس ما الفرق الحقيقي بين من يصلي و بين من لا يصلي ؟
الفرق الحقيقي بين المصلي وغير لمصلي في الدنيا:
أقول لكم بادئ ذي بدء: إنه إن لم يكن هناك فرق كبير جداً في كل جوانب حياة الإنسان، بدءاً من عقيدته، ومروراً بنفسيته، وانتهاء بوضعه العام، فمعنى ذلك أن الذي يصلي لم يقطف ثمار صلاته، نحن نتحدث عن علو الهمة.
تقريباً: معظم المسلمين يصلون، لكن ما الفرق الدقيق بين من يصلي ومَن لا يصلي ؟ ليس الفرق أن هذا ناج أو هذا غير ناج، هذا موضوع متعلق بالآخرة.
أنا أريد الفرق في الدنيا، حينما تلتقي بإنسان مصلٍ، وتلتقي بإنسان لا يصلي، هل تجد فرقاً كبيراً ؟ أو لو جلست مع اثنين، ولا تعلم أيهما يصلي، هل تكشف من الذي يصلي ؟
1 ـ غير المصلي هلوع خائف:
نحن في علو الهمة، الحقيقة هذا السؤال أجاب عنه القرآن الكريم في سورة المعارج، فقال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
[ سورة المعارج: 19]
وقد قال العلماء: حيثما وردت كلمة إنسان معرفة بـ ( أل ) فهو الإنسان قبل أن يؤمن:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾
[ سورة إبراهيم: 34]
إن الإنسان خُلق في أصل خلْقه هلوعًا، في أصل فطرته ضعف خلقي لا ذنب له به، هكذا جبله الله، هكذا خلقه الله، هكذا فطره الله:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
[ سورة المعارج: 19]
شديد الخوف ينخلع قلبه لشبح مصيبة، لتقرير طبي ينبئه بمرض عضال ينتهي به إلى الموت:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
[ سورة المعارج: 19]
يخاف على وجوده، يخاف على سلامة وجوده، يخاف على كمال وجوده، يخاف على أهله، يخاف على أولاده، أي في أصل خلقه خوف شديد:
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾
[ سورة المعارج: 20]
2 ـ غير المصلي جزوع مضطرب:
ينهار، يضطرب:
﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾
[ سورة المعارج: 21]
3 ـ غير المصلي جزوع مضطرب:
إذا مسه الخير يقتّر على من حوله، قد ينفق على نفسه الملايين المملينة، أما على غيره فيعطي أقلّ مما ينبغي.
ما الفرق بين الذي يصلي والذي لا يصلي ؟ قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
[ سورة المعارج ]
من صفات المصلي:
ـ المصلي لا يخاف.
ـ واثق من أن الله لا يضيعه.
ـ واثق من أن الله لا يتخلى عنه.
ـ واثق من أن الله يدافع عنه.
ـ واثق من أن أمره بيد الله لا بيد خصومه، لا بيد الأقوياء:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
[ سورة هود ]
ـ المصلي يرى أن أمره بيد الله وحده، وأن الله يعلم، يعلم سره وجهره، يعلم نياته الطيبة، يعلم استقامته، يعلم عمله الصالح، وأن الله لا يضيعه، ولا يستوي المحسن مع المسيء.
مثلاً:
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة الجاثية: 21]
ـ أريد أن أؤكد أنك إذا كنت تصلي حقيقةً فلا يمكن أن تصاب بهذه الأمراض التي هي في أصل خلقك، شدة الخوف، الانهيار، الكآبة.
انتشار مرض الكاّبة في غير المصلين:
والله أيها الإخوة، يكاد مرض الكآبة يكون أكثر الأمراض انتشاراً في الذين لا يصلون، يشكون مرض الكآبة، الخوف، القلق لأنه لا يصلي، لأنه لا يعلم أن الأمر بيد الله، لأنه لا يعلم أن الله عز وجل هو الفعال:
﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾
[ سورة البروج]
هو يرى الشركاء هم الفعالون، يرى الأقوياء بيدهم مصير بلادنا، بيدهم اقتصادنا، يروجونه أو يضعفونه، بيدهم استقرارنا، يقلقوننا، أو نستقر إذا انبطحنا أمامهم، هذا الشعور مستمر، فلذلك المصلي يجب أن يكون معافى من هذه الأمراض، القلق، توقع المصيبة، توقع الشر.
واللهِ تجلس مع إنسان من شدة ما هو خائف ومنقبض، ومعه كآبة شديدة لا تستطيع بعد حديثه أن تقف:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾
[ سورة المعارج]
سوداوي، متشائم، قلق، محبط، يائس، الآن في أكثر المجالس كلام يسميه بعض المثقفين جلد الذات، أينما جلست نتهم أمتنا، نتحدث عن تخلفنا، نتحدث عن ضعفنا، نتحدث عن انقساماتنا، هذا من ضعف إيماننا، هذا من ضعف اتصالنا، قلة قليلة قلبت موازين المنطقة بخلاف جميع القوانين، بخلاف المعطيات الثابتة، بخلاف ما ينبغي أن يكون، إذاً: الله موجود، الله فعال، الأمر بيده:
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
[ سورة الزمر: 62]
﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾
[ سورة الأعراف: 54]
﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾
[ سورة الزخرف: 84]
مادام هناك تشاؤم، وسوداوية، ويأس، وإحباط، وقلق، والمسلمون انتهوا، أعداؤهم أقوياء، الإعلام بيد أعدائهم، والمال بيد أعدائهم، ومقدرات الأرض بيد أعدائهم، والتحالفات ضدهم، هذا الشعور شعور إنسان لا يصلي.
تطمينات وضمانات الله للمصلي للعابد :
1 – عدم تعذيبهم:
أما حينما تتصل بالله فلك عليه حق، الله عز وجل أنشأ للمؤمن حقاً عليه:
(( يا معاذ، ما حق العباد على الله إذا هم عبدوه ؟ قال: الله و رسوله أعلم، ثم أجابه قال يا معاذ حق العباد على الله إذا هم عبدوه ألا يعذبهم ))
[ متفق عليه عن معاذ ]
تطمين آخر:
2 – التسليم بالقضاء والقدر:
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾
[ سورة التوبة: 51]
تطمين ثالث:
3 – عدم الخوف والحزن:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
[ سورة فصلت: 30]
4 – الحياة الطيبة:
تطمين رابع:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
[ سورة النحل: 97]
هذه التطمينات أقوى من كل شيء، أقوى من كل ظرف، أقوى من كل معطيات، أقوى من كل ظروف.
ما لم يكن هناك فرق صارخ بين من يصلي ومَن لا يصلي فلن نقطف ثمار الصلاة، إنها صلاة جوفاء.
الآية:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
[ سورة المعارج: 19]
هلوع في أصل خلقه:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
[ سورة المعارج ]


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟