إِنَّمَا هو اسْتِدْرَاجٌ
يقول سبحانه في سورة الأعراف " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿96﴾ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿97﴾ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿98﴾ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴿100﴾".
ويقول سبحانه وتعالى أيضا في سورة الأعراف " وَالَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ ﴿182﴾ وَأُملي لَهُم إِنَّ كَيدي مَتينٌ ﴿183﴾"
وفي سورة القلم " فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴿44﴾ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴿45﴾ ".
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هو اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُون ﴾ (الأنعام/44) " . ( حم ) 17349 انظر الصَّحِيحَة : 413
يقول ابن كثير في تفسيره : ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي وهم لا يشعرون بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة وهو في نفس الأمر إهانة كما قال تعالى : ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ ﴾ وقال تعالى : ﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ﴾.
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : كم من مستدرج بالإحسان وكم من مفتون بحسن القول فيه وكم من مغرور بالستر عليه.
وقيل لذي النون: ما أقصى ما يخدع به العبد؟
قال: بالألطاف والكرامات ﴿ سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ ﴾.
قيل اسْتِدْراجُ اللهِ تَعَالى العَبْدَ " : أَنْ يَأْخُذَه قَليلاً قَليلاً ولا يُبَاغِتَه .
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت .. ولم تخف سوء ما يأتي به القدر.
وسالمتك الليالي فاغتررت بها .. وعند صفو الليالي يحدث الكدر.
دخل على الإمام علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه أحد أصحابه وهو باكٍ فسأله علىّ : " ما يبكيك؟ "
فقال: لقد طلبت حوائج من الله عز وجل وقد أعطاني الله ذلك طلبت مالًا فأعطاني وطلبت بيتًا فأعطاني فبكائى ربما أكون من المستدرَجين (ربما أكون مبغوضاً عند الله تعالى فقد قضى حاجتى بسرعة حتى يردنى أو ليشغلنى فى أمور الدنيا)
فقال علىّ: هل ازداد شكرك لله منذ أن أعطاك هذه النعم؟
قال : نعم
فقال علىّ : إذن! اطمئن فهذه نعمة..