عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2007-08-27, 4:57 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي اضحك مع الفكاهة
اضحك مع الفكاهة


إن مما يروِّح عن النفس همومها بعد الله تعالى ، ويجلِّي عنها غمومها ، التسلية والفكاهة ، فهي تلطِّف المجالس ، وتزيد النفس بهاءً بعد القترة ، وعزيمة بعد الفترة ، والفكاهة في الدين لا بأس بها ، فهي جائزة في حدود الشرع وضوابطه ، بل هي مطلوبة في كثير من الأحيان ، سيَّما إذا ملَّت القلوب وكلَّت ..

عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ وهو مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللّهِ مَا تَقُولُ ؟ قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ ، حَتَّىٰ كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ ، وَالأَوْلاَدَ ، وَالضَّيْعَاتِ ، فَنَسِينَا كَثِيراً ..

قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَاللّهِ إِنَّا لَنَلْقَىٰ مِثْلَ هٰذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ ، حَتَّىٰ دَخَلْنَا عَلَىٰ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " وَمَا ذَاكَ ؟ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّىٰ كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ ، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ ، وَالأَوْلاَدَ ، وَالضَّيْعَاتِ ، فنَسِينَا كَثِيراً ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْكم لَوْ تَدُومُونَ عَلَىٰ مَا تَكُونُونَ عِنْدِي ، وَفِي الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَىٰ فُرُشِكُمْ ، وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلٰكِنْ يَا حَنْظَلَةُ ، سَاعةً وَسَاعةً " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ [ أخرجه مسلم ] .


هذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم في طبه للقلوب ، ذكر وعلم ، ثم ترويح عن النفس للاستجمام وأخذ قسط من الراحة ، والتفكر في مخلوقات الله تعالى ، وقضاء حوائج الأهل والمزاح معهم ، والأنس بهم .

تفسير خاطئ :
لقد كذب من زعم وقال : " ساعة لربك ، وساعة لقلبك " ، فالساعة التي لربك أطع الله فيها ، والساعة التي لقلبك افعل ما بدا لك فيها من المعاصي ، واقترف ما استطعت من الذنوب والآثام ، فأي دين يأمر بالمعصية ؟ وأي كتاب يشحذ الهمم للذنب واللمم ؟ تعالى الله عما يقول الكاذبون علواً كبيراً ..

قال تعالى : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف28 ] ، إن من تأمره نفسه بطاعة الله ساعة ، وعصيانه ساعة ، لهي نفس أمارة بالسوء ، متبعة لخطوات الشيطان ، قال تعالى : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة268 ] .

أقوال في الفكاهة والمزاح :
الفكاهة تزيل عن النفس غشاوتها ، وتُذهب غُبرتها ، وتعيد لها نشاطها ، فتقبل على خالقها وبارئها .
عن أسامة بن زيد قال‏ : "‏ روحوا القلوب تعي الذكر " .‏. وعن الحسن قال‏ :‏ " إن هذه القلوب تحيى وتموت فإذا حييت فاحملوها على النافلة وإذا ماتت فاحملوها على الفريضة " [ أخبار الحمقى والمغفلين ] .‏


وعن قسامة بن زهير قال : " روحوا القلوب تعي الذكر " [ مصنف ابن أبي شيبة ] ، وفي مسند الشهاب ، عن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " روحوا القلوب ساعة بساعة " [ ضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم 3140 ، وفي الضعيفة برقم 3649 ] .


قال المناوي في فيض القدير 7/3415 : " أي أريحوها بعض الأوقات من مكابدة العبادات بمباح لا عقاب فيه ولا ثواب ، وقال أبو الدرداء : إني لأجِمّ فؤادي ببعض الباطل _ أي اللهو الجائز _ لأنشط للحق .


وذُكِرَ عند المصطفى صلى اللّه عليه وسلم القرآن والشعر فجاء أبو بكر فقال : أقراءة وشعر ؟ فقال : نعم ! ساعة هذا ، وساعة ذاك .. وقال علي رضي اللّه عنه : " أجِمّوا هذه القلوب فإنها تمل كما تمل الأبدان أي تكل " .


قال بعضهم : إنما ذَكَرَ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأولئك الأكابر الذين استولت هموم الآخرة على قلوبهم ، فخشي عليها أن تحترق .. وقال علي رضي الله عنه : " روّحوا القلوب ساعة ، فإنها إذا أكرهت عميت " .


وفي الخبر : " على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها بمطعمه ومشربه ، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات " [ إحياء علوم الدين ] .


فكل تلك الأقوال والآثار تدل على مشروعية الفكاهة ، وأنه لا بأس بها من أجل صقل القلوب ، وترطيب النفوس ، حتى تعود إلى مدارسة العلم الشرعي بكل جد ونشاط وحيوية .