عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-09-30, 5:22 PM
back2allah
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية back2allah
رقم العضوية : 26773
تاريخ التسجيل : 24 - 3 - 2007
عدد المشاركات : 675

غير متواجد
 
Smile بيان لطف الله بالعباد عند المكاره
بيان
لطف الله بالعباد عند المكاره

للشيخ العلاّمة الإمام
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله وغفر له ولجميع المسلمين
1307 - 1376 هـ
* * * * * * *



الحمد لله الرؤوف الرحيم، البَّر الجواد الكريم، وأشهد أنْ لا إله إلا الله الـمَلِكِ العظيم، له الأسـمَاء الحسنى، والصفات العليَا، والإحسان العَميم، وله الرحمة الواسعة، والحكمة الشاملة، وهو العليم الحكيم، وأشهد أنَّ مُحمدًا عبده ورسوله، الذي قال الله فيه : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }.
اللّهم صَلِّ وسَلِّم وبارك على مُحمد وعلى آله وأصحابه، الذين هُدُوا إلى الحقِّ وإلى طريق مستقيم.

أما بعد، أيها الناس : اتقوا الله تعالى، فإن روح التقوى شُكر المولى على نَعْمَائِه، والصَّبر والرِّضَى بِمُرِّ قَضائه، شكره على المحاب والمسار، والتضرع إليه عند المكاره والمضار.

قال صلى الله عليه وسلم : « عَجبًا لأمر المؤمن إنَّ أَمره كُله خَير، إنْ أصابته سَرَّاء شَكَرَ فَكان خَيرًا له، وإن أصابته ضَرَّاء صَبَر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ». -1-

واعلموا أنَّ في تقديره للضَرَّاء والمكاره حِكَمًا لا تَخفى، وأَلطافًا وتَخفيفاتٍ لا تُحَدُّ ولا تُستقصى.
والمؤمن حين تُصيبه المكاره يغنم على ربه فيكون من الرابِحين، يغنم القيام بوظيفة الصبر، فيتم له أجر الصابرين، ويرجو الأجر والثواب فَيحظى بثواب المحتسبين، وينتظر الفَرَج مِن الله فَيحوز أَجر الراجين لِفضله الطامعين، فإنَّ أفضل العبادة انتظار الفَرَج العاجل، ورجاء الثواب الآجل.
والله تعالى يبتلي عباده، فإذا ابتلى لَطَف وأَعَان، وإذا تَصَعَّبَت الأمور مِن جانب تَسَهَّلَت مِن نواح أخرى، فيها الرأفة والامتنان.

أما ترون حين قَدَّرَ الله بِحكمته انحباس الغيث، ووقوع الجدب في النبات، كيف لَطَف بكم في حشو هذا البلاء بِنِعم مُتتابعات ؟! وأياد وآلاء سابغات، أَنْعَمَ عليكم بالآلات الحديثة التي قامت بِها الزروع والحروث، واستخرجت بها المياه، وتتابعت بها النقليات لجميع المؤن من الضروريات والكماليات، ومرافق الحياة، فلو أن هذا الجدب صادف الناس بغير هذه الحالة، لهلكت الحروث وتعطلت النقليات، لِقِلَّةِ المواشي وعَجزها، ولَوَقع بالعباد مَجاعات وأضرار، وقاهم الله شرها.

كما أنَّ مِن ألطافه ما يَسَّرَهُ للعباد مِن كثرة الأعمال المعينة على الرزق والمعاش، فقامت بِها أمور الأغنياء والفقراء، وتَمَّ بها الانتعاش.

فكم لله علينا من فضل عظيم، وكم أسبغ علينا من إحسان عميم.

فعلينا أنْ نَشكُرَ الله بالاعتراف بِنعمه وأياديه، وأن نتحدث بها في كل ما يُسره أحدنا ويُبديه، وأن نستعين بها على طاعته ونَتَّبِعَ مَرَاضِيه.

وعلينا أن نصبر ونرضى فيمَا يُدَبِّرُهُ مَولانَا ويقضيه، وأن يكون الفَرَج نُصْبَ أَعيننَا وقِبلة قُلوبنَا.

والطمع في فَضلِه غايةُ قَصدِنَا، ونِهاية مَطلوبنَا.

فإننا لَم نَرْجُ مَخلوقًا ولا مُمْسِكًا ولا عديمًا، وإنَّما نرجو ربًّا غَنيًّا جوادًا كريمًا.

لا يتبرم بإلحاح الملحين، ولا يبالي بكثرة العطايَا وإجابة السائلين.

عَمَّ البرايَا كلّها بِفضله وخَيره وعطائه، ووَسِع الخليقة كلها بِنعمه وآلائه.

أَمَرَنا بالدعاء والسؤال، وَوَعَدَنَا عليه الإجابة وكَثرة النَّوَال : { اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .

-1- : الحديث أخرجه مسلم (2999) من حديث صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه.

.

المصدر: الخطبة رقم ( 3 ) من كتاب :: الفواكه الشهية في الخطب المنبرية :: تأليف العلامة الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وجزاه الله خير
وعن نفسي نقلتها من عبدالله ابو عبدالرحمن من شبكة السحاب السلفيه


توقيع back2allah
اللهم لاتحرمنا خير ماعندك بسوء ماعندنا