السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا عسانا نقول عن أخونا عابر سبيل غير الخير وكلام يفوح من شذاه العطر! فالإنسان لا يحصد إلاّ ما يزرع، وأنت أخي الكريم ما زرعت إلاّ طيّبا. واسمح لي أن أقول لك بأن شخصك يفوق سنك نضجا ورشدا، فمشاركاتك هنا في المنتدى سواء في قسم التعبير أو غيره، تنم عن كونك شخص رزين متّزن في جعبته معرفة وعلم وافرين. فطوبى لوالديك بك ولدا صالحا.
اعلم أنك بفتحك هذا الموضوع تودّ الاطلاع على نقاط ضعفك أكثر من نقاط القوة، وربما أخي الكريم لن تجد ضالتك هنا، وإنما قد تجدها لدى المحيطين بك من أهل وأصدقاء لأنهم أعرف الناس بك، بحكم العشرة والاحتكاك ولأنهم تجمعهم بك مواقف شتى من مواقف الحياة. ولكن قد نفيدك في شيء من خلال معرفتنا بك في هذا المنتدى ومن خلال ما تبيّن لنا من مشاركاتك. فاستعد!
نقدي سيكون من نوع خاص، لن يخالف ما قلته في البداية. بمعنى سأنطلق من طرح ميزاتك وسأبين أن كلّ ميزة سلاح ذو حدّين. فلنبدأ:
لاحظت أنك محب للخير وتخدم غيرك بتلبية طلباتهم حتى وإن كانت كثيرة، وهذه ميزة جيّدة وحسنة، ولكن ماذا لو كنت في مركز قيادي (leadership) وكان تحت قيادتك بضعة رجال لكل طلبه (او ينتظر أن تنظر في ملفه وتبثه فيه) وبين هؤلاء الرجال من تميل إليه أكثر من غيره (بحكم احتكاكك به وعشرتك له ومعرفتك بأحواله) فتخصه باهتمامك وتمنحه الأولوية على رفاقه، ماذا سيحصل؟ أكيد سيبدأ الآخرون بالتذمّر ويصفونك بعدم الموضوعية والعدل تبعا لذلك، أليس كذلك؟
ما أودّ ان أقوله بهذه النقطة أن تحاول عدم الاسترسال في تلبية طلبات شخص بعينه على حساب الآخرين وأنت في موقع (leadership) (ولا تميلوا كلّ الميل).
لاحظت أيضا أنك تتسم بالمثابرة والاجتهاد وإن استعصى عليك أمر، لا تتركه حتى تحلّ الإشكالية وربما لن يغمض لك جفن قبل ذلك، وهذه ميزة جد مهمّة ومطلوبة في طالب العلم وكلّ من يسعى للارتقاء في درجات العلم. ولكن، ماذا لو كنت متعبا ونام نصف عقلك وأنت مازلت تصرّ وتلحّ على حلّ الاشكالية المطروحة؟ بلا شك قد يكون الحلّ الذي توصّلت إليه ليس بالحلّ المناسب، وبلا شك في اليوم الموالي بعد أن يستعيد ذهنك كلّ نشاطه سترى حلاّ غير الذي رأيته سابقا.
ما أريد ان أقوله هنا، أنه جميل أن تطرح المسألة من كلّ جوانبها وتنظر إليها من مختلف الزوايا وتلجأ إلى كلّ العمليات من طرح وجمع وقسمة، وربما في الجذر والجذر المربع...إلخ حتى تهتدي إلى الحلّ الصحيح، تماما كالمعادلات الرياضية وإن كان كلّ شيء نسبيا وليس مطلقا. ولكن أن تقوم بذلك في لحضات صفاء الذهن وكامل نشاطه.
لاحظت أيضا أنك طموح وتسعى إلى الارتقاء بنفسك إلى أعلى، وهذه أيضا ميزة حسنة، ولكن، ماذا لو كان هذا الطموح فيه أذى لغيرك؟ ماذا لو كان ما تسعى إليه فيه جوانب جيّدة لك ولكن قد يأخذ منك جوانب أخرى جيّدة فيك؟ هل ستواصل السعي وراء هذا الطموح أم تتركه لتحتفظ بكلّ الجوانب الأخرى الجيّدة. مثلا، في عملك تسعى للارتقاء إلى منصب نائب رئيس، لا شك أنه منصب فيه ارتقاء مادي ومعنوي أيضا مكافأة للجهود المبذولة، ولكن هذا المنصب ربما قد يتطلب منك تنفيذ قرارات تكرهها نفسك وقد يكون فيها إجحاف في حق الآخرين، ماذا ستفعل؟ هل تنظر إلى فائدتك الخاصة فقط وتقبل المنصب، أم تعتذر عن قبولها وتحتفظ بما يخدمك ويخدم إخوانك؟ (أرجو ان تكون الفكرة قد وصلت).
وسأكتفي بهذا القدر فقد اخذت حيّزا كبيرا واسترسلت في الكلام.
تقبّل مني أخي الكريم مروري وأرجو ان تنفعك هذه الملاحظات في شيء ولو القليل منه.
أعزّك الله ورفع من قدرك وشأنك وزادك علما وتواضعا.