عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-09-21, 7:18 PM
اليراع الذهبي
عضو فعال بالمنتدى
الصورة الرمزية اليراع الذهبي
رقم العضوية : 29038
تاريخ التسجيل : 2 - 5 - 2007
عدد المشاركات : 495

غير متواجد
 
افتراضي لَوْلا الْعَوَاذِلُ قُلْتُ : أَحْفَظُ عَصْرِنَا *** وَسِوَاه مِن حُفَّاظِنَا اِثْنَان

نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية
للعلامة الشيخ محمد الحسن الدَّدو




الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد : فهذه سطور من حياة العلامة الشيخ محمد الحسن الدَّدو ، فكّ الله أسره ، وأسبغ عليه ثوب الصحة والعافية .
بادئ ذي بدء فان لحديث عن الشيخ لاتوفّـي حقه أسطر يسيرة ، والكلام عنه يتشعّب بتشعّب مناشطه وتعدّد مواهبه ، ويترامى في كل اتجاه ترامي شهرته الواسعة ، وعلمه الغزير .

وسأتناول في هذه السطور القليلة شيئاً مما عرفته عنه في السنوات الماضية ، وما عرفته هو قطرة من بحر وغيض من فيض .

الشيخ بين النشأة والموهبة الربانية:
ولد الشيخ - كما قال لي - سنة 1386هـ في قريتهم الشهيـرة بـ (( أم القرى )) من إقليم شنقيط أي : أنه الآن على مشارف الأربعين بارك الله في عمره ، ونفع به الأمة .
وإذا أراد الله بعبد خـيـراً هيّء له الأسباب التي تعينه على مبتـغاه .

وإذا تأملنا في أسباب نبوغ هذا العلم نجد من أهمها :
1) المواهب التي فطره الله عليها ، وأكرمه بـها : من حدة الذكاء وسرعة الحفظ والفهم .
2) الوسط العلميّ الذي نشأ فيه ، فقد نشأ بين أبوين عالمين ، ولاسيما أمه ، فأمه من أسرة آل عبدالودود الـهاشمية ، فهو هاشمي من جهة أمه ، أما من جهة أبيه فهو حميـريّ ، ترجع أصوله إلى قبيلة حميـر باليمن كما حدثني بذلك .
وقد اعتنى أبواه به فحفَّظاه القرآن في سن مبكّرة ، حيث حدثني أنه أدرك في السنة الثامنة أنه حافظ للقرآن ولايدري متى حفظه بالتحديد ؛ لأن حفظ الصبيان للقرآن والمتون الأولية أمر مألوف عندهم ، ولايكون مستـغرباً كما هو الحال في سائر مجتمعاتنا العربية اليوم .

وقد تلقى عن أمه القراءات العشر ، وحفظ على يديها طائفة من المتون ، ثم أكرمه الله بملازمة جدّه لأمه العلامة الكبيـر الشيخ محمد علي بن عبدالودود ، الشهيـر بـ (( محمد عالـي )) ونشأ في حجره وهو طفل صغيـر ، فحفظ عليه الكثيـر من المتون المهمة في علوم الوسائل وعلوم المقاصد ، وتلقى عليه علوم الكتاب والسنة ، وقرأ عليه مطولاتـها ، وتعلّم منه العبادة والسمت الحسن والزهد والجدّ ، ولم يعرف لـهو الأطفال ، وعبث الفتيان ، وظل ملازماً لجدّه حتى توفـي رحمه الله تعالى ، وهو الذي يقول عنه في دروسه : قال شيخي جَدّي .

ثم واصل تلقيه العلوم في محظرة أخواله التي تعرف بـ (( محظرة آل عدّود )) فتلقى على خاليه العالمين الجليلين : (( محمد يحيى )) و (( محمد سالم )) وهما أشهر أبناء الشيخ (( محمد عليّ )) السالف الذكر علماً .
وأكثر تلقيه بعد موت جدّه عن بحر العلوم خاله الشيخ محمد سالم بن عدّود وهو الذي يقول عنه في دروسه : قال شيخي خالي ، ولم أر في حياتـي من يجمع بين علوم النقل والعقل مثل الشيخ محمد سالم أمتع الله به الأمة .
ولـهذا الوسط الصالح أثر في نشأة الشيخ محمد الحسن على سلامة المعتقد ، فأسرة ((آل عدّود)) أسرة سلفية المعتقد مع التربية على الاعتدال في السلوك والعبادة .
3) البيئة الريفية الـهادئة البعيدة عن مغريات الحياة وشواغلها ، ومظاهر الترف .
4) علوّ الـهمة لدى الشيخ .

طرف من أخباره في العلم والعمل ، والدعوة إلى الله ، وغير ذلك :
حفظه :
هو من أعاجيب الدنيا في الحفظ والاستحضار ، يشرح المتون الكثيـرة ، دون أن ترى بيده كتاباً،أو ورقاً إلا في حالات نادرة حين يريد نقل نصّ معين لم يكن حفظه من قبل ، ويحفظ من أشعار العرب ودواوينهم وشعر المعاصرين مالا يخطر على بال .
ومن أعجب ماسمعته منه ، ولم أنقله عن أحد : حفظه للمشهور من أقوال الأئمة الأربعة ، ومعرفته لدقائق علل الحديث النبويّ ، وإذا تكلم في فن قلت : إنه قصر نفسه عليه وأفنى عمره في تحصيله .
ومرة نظمت مقطوعة في ثمانية أبيات بمناسبة شفاء شيخنا العلامة الكبير محمد سالم من مرض ألمّ به قبل سنوات ، أمتع الله به ، وكان الشيخ محمد الحسن في حينها عازماً على السفر إلى موريتانيا ، وليس هناك وقت للالتقاء به ، فقرأتـها عليه عبـر الهاتف، ثم قلت له : أرسلها لك بواسطة الناسخ (( الفاكس )) فقال لي : مايحتاج ، أنا أوصلها له ، أي أنه حفظها من مرة واحدة ، ثم علمت من غيره أنه كتبها ودفعها إلى الشيخ محمد سالم ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

قدرته العجيبة على النظم :
رأيته مراراً ينظم في الحال ، بل يرتجل بعض المقطوعات،ونظمه نظم بديع ، وهو شاعر مجيد ، يقول الشعر على السليقة وله قصائد كثيـرة لم تجمع وقد ضاع الكثيـر منها .

نتاجه العلمي :
للشيخ نتاج علميّ كثيـر برغم انشغاله ، وله أبحاث ماتزال مخطوطة ، وفوائد منظومة متفرّقة ، وطبع من تأليفه رسالته التي أعدها لنيل درجة الماجستيـر ، من كلية الشريعة بالرياض ، وعنوانـها(( مخاطبات القضاة )) ونشرتـها دار الأندلس الخضراء بجدة ، ويشرف على سلسلة من المتون العلمية صدر منها ثلاثة متون وهي
1) هداية المرتاب للإمام المقرئ علم الدين السخاويّ رحمه الله تعالى .
2) موطأة الفصيح للإمام ابن المرحل رحمه الله .
3) ألفية الحافظ العراقي رحمه الله .
وأكثـر نتاج الشيخ دروس مسجلة في مئات الأشرطة في كثير من أنحاء العالم الإسلامي .

عبادته وجلده على ذلك :
شيخنا الدَّدَو : عالم عامل ، صوّام قوّام ، لايترك صوم يوم الاثنين والخميس ، وغيرهما من مواسم صيام النفل ، يكتفي في غالب أحواله بنوم الظهيرة ، وما رآه أحد من عارفيه نائماً على غيـر شقه الأيمن ، في حين أننا نحرص على النوم على الشق الأيمن عند ابتداء النوم ، لكننا إذا استغرقنا في النوم ، واستطلق الوكاء وتعالى الشخيـر والزفيـر ، انقلبنا على ظهورنا ، وأحسننا حالاً من سلم من الانبطاح والله المستعان .
ويتصف الشيخ بجلد لم أره في غيره ، فلا يمكن أن تراه يُـهوّم أو يتثاءب ، مهما توالى سهره ، واشتد تعبه .

ومن عجائب جلده : أنني طلبت منه أن يقابل معي نسخة بالخط الموريتانـيّ ، شقّ عليّ قراءتـها مع نسخة أخرى من أجل معرفة الفروق بين النسختين ، وكان بعد قدومه من سفر ، فواصلت معه إلى الثانية ليلاً ، ولم أستطع المواصلة ، فذهبت لأنام - وكان هذا في ليالي الشتاء الطويلة - ثم استيقظت قبيل أذان الفجر مستـعينا بالمنبه ، فجئت إلى الشيخ لأوقظه ، ظناً مني أنه قد نام ، فإذا هو قائم يصلي وقد أتم مقابلة المخطوطتين ودوّن الفروق بينهما ، فقلت في نفسي : ياللعجب.

تواضعه :
لم أر في حياتي أشد تواضعاً منه ، وإنه ليُخجِل زائره بفرط تواضعه ، ويكفي أنه يقدم لكل زائر له من محبيه نعليه إذا خرج من عنده ، ولايستأثر بالحديث ، ولايتكلم بحضرة شيخ سبق أن حضر دروسه في مراحل الدراسة الجامعية ، دائم البشر ، طلق المحيا ، مهيب وقور ، مسارع إلى خدمة الناس وقضاء حوائجهم لايردّ طلب أحد ، ولايحب الثناء ، ولا يسمح لأحد يتكلم في أهل العلم والفضل ، ولايحب الوقيعة في أحد من المسلمين حاكماً أو محكوماً .

تضحيته في سبيل الدعوة :
لقد جاب الشيخ أكثـر بلاد الدنيا داعياً إلى الله بالحسنى ، محذّراً من الغلوّ في الدين ، ومادُعي من مكان فـي العالم إلا ورحل إليه ، درّس العلوم ، وحاضر ، وواصل كلال الليل بكلال النهار ، في صبـر عجيب ، واحتمال للمشاقّ قل نظيـره في هذه الأزمان .

رحابة صدره ، ورباطة جأشه عند النقاش :
يمتاز الشيخ برحابة الصدر عند النقاش ، فلا تعتريه الحدة ، ولايضيق بالمخالف ، بل رأيته مراراً يمسك بأصابع المحاور ، ويعدد حججه بواسطتها في ثبات عجيب ، ولايملك من يناقشه إلا الامتـثال
أو السكوت على الأقل .

شيء من مواهبة :
شيخنا إلى جانب مواهبه الكثيرة يفسر الرؤى ، وهو بارع في ذلك ، ويتّبع في تفسيره هدي السلف ويقيد تأويله بإسناد العلم إلى الله تعالى ، ولايقطع في تأويله ويجزم ، ولا يؤوّل رؤيا بالتكلّف ، ولايؤوّل رؤيا يترتب على تأويلها مفسدة خاصة أو عامة .
وله معرفة تامة بالرقى الشرعية ، وعلاج السحر والعين ، وجُلّ وقته مبذول في قضاء حوائج الناس
أثابه الله تعالى ، مع معرفة عامة بعلوم أخرى كالفلك والطب وغيـرهما .