عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2012-05-21, 6:24 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي متدينون أخطأوا في تربية أبنائهم

متدينون أخطأوا في تربية أبنائهم

قال وبحسرة تعتصر قلبه والدموع تتحدر من عينيه: أتمنى أن أخشع في صلاتي وأن أبكي فيها مثل المصلين الذين سمعت بكاءهم خلف الإمام في ليالي رمضان، ثم تابع قائلا: نحن ثلاثة اخوة في البيت وأنا أوسطهم وكان والدي يضربنا من أجل الصلاة وهو شديد علينا، وأذكر أنه كان يوقظنا لصلاة الفجر بالضرب ونحن نيام، وكنا نقوم من نومنا فزعين خائفين وكأننا في فيلم مرعب، نذهب معه لصلاة الفجر أنا واخواي من غير وضوء خوفا منه، ومازلت حتى الآن عندما أذهب للصلاة أشعر بالكراهية من شدة الضرب الذي تلقيته من والدي.
وقصة أخرى يقول لي صاحبها: ان والده كان كل يوم يناديه ويأخذ هاتفه ليراقب ما فيه ويسأله: هل فيه صور مخلة بالأدب أو أفلام سيئة؟ وكنت أجيبه بأنه لا يوجد وأنا صادق لكنه لا يصدقني ويفتش هاتفي ويأخذه عنده ليراقبه، فلما رأيته يعاملني بهذه الطريقة صرت أهتم بالصور الخليعة والأفلام الجنسية الفاضحة، عنادا مني لا حبا في هذه الأمور، وبدأت أسلك سلوكا منحرفا ومازلت حتى هذه اللحظة.

وقصة ثالثة لفتاة صارت تتواصل مع شباب تتبادل الصور والأفلام معهم من خلال الهاتف والنت، ولما سألتها عن السبب في ذلك ردت علي بقولها: ان هذا التصرف عبارة عن ردة فعل لتصرفات والدتها تجاهها، علما بأن أمها متدينة وتعطي دروسا ومواعظ دينية، الا انها دائمة التجسس على كمبيوترها وجوالها، ولا تثق في ابنتها ولا تصدق كلامها.

وقصة رابعة لرجل عمره فوق الثلاثين عاما قال لي بحسرة: انني أدخن السيجارة بشراهة بسبب والدي، فاستغربت من كلامه وقلت له: كيف ذلك؟ فقال لي: لما كنت صغيرا وكان عمري اثنتي عشرة سنة كان عندي أصدقاء يدخنون، وأنا أجلس معهم، لكني لا أدخن ولا أحب التدخين، فلما أرجع للبيت يشم أبي رائحة الدخان في ملابسي فيضربني ضربا مبرحا وينهاني عن التدخين، وأنا أقول له صدقني أنا لا أدخن لكن أصدقائي يدخنون، لكنه لا يصدقني على الرغم من كثرة محاولاتي لاقناعه، فاتخذت قرارا بأن أبدأ التدخين بما أني أضرب كل يوم ووالدي يستوي عنده الصادق والكاذب، والآن تجاوز عمري الثلاثين عاما وأنا مستمر في شرب الدخان وأنا له كاره.

هذه نماذج عشتها وشاركت في علاجها ولم يحدثني أحد بها، والقاسم المشترك فيها هو حرص الآباء على تربية الأبناء التربية الدينية، وهو هدف نبيل جميل وكلنا نتمناه وننشده، الا انهم استخدموا وسائل تربوية خاطئة بسبب جهلهم التربوي او فقرهم لثقافة التدرج والمرونة والصبر عند غرس القيم الدينية، وهذا خلاف المنهج النبوي القائل: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق» ومتين اي واسع وقوي وعميق وهذه المعاني تحتاج منا عند غرسها في أبنائنا الى رفق ولين وصبر، ولا ينفع معها الضرب والعنف والغلظة.

فليس الهدف ان نجعل أبناءنا يمارسون العبادات شكلا فقط، وإنما المقصود ان يمارسوها وهم محبون لها مشتاقون اليها، ولهذا فإن أكبر تحد في التربية الدينية هو كيفية الجمع بين حرص أبنائنا على الصلاة والعبادات مع الحب لأدائها والمحافظة عليها وهذا هدف يحتاج الى فن ومهارة تربوية.

ان ما ذكرناه من قصص واقعية عن ضحايا للتربية الدينية الخاطئة متكررة في بيوت كثيرة، وأساس هذه النتائج السلبية التربية بمنهج (الغلظة) وهو ما حذر منه الله تعالى رسوله الكريم في قوله (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، ولهذا نجد أبناءنا اليوم ينفضون من حولنا، والكل ينادي ويصرخ: كيف نجعل أبناءنا يسمعون كلامنا او يطيعون أوامرنا؟

والجواب بسيط والمعادلة سهلة، وهي ان نعطيهم الأمن والأمان ولا نتجسس عليهم ونعاملهم باحترام ورفق ونصدقهم إذا تحدثوا ونحسن حوارهم، ففي هذه الحالة يعطوننا وهم محبون لنا الطاعة والاستجابة، والاحترام، بينما لو عاملناهم بالغلظة والضرب فقد ننجح ونفرح باستقامتهم وصلاحهم المؤقت ونحن نظن أنه صلاح دائم، لكننا نكون قد حطمنا ذاتهم ودمرنا سلوكهم وقيمتهم من حيث لا نشعر ونظن أننا نحسن صنعا.
جاسم المطوع


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟