§¤°^°§مليكة بين عائلتها §¤°^°§
ابتسمت الحياة لـ ( مليكة ) فعادت لتعيش مع والدتها..
تقول مليكة : عدت إلى البيت مع هبوط الليل مازلت أذكر تلك العتمة وذلك الشعور الغامر في هدأت الليل بالفرح والسرور..كنت أتعجل الوصول إلى مهد الطفولة ..لأعوض ما فاتني من حنان ودفء في الأيام الخوالي ..هذا مكاني الطبيعي في بيتي وبين أهلي وعائلتي ..لقد عدت إلى حيث يجب أن أكون..
جُلت في البيت داعبت الجدران والأثاث ، نظرت مطولاً إلى الصور المعلقة كل أفراد العائلة كانوا هناك باستثنائي أنا ..
في كل تلك السنوات التي فاتني بعيداً عنهم ، كم غاب عني من قصص وذكريات وحكايات..!!هل هؤلاء حقاً إخوتي وأخواتي؟هذا أبي في بدلته العسكرية؟؟وهذه أمي في ملابسها الأنيقة؟؟لم أرها في هذه الثياب قبل اليوم ومن أين لي هذا وأنا كنت سجينة ومنفية هناك؟؟
عاشت مليكة.. مع والدتها ووالدها الذي كان من أقوى ( جنرالاًت ) الدولة ( نفوذاً) سياسياً، فعاشت في كنفه كـ( فتاة مدلله ) وعن تلك الأيام تقول :
( لا أحد كان يجرؤ أن ينظر إلى وجهي شزراً ، أو كان يستطيع أن يرمقني بعين حمراء ، كنت محط أنظار الناس ورعايتهم أينما ذهبت ، كنت أعيش في عالم كل شيء فيه ممكن ومتاح ، ومتوفر .. فوق العادة )
§¤°^°§الوداع للحياة السعيدة §¤°^°§
بعد ثلاث سنوات من هذا النعيم ، حدث ما لم يكن في الحسبان ، إذ دبر والدها مؤامرة ( اغتيال فاشلة ) ضد الملك ( الحسن الثاني ) مما أدى بالأخير إلى قتل أو فقير بخمس رصاصات، واحدة في كبده، والثانية في رئتيه، والثالثة في بطنه، والرابعة في ظهره، ثم جاءت رصاصة الرحمة في عنقه لترسل الرجل الثاني والقوى إلى العالم الآخر.
كانت هذه – المؤامرة - نقطة ( التحول ) في حياة مليكة وعائلتها فلقد ( بدلت ) هذه الحادثة( الحب ) الذي كان في قلب الملك تجاههم إلى ( كره ) ..!!
أمر الملك بسجن مليكة وعائلتها المكونة من أمها وستة ( أطفال ) أصغرهم ( عبداللطيف ) وكان عمره حينذاك( سنتان ونصف ) ..!!!
تتألم مليكة فتقول..
"كل المشاهد والصور العائلية التي كانت عالقة في خيالي كانت حزينة ومأساوية..موت أبي المفجع مراسم الحداد التي تلت ذلك..بينما كنت في غمرة ، لم يكن يراودني أدنى شعور بالضغينة أو الحقد ضد أحد ..حتى أنني لم أتخيل أبداً أنني قمت في أحلام اليقظة بأي ثورة أو تمرد أو مواجهة ..وحدها ذكريات الطفولة الباكرة كانت مقبولة نوعاً ما ..لكنهم سرعان ما سرقوها مني ..
أرى هنا أن أقسى ما واجهته مليكة هو ذالك الشعور بالتمزق والألم |--*¨¨*--|
لقد حاول أبي أن يقتل أبي ( بالتبني ) مما أدى إلى قتله ، كانت كارثة وقعت على رأسي أنا ..!![/خلال السنوات الأولى ..لم أكن أحلم إلا بالملك..كنت استحضر لحظاتنا المميزة والنادرة..كنت أنفضها عني لأعود إلى الواقع وأنا يمزقني شعور بالعار والذنب..كنت أبقى بعدها مشتته ومبعثرة لا أجرؤ على البوح بهذه الكوابيس لأحد من أهلي إنهم لن يفهموني ..ولم يتقبلوا مني هذه الخيانة..أبداً..
§¤°^°§عشرون عاماً من المعاناة §¤°^°§
عشرون عاما قضتها عائلة أوفقير في قبو تحت الأرض أو في بقايا سجن يقع على مسافة مئات الأميال من أي مدينة أو منزل محاط بحراسات وحضر تجول ، مع الأوامر التي يلقيها الحسن الثاني، بأن يحرم القتل على هؤلاء النسوة والأطفال الصغار، ولكن ينبغي أن يشاهدوا الموت في كل لحظة ويتمنونه… حاولوا الانتحار مرات عديدة وكتبوا بدمائهم وثيقة تذلل وطلبا للعفو ..
تقول مليكة عن ما فعله الملك ( الحسن الثاني ) تجاهها وعائلتها :
( إذا كنت أحترم دائماً الحسن الثاني باعتباره أبي بالتبني فأنني أكره فيه الظلم والتعسف الذين ألحقهما بنا دون رحمة ، أكرهه لحقده علينا ، أكرهه لما ألحقه بأمي وأخوتي من أذى لا يحتمل، ضاعت طفولة أخوتي إلى غير رجعة ، عانت أمي الأمرين ، وأنا تحطمت حياتي ..!!
كيف طاوعه قلبه على ارتكاب هذه الجريمة بحقنا ،وعلى قذفنا (( عشرين عاماً )) في أتون السجن المحرق ؟!! )
§¤°^°§مليكة تتحدث عن دورها §¤°^°§
*نجحت بتحمل عشرين سنة من السجن أفضل من أخوتي ربما لأنني كنت متمرسة وصاحبة خبرة في هذا المجال ،أعرف ماذا تعني الوحدة وأعرف ماذا يعني الهجران..ليس هذا هو كل ما يؤلمني ويمزقني كل شيء يمضي ويمر إلا أن يكون عدوك هو جزء لا يتجزأ منك..وتلك هي المصيبة والهزيمة..
* لقد توليت الاعتناء بهم ، وتثقيفهم وتأديبهم ، حاولت بشتى الوسائل الممكنة رفع معنوياتهم..كنت أختهم الكبرى وأمهم وأباهم ومستودع أسرارهم ، ومرشدتهم وحاميتهم..وكان هذا الأمر طبيعياً بالنسبة لي..كانت العاطفة التي أكنها لهم عميقة وأقوى من مجرد عاطفة الأخوة..على غرار أمي كانوا هم أكثر ما أحب في الحياة ..لأجلهم وحدهم كنت أتألم وليس لأجلي..
*علمتهن الثقافة والتهذيب والعلم وآداب السلوك واحترام الآخرين..لم أكن أسمح بأي عبث أو استهتار أو تجاوز للقواعد والأصول..كنت أُصر على التقيد بآداب الطعام أثناء تناول الوجبة.. غسل اليدين ، المضغ بتأن وروية ، الجلوس المستقيم ، عدم إهمال عبارات شكراً..من فضلك..معذرة..صــ194
*استطاعت مليكة أوفقير أن توصلهم بالعالم الخارجي بطريقتين الأولى "راديو" مهرب فكانوا ينصتون لما يحدث في العالم الغائب عنهم. وقامت بتأليف 150 قصة من خيالها على مدى 11 سنة فكانت ترويها لهم طوال الليل مثل شهرزاد من خلال أنابيب مرروها بين الزنزانات سرا فكان صوتها يصل إليهم حتى مطلع الفجر وهي تسليهم بقصة، وتخرج من قصة، وقصة تشرح قصة، وقصة تدخل في قصة،
يتبع.....,,,,,,